د. تركي العازمي / وجع الحروف

هيئة مكافحة الفساد ثقافياً !

1 يناير 1970 06:31 ص
هيئة مكافحة الفساد صدر مرسومها منذ فترة طويلة وإلى الآن لم نر لائحتها الداخلية ولم نجد «محط رجل» لمفهوم الفساد في المؤتمر الذي عقد أخيرا في الكويت باستثناء مكافحة الجريمة!

في العالم الحديث يبدأ الفساد من ظهور «خلل» إداري له تبعات مالية أو إدارية بعضها يصنف بجريمة من تضارب في المصالح وتنفيع وبالتالي يطبق عليها رجال القانون العقاب المستحق... لكن هل الفساد فقط مرتبط بسرقة أو تجاوز أو خلافه؟ ومن يعتقد أن تضارب المصالح والتنفيع يمكن كشفه؟!

يفترض أن نفهم طبيعة الفساد من الجانب الثقافي كنقطة بداية وهو ما ذكرته للممثل المقيم للأمم المتحدة في الكويت والمعني بالإنماء.... نحن نعاني من فساد ثقافي!

أعتقد أن الأمر مختلف نوعيا في الدول النامية وهي التي يجب أن نفهم ونستفيد من خبراتها في مجال مكافحة الفساد لا أن نتوجه لدول عربية تشهد تراجعا في مؤشر مكافحة الفساد... دول تشهد إقالة وزراء ومحاسبة المخطئ ومكافأة المخلص عبر بوابة حوكمة متشددة في موادها الرقابية ومتابعة الأداء للجهازين الحكومي والخاص... مجموعة تضم خبرات مختلفة متعددة كل وحسب مجاله يستطيع تحديد أوجه الفساد والملاحظ أن أحبتنا في الكويت معظم تخصصاتهم قانونية وهو مختلف عن المنهجية المتبعة في دول الغرب!

مشاريعنا تعج منها رائحة الفساد... فمن سيكتشفه؟ واستثماراتنا تعاني من خلل قيادي إداري... فمن يحدده؟ ومدارسنا تشهد تدهورا... فمن يقود حالة فساده؟ وكذلك الصحة والمؤسسات الخدماتية!

هذه مكامن الفساد وطبيعتها «فنية» وبالتالي فرجل القانون قد تجهله جوانب مرتبطة في «تخصص» بحاجة لمن يرسم خريطة تتبع الخطى في اتخاذ القرار الذي تنتج عنه أشكال الفساد!

قبل سنوات عدة حاولت البحث في مؤشرات الفساد ومستوى الشفافية وظهر لي جليا تراجع كبير في المؤشر بالنسبة للكويت وغيرها من الدول العربية التي تتوافق مع الكويت بيروقراطيا وهي من المؤكد انها لا تملك حوكمة!

الحوكمة هي التي تضبط إيقاع «النفس البشرية» متى ما انحرفت تجاه هوى الأنفس سواء لمصلحة ما أو تعاطف مع مجموعة ينتمي لها القيادي، والغرب يرى أن الحوكمة يجب أن تصاغ موادها التنظيمية ذات الطابع «الحوكمي» من قبل أصحاب الاختصاص!

أين نحن من دول احترمت مفهوم «التخصص» واختارت من المتخصصين فرقاً عاملة مهمتها صياغة النظم الإدارية والقيادية التي تضمن سلامة تنصيب القياديين وصحة تنفيذ المشاريع والجوانب التي عند انتهاكها تعد الحالات أوجها من أوجه الفساد؟... أين اللائحة التنفيذية منذ أن تم إشهار الهيئة؟ وأين أصحاب التخصص؟

ثقافتنا تختلف... وهي سبب الفساد المستشري وأوضح صوره متمثلة في «الواسطة» و«المحاصصة» وغيرها من الأشكال المتبعة لدينا والتي رأينا فيها أخطاء في طبيعة اتخاذ القرار وسوء استغلال السلطة (سلطة اتخاذ القرار) التي أفرزت لنا صورا نموذجية حية للفساد الإداري الذي نحن نرى أن سببه خلل في التركيبة الثقافية في الكويت!

مما تقدم? نؤكد هنا أن الفساد يجب أن يحارب بدءا من «مكافحة الفساد الاجتماعي» الذي ترعاه التقلبات السياسية وهذا لا تستطيع القوانين من ضبطه وبالتالي فإن إصلاحه على نحو سليم يفترض أن يبدأ من خلال تشكيل فرق من مختصين مهمتهم مراجعة التشريعات وكيفية تكوين مجاميع مراكز مكافحة الفساد التي اتبعتها الدول المتقدمة وهو ما ساعدهم في إقرار حوكمة لا يستطيع معها القيادي تجاوز حوكمة اتخاذ القرار على سبيل المثال وهناك جوانب كثيرة لم نشعر بوجودها على أرض الواقع... والله المستعان!


[email protected]
Twitter : @Terki_ALazmi