مقايضة «الثلاثية» بـ «إعلان بعبدا» تؤخر البيان الوزاري
الطيران الإسرائيلي «على خط» التشابُك بين الواقع اللبناني والحرب في سورية
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
04:59 م
لم يكن ينقص الوضع اللبناني الممزق بين آمال أحياها تشكيل الحكومة الجديدة وواقع أمني يمعن في إشاعة المخاوف الا دخول اسرائيل على خط التشابك الواسع بين الواقع الداخلي والحرب في سورية من خلال الغارات التي شنّها الطيران الحربي الاسرائيلي على الحدود الشرقية للبنان مع سورية في ساعة متقدمة من ليل الاثنين.
ولعل المفارقة الشديدة الغرابة التي اعقبت هذه الغارات تمثلت في الغموض الكبير الذي اكتنف حقيقة ما جرى وسط تكتم «حزب الله» عن هذا التطور واتباع اسرائيل سياسة التعتيم الرسمي عليه اسوة بالغارات التي سبق لها ان شنتها على مواقع داخل سورية منذ بداية الحرب في سورية.
وفي اي حال فان الدوائر الامنية اللبنانية الرسمية نفسها بدت مفتقرة الى معلومات تفصيلية عن نتائج الغارات الاسرائيلية على جرود جنتا - النبي شيت ولكن المعلومات التي شاعت على نطاق واسع اشارت الى استهداف اهداف مباشرة لـ «حزب الله « مرجّحة ان تكون هذه الاهداف صواريخ بالستية ثقيلة لان اسرائيل لا تتحرك بهذا الشكل الا لضرب أهداف استراتيجية مماثلة. وتستبعد المعلومات نفسها ان تكون الغارات هذه مؤشراً لتورط اسرائيلي في معركة يبرود.
في اي حال سادت الوضع الداخلي امس حالة انتظار وترقب لما يمكن ان يتكشف عنه هذا التطور وخصوصاً لجهة رد فعل «حزب الله» بعدما اتسم تعامل وسائل الاعلام التابعة للحزب بكثير من الغموض والتحفظ، الامر الذي رأى فيه المراقبون دليل إحراج وإرباك مستبعدين تالياً حصول تداعيات عسكرية له على صعيد الجبهة الجنوبية مع اسرائيل اقله في المرحلة الحالية.
وجاء هذا التطور متزامناً مع المناقشات الجارية داخل الحكومة حول بيانها الوزاري وتحديداً في المفاصل الاساسية المتعلقة بتداعيات الازمة السورية على لبنان ليزيد المشهد توهجاً. ذلك ان اللجنة الوزارية المكلفة صوغ مشروع البيان الوزاري للحكومة كان يفترض ان تنهي مهمتها مساء الاثنين باجتماع اخير يُتفق فيه على الاشكالية الاساسية المتعلقة بادراج «اعلان بعبدا» في البيان بديلاً من معادلة «الجيش والشعب والمقاومة». ولكن الامر تعذر في ظل اصرار حزب الله على ادراج صياغة تنص بوضوح على الحق في مقاومة اسرائيل كما في ظل اصرار وزراء 14 اذار على ادراج اعلان بعبدا.
ومع ذلك قالت مصادر وزارية لـ «الراي» انها تستبعد حصول مشكلة رئيسية من شأنها عرقلة مهمة اللجنة الوزارية وتأخيرها لان ليس هناك رفضاً قاطعاً لدى»حزب الله « للاشارة الى اعلان بعبدا في البيان الوزاري ولا ثمة ايضاً رفض لدى 14 اذار للاشارة الى المقاومة في البيان. وقالت ان الساعات الاخيرة شهدت اتصالات كثيفة من اجل التوصل الى صياغة توافقية من شأنها ادراج المعادلتين معا من دون اغراق في التفاصيل والانشائيات اللغوية بما يقطع دابر رهانات على انفجار خلاف مبكر داخل الحكومة يهددها قبل مثولها امام مجلس النواب لنيل ثقته.
ورأت المصادر انه في حال اصطدمت اللجنة مجددا بخلاف على هذه النقطة، فان الامر سينطوي حينها على خلفيات طارئة لم تكن محسوبة وربما تكون على جانب من الخطورة لارتباطها بخلفيات اقليمية اكثر منها داخلية. وهو الامر الذي يفترض ان يتبلور في الساعات المقبلة خصوصاً ان ثمة استعجالاً لانهاء مهمة اللجنة وعقد جلسة لمجلس الوزراء لاقرار البيان بصيغته النهائية والمثول امام مجلس النواب قبل الخامس من مارس المقبل موعد انعقاد مؤتمر مجموعة الدعم الدولية للبنان في باريس للنظر في تقديم المساعدات للبنان في ازمة النازحين السوريين الى ارضه.
وكان ليل الاثنين شهد قصف الطيران الاسرائيلي «هدفاً لحزب الله» عند الحدود اللبنانية السورية، وفق ما نقلت «فرانس برس» عن مصدر أمني لبناني، من دون أن يتم التأكد إذا كان الهدف داخل الاراضي اللبنانية أو السورية.
وأوضح المصدر أن الطيران الإسرائيلي ألقى صاروخين قد يكونان سقطا في أرض لبنانية، إلاّ أنّ تلفزيون «المنار» أشار الى أن «لا غارة اسرائيلية داخل الاراضي اللبنانية»، من دون إعطاء تفاصيل إضافية. علماً ان وكالات عالمية كانت اكدت بدايةً ان الطيران الاسرائيلي «يقصف أهدافا في جرد بريتال وجرد الخريبة في لبنان» في وقت افيد عن «شن غارتين على الجرد المقابل لبلدتي جنتا ويحفوفا داخل الأراضي السورية».
وفي حين نقلت قناة «العربية» استهداف الطيران الاسرائيلي مواقع لحزب الله قرب الحدود اللبنانية - السورية، مشيرة «الى سقوط قتلى من حزب الله في الغارات الإسرائيلية على البقاع»، اوردت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية «ان الطيران الحربي الاسرائيلي شن غارتين على جرود النبي شيت بالقرب من الحدود اللبنانية - السورية»، فيما قالت تقارير اخرى «ان الغارة استهدفت منطقة فيها معابر غير شرعية بين لبنان وسورية وتستخدم في نقل عتاد واسلحة»، قبل ان تتحدث محطة «ام تي في» عن استهداف شاحنة لحزب الله تنقل اسلحة من سورية الى لبنان.
من جهته تحدث المرصد السوري لحقوق الانسان عن «قصف الطيران الاسرائيلي مركز قاعدة صواريخ لقوات حزب الله اللبناني التي تشارك بعمليات القلمون (السورية الحدودية مع لبنان)، قرب قريتي جنتا (لبنان) ويحفوفا (سوريا) على الحدود، ولا يعرف إذا كانت المنطقة داخل الاراضي السورية أو اللبنانية».
ويُذكر ان وسائل اعلام قريبة من قوى 14 آذار تحدثت امس عن مقتل المدعو الحاج حسن منصور (من بلدة أنصار - النبطية) الملقب بـ»أبو علي ميثم» في الغارة الاسرائيلية، لافتة الى ان منصور «مدرب ميداني في معسكر تابع لـ «حزب الله» في جرود النبي شيت في البقاع».
نتنياهو: سنقوم بما يلزم لحماية أمننا
مصادر «حزب الله» لـ «الراي»: لا علاقة للغارتيْن الإسرائيليتيْن بمعركة القلمون
| خاص - «الراي» |
في غمرة تضارُب الروايات في بيروت وتل ابيب حول المنطقة التي استهدفتها الغارتان الاسرائيليتان وحصيلتهما على الحدود اللبنانية - السورية، أبقت اسرائيل على تكتمها حيال ما جرى اذ اكتفى رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بالقول «سياستنا واضحة، لا أعلّق على ما قمنا به أو ما سنقوم به، لكنّ اسرائيل ستقوم بما يلزم لحماية أمنها».
ونقلت «يديعوت أحرونوت» على موقعها الاكتروني كلام نتنياهو الذي قالت انه جاء في معرض ردّه على سؤال عن «القصف على الحدود اللبنانية السورية الذي استهدف أسلحة لحزب الله».
اما «حزب الله» فكشفت مصادر قريبة منه لـ «الراي» ان «غارتين اسرائيليتين استهدفتا ليل الاثنين جرود جنتا - النبي شيت، وهي متاخمة لمنطقة عمليات قوات «حزب الله» المشارِكة في الهجوم على القلمون».
وأشارت هذه المصادر الى انه «في الساعات الاولى التي أعقبت الغارتين حصل استنفار عام على طول الحدود اللبنانية - الاسرائيلية لاعتقاد حزب الله ان اسرائيل تتدخل لمصلحة المعارضة السورية منعاً لانهيارها في جبهة القلمون، وان الهدف بدا للوهلة الاولى محاولة اسرائيلية لاعادة التعادل في موازين القوى في سورية».
واضافت المصادر القريبة من «حزب الله»: «الظاهر ان الهدف من الغارتين على منطقة حدودية متداخلة بين لبنان وسورية لم يكن مساعدة الثوار في القلمون بل ضرْب اهداف ما زالت مجهولة، فالطرفان (حزب الله واسرائيل) لم يصرحا عنها»، مشيرة الى ان «حزب الله» تصرّف في تعاطيه مع هذا التطور من موقع تحذيري بان القوات التي تشارك في سورية مختلفة تماماً عن القوات الموجودة في لبنان».
وتحدّثت المصادر عيْنها عن انه «بعدما تبيّن لحزب الله ان اسرائيل لا تريد الدخول على خط معركة القلمون، أعاد جهوزيته على الحدود الجنوبية مع اسرائيل الى ما كانت عليه قبل الغارتين».