تحت ضغط التفجيرات ولملاقاة التحركات الخارجية

«طبخة» البيان الوزاري لحكومة سلام على نار حامية

1 يناير 1970 04:45 م
... هادئ، جدي ورصين، «ثلاثية» تعكس المناخ السائد في مناقشات لجنة صوغ البيان الوزاري لحكومة الرئيس تمام سلام، التي تجمع الاطراف المتخاصمة العائدة للتو الى «طاولة واحدة» من معارك وجروح واتهامات ورهانات واحقاد ومكائد وشتائم... وما شابه من «اوصاف» كانت حاضرة ورائجة وشائعة قبل فترة وجيزة على ضفتي الصراع في البلاد التي يختلط فيها المحلي بالاقليمي.

لا تقتصر ثلاثية «الهدوء والجدية والرصانة» على اجتماعات لجنة السبعة لصوغ البيان الوزاري، التي تقارب اكثر القضايا حساسية، كالموقف من «المقاومة»، اي سلاح «حزب الله»، ومن «اعلان بعبدا»، الاسم الحركي لـ «تحييد لبنان»، بل تحولت سمة للحظة السياسية الراهنة، بعدما اطفأ الجميع محركاتهم وذهبوا الى «خيمة» الحكومة الجديدة وكأن نعمة «العقلانية» حلت دفعة واحدة على طرفي الصراع (8 و14 آذار).

فمع حكومة «ربط النزاع» او حكومة «فك الاشتباك» تغيرت سريعاً «قواعد اللعبة»، وسط مزاج جديد يزاوج بين «الهلع والاطمئنان»، فبيروت المصابة بـ «الفزع» لإدراكها ان تشكيل الحكومة لن يوقف مسلسل العمليات الانتحارية، بدليل الهجوم المزدوج على المستشارية الايرانية في اليوم التالي لاعلان الحكومة، بدت وكأنها تخلد الى «اطمئنان» افتقدته طويلاً، وهي تحدق ملياً في وجوه «تيار المستقبل» و«حزب الله» جنباً الى جنب في الحكومة عينها.

فرغم «الفواجع» التي نجمت عن العملية الارهابية التي استهدفت المستشارية الايرانية وادت الى سقوط 11 ضحية وجرح نحو 120 آخرين، كان لافتاً انخفاض مستوى التوتر السياسي – المذهبي، الذي غالباً ما كان يبلغ مستويات مقلقة بعد كل عملية تفجير، الامر الذي شكل ثمرة مباشرة لحال المهادنة التي تعيشها البلاد اذ فعلت «العصا السحرية» فعلها بـ «الافراج» عن حكومة احتجزت لاكثر من عشرة اشهر.

وما زالت هذه «النقلة السريعة» لطرفي الصراع الاساسيين «حزب الله» و«تيار المستقبل»، من المتراس المتقابل فوق فوهة الصراع الداخلي – الاقليمي، اي «المساحة المشتركة» داخل الحكومة وفيها، محور اهتمام الدوائر المراقبة التي تعكف على قراءة الاسباب الحقيقية لـ «البراغماتية» التي اظهرها الطرفان.

وفي «خلاصات» هذه القراءة امكن التوقف عند الآتي:

• ان «تيار المستقبل» بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، الذي أُخرج عنوة من السلطة بـ «انقلاب» سياسي – دستوري قاده «حزب الله» في الـ 2011، ادرك ان ربط عودته الى السلطة بالتحولات السورية التي قد تطيح بنظام الرئيس بشار الاسد، مسألة قد تطول مع اقتراب دخول الازمة السورية عامها الرابع، وتالياً لا بد من التعايش مع موازين القوى الداخلية التي تملي «المساكنة» مع «حزب الله» في حكومة واحدة.

• حاجة «تيار المستقبل»، المرجعية السنية الابرز، للعودة الى الساحة كقوة اعتدال تحمي الشراكة الوطنية، بعدما تزايدت مظاهر التطرف. فرغم ادراكه ان هذا التطرف ناجم في جانب منه عن تورط «حزب الله» في الحرب السورية، فان «تيار المستقبل» يرى ان العمل على محاصرة الفتنة السنية – الشيعية وقفل الابواب بوجه رياحها التي تهب من العراق وسورية، واحدة من الاولويات التي تستحق خطوات جريئة.

• الانطباع بان معركة «مكافحة الارهاب» تحولت عنواناً جامعاً على المستويات الدولية والاقليمية، وتالياً لا بد من ملاقاته في لبنان عبر خطوات سياسية – امنية. ظهرت في شكل سريع في التفاهم الاسرع على بند مكافحة الارهاب في البيان الوزاري، وبالدور الحيوي الذي بدأت تلعبه «شعبة المعلومات» المحسوبة على «تيار المستقبل» في تعقب الجماعات الارهابية وتوقيف عناصرها.

• تعديل «حزب الله» من «جدول اعماله» تبعاً لمقتضيات المعارك المتعددة التي يخوضها، وهو ما ظهر بتراجعه خطوة الى الخلف في الداخل على وقع اولوية معركته في سورية. فـ «حزب الله» الذي سعى الى الامساك بالسلطة سلم، تحت وطأة المتغيرات ومنها التحديات الناجمة عن العمليات الانتحارية ضد بيئته، بالحاجة الى شراكة مع الآخرين الذين كان اقصاهم، وهو ما افسح تالياً بتشكيل الحكومة الجديدة.

• الاعتقاد بان «حزب الله» الذي كان يخشى ان يكون «الهدف التالي» بعد اسقاط الاسد، اطمئن بعد نجاحه في تعديل موازين القوى على الارض في سورية، الى ان اي تسوية كبرى لن تكون على حسابه، وتالياً فان هذا الامر اعفاه من الهروب الى الامام، واعاده الى البحث عن شراكة داخلية، خصوصاً بعدما فشلت تجربة الحكومة (حكومة نجيب ميقاتي) التي كانت له الامرة السياسية فيها.

ورغم تعديل الطرفين «اجندتيهما» في لحظة تدهم البلاد استحقاقات بالغة الحساسية كالانتخابات الرئاسية، فان هذا التحول سيستمر محكوماً بمستوى المواجهة الاقليمية – الايرانية – السعودية و«تموجاتها» المتعددة الساحة من اليمن والعراق والبحرين وسورية، وصولاً الى لبنان المرشح للعب دور «ساحة الاختبار» لما يحوطه من نزاعات.

ووسط «الهبة الباردة» الحالية، فإنه من غير المستبعد ان يصار سريعاً الى الانتهاء من اعداد البيان الوزاري لحكومة سلام والذهاب بها الى البرلمان لنيل الثقة، خصوصاً انها ستكون على موعد مع ثلاث محطات بالغة الاهمية خلال الشهر المقبل، وهي: اجتماع المجموعة الدولية لدعم لبنان في 5 مارس، والقمة العربية في الكويت، اضافة الى زيارة الرئيس الاميركي باراك اوباما للسعودية.

قزي لـ «الراي»: اقترحنا ترحيل النقاط المتعلقة بالمقاومة إلى هيئة الحوار



| بيروت - «الراي» |

وصف وزير العمل اللبناني سجعان قزي جو المناقشات داخل لجنة صوغ البيان الوزاري بـانه «كويس إلى الآن».

قزي، الذي يمثّل حزب «الكتائب اللبنانية» في الحكومة، اوضح في تصريح لـ «الراي» أن المشكلة في المناقشات هي على «مستوى المقاومة وثلاثية الشعب والجيش والمقاومة»، مشيرا إلى أن «اللغة وحدها لا تكفي لاجتراح الحل، إن لم تكن هناك إرادة سياسية بالوصول إلى اتفاق وتفاهم. ونتمنى انه مثلما اللغة تساعد السياسة، فلتساعد الإرادة اللغة أيضاً».

ولأن الوقت لا يسمح بالدخول في نقاش حول هذه القضية الشائكة، لفت قزي إلى «أننا اقترحنا ترحيل هذه النقاط الخلافية التي تمس موضوع المقاومة إلى هيئة الحوار الذي يبحث الإستراتيجية الدفاعية»، متداركا: «لكن النقاش لم ينته بعد ولم يستقر على رأي».

وشدد على أنه «من المفترض أن يذكر اعلان بعبدا بشكل أو بآخر في البيان الوزاري»، قائلا ردا على سؤال إذا كان البيان الوزاري «سيتحايل» على هذا الإعلان الذي تبناه المجتمعان العربي والدولي: «لا أظن ذلك».

«ليس وارداً عندنا إدراج ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة بالبيان الوزاري»



فتفت لـ «الراي»: جعجع الحليف الأساسي لـ «المستقبل»



| بيروت - من آمنة منصور |

علق النائب أحمد فتفت (من كتلة الرئيس سعد الحريري) على ما يحكى عن أزمة صامتة بين الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، فشدد لـ «الراي» على أن «تيار المستقبل يعتبر الدكتور جعجع حليفه الأساسي»، مشيرا إلى أنه «بين الحلفاء وبين أهل البيت الواحد من الممكن أن تظهر اختلافات في وجهات النظر، لكن هذا الأمر لا يؤدي إلى خلافات».

أضاف: «نحن اليوم في مرحلة، شهدت اختلافات في وجهات النظر على المرحلة الحالية، ولكن نقاطاً كثيرة جداً تجمعنا بالنهاية. لذلك أوضح الدكتور جعجع أنه مستعدّ حتى لمنح الحكومة الثقة إذا ورد في بيانها الوزاري إعلان بعبدا ولم ترد ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة».

وعما إذا لمس في لقائه جعجع أول من أمس في معراب نوعاً من العتب من رئيس «القوات» على «المستقبل» بسبب اللقاء الذي جمع الرئيس سعد الحريري مع العماد ميشال عون أخيراً، أجاب: «لا أبداً. فاللقاء بالنسبة له أمر من الطبيعي أن يتم بين القوى السياسية، هذا فضلاً عن أن الدكتور جعجع يلتقي الجنرال عون وهناك لقاءات دائمة بين القوات والتيار الوطني الحر. اللقاء بحد نفسه لا مشكلة حوله».

وحول البيان الوزاري، جدد فتفت تأكيد أن «ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة غير واردة عندنا ولا بأي شكل من الأشكال، وليس من الوراد عندنا أيضاً بأي شكل أن نوحي أن تدخل حزب الله في سورية هو لمحاربة الإرهاب، وكأن ثورة الشعب السوري هي إرهاب، فهذه المسألة غير مقبولة»، مضيفاً: «نحن طرف في النقاش السياسي حول هذا البيان ونفضّل أن نحافظ على وضعية طاولة النقاش في اللجنة الوزارية، وعندما سيصدر هذا البيان سنحكم عليه. لكن من غير الوارد إطلاقا عندنا ذكر الثلاثية في البيان».