قرأت بتمعن واهتمام شديد الاقتراح البرلماني الذي قدمه النائب الدكتور عبد الله الطريجي قبل فترة قصيرة وأحيل بدوره إلى اللجنة الاسكانية الموقتة بشأن دعوة أهالي فيلكا من الراغبين في العودة إلى الجزيرة (وهي موطن رأسهم) بتسجيل اسمائهم في الجهات المعنية، مع ضرورة توفير البيوت الحكومية هناك بأسعار مناسبة وتنفيذ المشاريع المطلوبة على أرضها لسير الحياة الطبيعية فيها لكي تشمل جميع الخدمات الضرورية من الناحية التعليمية والصحية والاسكانية، وأيضا ربط فيلكا بجسرين عن طريق جزيرة بوبيان ورأس السالمية، وإشراك القطاع الخاص بنظام B.O.T في تنفيذ المشاريع لأهالي المنطقة.
حقيقة أعجبني هذا الاقتراح كثيرا، وذلك لما له من دور فعال في تنشيط عملية البناء بالبنية التحتية في الجزيرة من جانب، وفي عودة أهالي فيلكا لديارهم التي اشتاقوا اليها من جانب آخر، نقولها بعدما أهملت الحكومة ملف جزيرة فيلكا التاريخية رغم حاجة المواطنين الماسة للرجوع اليها بشكل أفضل مما كانت عليه لتعيد أمجادها، ولكن مع الأسف لا نعرف مدى حقيقة الاهمال الواضح فيها على جميع الاصعدة، فهل يعقل ان تكون جزيرة فيلكا بهذا المنظر الحالي المخيف بعد هجرة أهاليها منها منذ ايام الغزو العراقي الغاشم على الكويت لتكون مهجعا للكلاب والقطط الضالة؟ فلو نقارن فيلكا بين الماضي والحاضر نجد ان هناك فرقا كبيرا في الحياة، كيف كانت وكيف أصبحت صحراء قاحلة لا يسكنها أحد؟ فما المراد من بقائها هكذا دون اي استغلال لتاريخها ولآثارها القديمة التي ترجع إلى عهد الاغريق وما تحمله من ذكريات تاريخية ممتدة إلى عصور طويلة؟ ولكنني أتساءل عن سبب تأخر مشاريعها العمرانية إن كانت بغرض الإسكان أم السياحة؟ وما الجهة المتسببة ببقاء جزيرة تاريخية مثل فيلكا من دون قرار يستطيع انتشالها من حالة الركود التام والهجرة الموحشة؟ فهل يعقل أن نملك جزيرة ذات موقع جغرافي فريد ولا نعرف كيف نديرها أو نجعلها جزيرة الأحلام لكي تكون من كبرى الجزر السياحية في البلاد؟
إني أجزم تماماً بأن أهالي فيلكا مشتاقون كثيراً للعودة بأحر من الجمر، ولكن المشكلة أن لا الحكومة تريد العودة لهم، ولا تريدها أن تكون بأحلى صورة، ومن هنا نستغرب من غياب الرؤية الحكومية المستقبلية لجزيرة فيلكا، وكيف أن الحياة الطبيعية هناك أصبحت شبه معدومة؟ فلو كانت هذه الجزيرة التاريخية تابعة لدولة أخرى لرأينا فيها التغيير الفعلي ورأينا بها العجائب أو على الأقل الاستعجال في بناء مشروع تجاري استثماري أو سياحي ناجح بكل المقاييس نظير ما نشاهده من تغيرات عمرانية ضخمة لأشقائنا في دول الخليج الأخرى؟
نعم نقولها بحسرة، نحن ينقصنا وجود أصحاب قرار وأصحاب عقول متفتحة تواكب عملية التطور والتغيير في عالمنا اليوم لتنتشلنا من حالة الركود والعجز في أي مشروع سياحي في البلاد، ولو كنا نفكر ونخطط للحاضر ولمستقبل الكويت بطريقة صحيحة لما وصلت فيلكا بهذه الحالة المزرية...
نحيي النائب الدكتور عبدالله الطريجي على اقتراحه الإيجابي بشأن عودة الحياة لجزيرة فيلكا الذي قدمه للمجلس وأحيل للجنة الإسكانية، إذ ان فكرة ربط جزيرة فيلكا بجسرين فكرة ممتازة وتستحق الإشادة، نتمنى من الحكومة والمجلس أن يهتما بهذا المشروع الحيوي لنرى التطبيق الفعلي لهذا الاقتراح حتى تكون هذه الجزيرة قريبة أكثر من قلوب الكويتيين الذين يحملون ذكرياتهم الجميلة هناك، ففيلكا كانت وما زالت تقع في قلب كل كويتي يحمل الحب والولاء للوطن.
... ولكل حادث حديث.
[email protected]