فتفت وديب لـ «الراي»: لقاء الحريري - عون أكثر من «إذابة الجليد» وأقلّ من تفاهم سياسي
الحكومة اللبنانية تتّجه إلى المثول أمام البرلمان خلال أسبوع
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
05:00 م
بدا انعقاد الجلسة الاولى لمجلس الوزراء اللبناني امس في ظلّ حكومة الرئيس تمام سلام التي شكلت السبت بمثابة ايذان بعودة الانتظام المؤسساتي بعد طول فراغ حكومي وتعذر انعقاد جلسات مجلس النواب في وقت يقترب ايضاً موعد الاستحقاق الرئاسي المحفوف بالغموض في مايو المقبل.
وتركت صورة مجلس الوزراء مجتمعاً انطباعات مريحة على مجمل المشهد الداخلي علما ان من ملامح الانفراج السياسي الذي شهدته البلاد بعد اعلان الحكومة ارتفاع أسهم المداولات في بورصة بيروت في اليومين الاخيرين للمرة الاولى منذ فترة طويلة منبئاً بتنشيط الحركة المالية والاقتصادية.
وخصصت الجلسة الاولى للحكومة لتأليف لجنة صوغ البيان الوزاري التي ستعقد اجتماعاتها برئاسة سلام اليوم بوتيرة كثيفة اختصاراً للوقت المحدد دستورياً بشهر فيما تتجه النية الى انجاز البيان قبل ذلك بكثير وخلال اسبوع للمثول على اساسه امام مجلس النواب لنيل الثقة.
ورغم نفحة التفاؤل التي تسود جهات عدة مشاركة في الحكومة لجهة امكان التوصل الى صياغة مرنة يمكن عبرها تجّنب مواجهة بين فريق 14 اذار و»حزب الله» في شأن «اعلان بعبدا» وتحييد لبنان عن الازمة السورية ومعادلة «الجيش والشعب والمقاومة»، رأت مصادر وزارية من فريق 14 اذار عبر «الراي» ان الايام القليلة المقبلة ستكون كفيلة بكشف الاتجاه الحقيقي لهذا الاختبار الحساس الذي ستواجهه الحكومة باعتبار ان وزراء هذا الفريق لن يتراجعوا عن ايراد «اعلان بعبدا» في البيان وكذلك الوزراء الوسطيون المحسوبون على رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة والزعيم الدرزي وليد جنبلاط. وسيكون محور المواجهة على الارجح في النقطة المتعلقة بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة التي سيشكل موقف «حزب الله» من مطالبة خصومه بشطبها جوهر هذا الموضوع.
وفي انتظار الاجتماعات التي ستشرع اللجنة في عقدها في السرايا الحكومية برئاسة سلام ابتداء من اليوم وبحضور اعضائها السبعة الوزراء محمد فنيش، وعلي حسن خليل، ووائل ابو فاعور، وسجعان قزي، وجبران باسيل ونهاد المشنوق، بدا ان الاهتمامات السياسية انتقلت بسرعة الى ملف الاستحقاق الرئاسي في ظل تصريحات مثيرة للجدل اطلقها مساء اول من أمس زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون عبر الموقع الالكتروني للتيار مفتتحاً فيها ضمناً على ما يبدو معركة ترشحه للرئاسة ولو لم يعلن ذلك صراحة.
وقد استأثرت المواقف التي اطلقها عون باهتمام الاوساط السياسية على اختلاف مواقعها نظرا الى انه اكد في الدرجة الاولى انه عقد لقاءين منفصلين مع كل من الرئيس سعد الحريري والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قبل فترة مدرجاً ذلك في اطار وساطة له بينهما والعمل على توسيع اطار التفاهم الثنائي بين تياره و»حزب الله» ليشمل كل القوى والطوائف الاخرى. واذ بدت نبرة عون في هذه المواقف جانحة بقوة نحو المصالحة وتجاوُز الخصومات مع الجميع، قرأت الاوساط السياسية فيها فتحاً لمعركة ترشحه للرئاسة على قاعدة تقديم نفسه الشخصية المسيحية البارزة القادرة على اقامة الجسور بين الخصوم ولا سيما في البعد السني - الشيعي. وبصرف النظر عن حسابات عون وطموحاته الرئاسية، لاحظت الاوساط ان ثمة تناغماً واضحاً بين ما اعلنه عون وما سبق للسيد نصرالله ان اعلنه قبل ذلك باربع وعشرين ساعة في الكلمة التي القاها مساء الاحد الماضي لجهة الاستحقاق الرئاسي. ذلك ان نصرالله حرص على ابراز الايجابيات التي أبداها حزبه في شأن تشكيل الحكومة وعلى الاقل في جانب اساسي منها في اطار انجاح الاستحقاق الرئاسي ومخاطبة الرأي العام المسيحي.
وتقول الاوساط نفسها ان مجمل هذه التطورات توحي باعطاء دفع للحكومة في مطالع انطلاقتها وانما على اساس حصر مهمتها الظاهرية بالملف الامني والاستحقاق الرئاسي. واذا كانت مسارعة عون الى كشف حصول اللقاءين مع الحريري ونصرالله بعد زهاء شهرين من حصولهما تندرج في اطار توظيف التوقيت الذي يلائمه للكشف عن اللقاءين فثمة مصادر في قوى 14 اذار قالت لـ «الراي» ان هذا الاعلان لن يفضي الى تداعيات سلبية بين الحريري وحلفائه المسيحيين الذين اطلعوا على حقيقة الاجتماع الذي عقد في منزل الحريري في باريس قبل نحو شهرين والذي لم تتجاوز نتائجه حدود انهاء القطيعة السياسية وتداول الاوضاع اي انه لم يبلغ حدود اي اتفاق على الاستحقاق الرئاسي. وهو الامر الذي سارع الجانب الحريريّ الى توضيحه عبر اعلامه امس منعاً لاي استغلال خاطئ لكلام عون.
وقال عضو تكتل عون النائب حكمت ديب، لـ «الراي» أن «الانفتاح مستمر، وسبق الاعلان عن اللقاء بين عون والحريري أشهر من التصاريح والمواقف التي يدعو فيها التكتل الى التلاقي والدخول في حكومة جامعة»، مذكرا بأنه «في خلوة دير القلعة في بيت مري تقرر هذا الأمر، وسارعنا الى مد جسور الحوار مع كل الأطراف بما فيهم تيار المستقبل».
واذ لفت الى أن «انطباع العماد عون بأن الجو كان جيداً خلال اللقاء، وينم عن نية طيبة لدى الرئيس الحريري»، رفض الحديث عن مكان وزمان اللقاء، مشيرا الى أن «هناك أكثر من اتصال ولقاء، مباشر أو غير مباشر بين الطرفين». وقال: «المهم أن الأجواء كانت جيدة جداً، والرئيس الحريري برهن عن نيات طيبة».
وعما اذا هناك ما «يُهندس» في موضوع استحقاق رئاسة الجمهورية بين عون والحريري، قال: «ممكن، فيجب ألا ننسى أن هناك عاملاً جديداً طرأ على الساحة وهو الارهاب التكفيري الذي تعاني منه كل العائلات الروحية في لبنان وغير لبنان، ونحن ندعو الى أن تلتزم الحكومة في بيانها الوزاري بمكافحة التكفير فكراً وارهاباً»، مضيفا: «الأمور الأساسية التي يفترض أن تكون فوق كل الخلافات السياسية هي الحفاظ على الوحدة الوطنية التي يفترض بأي رئيس جمهورية أن يسهر عليها، فضلا عن السهر على الدستور والحفاظ عليه، والحفاظ على الجيش اللبناني كمؤسسة جامعة تحمي البلد. وهذه صفات مجتمعة بالعماد عون كشخصية تحافظ على هذه الامور التي هي فوق كل الخلافات».
ديب الذي أكد أن «حزب الله» ومن خلال موقف نصرالله الأخير والمشاورات التي حصلت في الأيام القليلة التي سبقت التأليف وبعده للتهنئة «تؤكد أن هناك نظرة واحدة للتلاقي والالتفاف حول انقاذ البلد»، شدد على أن «حزب الله يرحب بالتلاقي بين الوطني الحر والمستقبل».
من جانبه، عضو كتلة «المستقبل» النائب احمد فتفت شدد لـ «الراي» على أن «أحداً بالتأكيد لا يتحدث عن سلة متكاملة (تم الاتفاق عليها) ولا عن رئاسة الجمهورية»، موضحا: «الأمر هو انفتاح بين قوى لبنانية، وكانت هناك مبادرة من الجنرال عون ونحن تلقفناها ايجاباً. ونحن أصلاً حاولنا سابقاً، وأنا شخصياً حاولت اواخر 2005 من دون نتيجة حيث لم يكن الجنرال ربما جاهزاً حينها، ونحن مشكلتنا الوحيدة بالبلد هي تدخل حزب الله بسورية، وعدا ذلك نحن مستعدون للانفتاح على كل القوى السياسية للتحاور معها. ولكن الى أين يصل هذا الحوار؟ هذا ما ستبينه الأيام».
ونفى علمه بأي تفاصيل حول اللقاء بين الحريري وعون، قائلاً: «ما أعرفه هو أنه بالنهاية هناك ذوبان للجليد، وتواصل مستمر، وهذا أمر ايجابي»، ومشدداً في الوقت علينه على أن «تحالفنا في 14 آذار مسألة أساسية بالنسبة لنا، ونعتبر أن التحالف الأساسي هو تحالف 14 آذار القائم على أسس سياسية لا أسس آنية كمعالجة موضوع الحكومة».