الحدود الشرقية في مرمى نيران معركة يبرود السورية
إطلاق نار سياسي على الرئيس اللبناني
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
05:17 م
زنار نار يحوط الحدود الشرقية للبنان على وقع المعارك الدائرة في يبرود السورية، مخاوف من اشتعال «النار النائمة» على الحدود الجنوبية مع اسرائيل بعد غارة جنتا وتهديد «حزب الله» بالرد. اطلاق نار سياسية وفي شكل عنيف من «8 آذار» على رئيس الجمهورية ميشال سليمان لاسباب تتصل بأدائه ولا سيما موقفه الاخير من « الثلاثية الخشبية» القائمة على المعادلة التي كان فرضها «حزب الله» لشرعنة مقاومته (شعب، جيش ومقاومة). نار اقليمية مترامية تلفح لبنان من سورية الى اوكرانيا وما بينهما من شد حبال اميركي - روسي متعدد الساحات.
كل هذه الوقائع تشكل «الحديقة الخلفية» لما يجري في لبنان، لا سيما حول الطاولة المستطيلة في السرايا الحكومية التي تبحث عن تسويات «لغوية» لمكامن الصراع الاكثر حماوة، والمتصل بـ «حياد لبنان» وموقعه الاقليمي من جهة وبعلاقة الدولة بـ «كيان» مقاومة «حزب الله»، خصوصاً بعد الادوار الاقليمية للحزب الذي يشارك بقوة في الحرب السورية الى جانب نظام الرئيس بشار الاسد، حيث استهلكت مناقشات لجنة صوغ البيان الوزاري سبع جلسات مفتوحة على المزيد من التجاذبات بين «8 و 14 آذار»، عشية استحقاقات بالغة الاهمية بالنسبة الى لبنان، كاجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان في باريس يوم الاربعاء المقبل، وبدء العد التنازلي للاستحقاق الرئاسي بين 25 مارس الجاري و25 مايو المقبل.
وعشية الاجتماع الجديد للجنة صوغ البيان الوزاري غداً، نشطت الاتصالات في محاولة لتذليل العقبة الرئيسية المتصلة ببند المقاومة وسط اتفاق على مسألة حق لبنان بمقاومة إسرائيل والتمسك بكل أرضه وثرواته، ولكن مع خلاف حول أين تقف حدود الدولة ومرجعيتها.
ولاحظت اوساط سياسية ان «فرْملة» اللجنة الوزارية لعملية إنجاز البيان الوزاري أدخل عملها في سباق مع المهلة المحددة لإنجازه كي تنال الحكومة على اساسه ثقة البرلمان وهي 30 يوماً يكون انقضى منها غداً 17 يوماً ليبقى امامها فقط 13 يوماً، معتبرة ان الساعات المقبلة ستكون مخصصة لامرين هما: «خفض التوتر» الداخلي الذي أعقب كلمة رئيس الجمهورية في جامعة الكسليك حيث انتقد «المعادلات الخشبية» وطرح «ثلاثية ذهبية جديدة ودائمة» مكانها قوامها «الارض والشعب والقيم المشتركة» معتبراً «اعلان بعبدا» يسمو على البيانات الوزارية وبمثابة الدستور. والامر الثاني اختبار اذا كانت التعقيدات المستجدة في مناقشات البيان الوزاري تتصل بأبعاد اقليمية ام انها في اطار «رفع السقوف» لتحصيل أفضل المكاسب لكلّ من طرفيْ الصراع الداخلي اي 8 و 14 آذار وأيضاً لمحاولة ترميم ما «اهتز» في العلاقة بين بعض مكونات 14 آذار على خلفية الموقف من المشاركة في الحكومة وذلك من خلال التشدد في مقاربة «مسلّمات» هذه القوى حيال سلاح «حزب الله».
وفي هذا الإطار، استوقف دوائر مراقبة الحملة القاسية التي شنّها إعلام فريق 8 آذار على رئيس الجمهورية الذي لن يكون سعيداً وهو يغادر بيروت بعد غد على رأس وفد وزاري الى مؤتمر باريس لمجموعة الدعم الدولية للبنان الذي سيعقد في 5 و 6 الجاري من دون اكتمال اجراءات تثبيت الحكومة الامر الذي سيوجّه اشارة سلبية الى المجتمع الدولي الذي يسعى الى متابعة توفير المساعدات للبنان لمواجهة استمرار تدفق اللاجئين السوريين إليه، ودعم الجيش اللبناني، والصمود مالياً واقتصادياً، وايضاً الى تقديم رسالة حازمة بان الأسرة الدولية، رغم انقساماتها، متفقة على مساندة لبنان لتمكينه من مواجهة التحديات والمحافظة على توازنه واستقراره.
وقد بلغت الحملة على سليمان حدّ وصْفه من إعلام 8 آذار بانه «مهووس القصر» وان احتفالات «عيد المقاومة والتحرير» هذه السنة (مايو المقبل) ستكون «فرصة للاحتفال مرتين في يوم واحد. احتفال لتمجيد يوم طردت المقاومة الاحتلال من لبنان، ويوم يخرج من بيننا «مهووس القصر» من دون أسف»، فيما خاطبته إحدى الصحف في «رسالة وداع» بانه «ما هكذا يا صاحب الفخامة تُورد الإبل. يحق لك، على عتبة نهاية الولاية، أن تستعرض عضلاتك الفكرية. أن تحاول كتابة سطر أخير في سيرة ذاتية تؤهل صاحبها لشغل منصب ما بعد «القصر». هل هذا خطاب رئيس المقاومة أم رئيس الدولة؟ ليس خطاب المقاومة خطاباً خشبياً، إلا إذا كانت فوائده صارت صفراً في دفتر الحسابات والمآرب والشهية المفتوحة. هذه المقاومة عمرها من عمر لبنان. من عمر الكيان. لم تبدأ مع «حزب الله» ولن تنتهي معه، شاء من شاء من «كتبة» البيان الوزاري، أم أبوا».
ومن خلف «غبار» المواجهة المستجدة بين رئيس الجمهورية وفريق 8 آذار، بقيت «عيون بيروت» على مجموعة مؤشرات «غير مطمئنة» امنية وسياسية أبرزها:
• «اشتعال» البقاع الشمالي اول من امس بنيران سورية من جانبيْ النظام والمعارضة اللذين استهدفا بريتال (معقل لـ «حزب الله») بالصواريخ وعرسال (السنية المؤيدة للثورة السورية) بغارات ادت الى مقتل ثلاثة نازحين سوريين وجرح خمسة قبل ان يعلن تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» «داعش» مسؤوليته عن قصف بريتال وجرودها بصواريخ غراد، وذلك رداً على الكمين الذي تعرض له الاهالي في العقيبة، وما يمارسه «حزب الله» الذي وصفه التنظيم «بحزب الشيطان» على «اهل السنّة من ترويع وقتل واجرام في كل مكان.»
• «سوء الرؤية» في المناخ الدولي الاقليمي، لا سيما بعد الغارة الاسرائيلية على «جنتا» وفشل مؤتمر جنيف - 2 لتعلو قرقعة السلاح والمعارك الضارية في يبرود، وكلام رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الايراني علاء الدين بروجردي من بيروت عن ان «لبنان وسورية هما في محور المقاومة، وأن إيران تدعمهما» الامر الذي اعتُبر رسالة من طهران الى الرياض.