إبراهيم أديب العوضي / اجتهادات

تعديل الدستور ... قادم

1 يناير 1970 06:24 م
مخطئ من يعتقد أن الدستور كان هفوة تاريخية أو تنازلا من قبل أسرة الحكم في ظل ظروف سياسية واكبت الدعوة إلى إنشاء المجلس التأسيسي وظهور الدستور والدعوة إلى انتخابات مجلس الأمة بل كان رغبة حقيقية من صانع القرار في ذلك الوقت في خلق مزيد من المشاركة الشعبية في الحكم.

كان دستور 62 يشكل الحد الادنى من متطلبات النظام الديموقراطي بعد أن شهدث لجنة وضع الدستور تجاذبات ونقاشات حادة بين أعضائها من جهة وبين الشيخ سعد العبدالله رحمه الله من جهة أخرى والذي عرف بقدراته التفاوضية الفائقة. ونتيجة لذلك اضطرت اللجنة لتقديم بعض التنازلات من أجل تمرير مشروع إقرار الدستور.

كانت القناعة لدى الجميع، وفقا لما أشارت إليه الكتب المختصة وبشهادة أعضاء اللجنة، أن الجميع كان يسعى لإرساء أسس النظام الديموقراطي والدستوري ومن ثم تطويره وتعديله بما يحقق المصلحة العامة وذلك من خلال توسيع المشاركة الشعبية وإرساء مبدأ الحريات، وعليه سمح المشرع بتعديل مواد الدستور بعد خمس سنوات من إقراره، ولذلك كان جليا، أن الدستور لم يكن في تلك الأيام يرضي طموح جميع من ساهموا في وضعه.

إن الأصل في تطوير النظام الديموقراطي هو تجاوز مبدأ جمود الدساتير وتطويرها وتنقيحها بما يتواكب مع واقع الحال السياسي ومقتضيات الحاجة التي تفرضها طبيعة ونوعية المجتمعات وتطلعاتها لتحقيق مزيد من التقدم والتطور. انقضت الخمس سنوات التي أشار إليها الدستور ولأكثر من 52 سنة لم يشهد الدستور الكويتي أي تعديل او تنقيح يذكر! فهل دستورنا متكامل؟ سؤال قد يحتاج لمزيد من البحث لدى المختصين في هذا الشأن؟

من المعروف، أن الدستور هو روح القوانين والأساس الذي تنطلق منه. واقع الحال يقول ان البلد يعاني من شلل تام، فلا مشاريع تنجز ولا قوانين تحاكي الواقع تقر ولا استقرار سياسيا يتحقق، وبلغت حالة التذمر درجة أصبح معها تحقيق الطموحات والرغبات الشعبية أقرب إلى الخيال. لم يشهد البلد منذ زمن طويل إنجازات تذكر محليا، بل أصبحنا ننظر لغيرنا وهو يتقدم ويتطور ونحن نستمر في العيش في حلقة مفرغة من الروتين والبيروقراطية وفي دوامة من الصراعات السياسية، حتى وصل الأمر إلى أسرة الحكم ذاتها.

إننا اليوم أحوج ما نكون إلى مشروع إصلاحي وطني، تجتمع عليه جميع القوى السياسية، لتعديل مواد الدستور التي قد تساهم في تطوير النظام السياسي وفي تعديل الاعوجاج الذي نعيشه اليوم مع الابتعاد عن المصالح الآنية التي لا تسمن ولا تغني من جوع. كان الحديث في السابق عن تعديل الدستور وحتى وإن كان لمزيد من الحريات أو لتحقيق المكتسبات الشعبية ولزيادة قاعدة المشاركة في الحكم، هو لدى البعض دعوة للانقلاب عليه وكان الجميع ينظر لذلك على أنه محاولة لتحقيق المصالح الشخصية والحزبية. لم يعد الأمر كذلك، فقد شهدنا مطالبات عديدة في الوقت الحالي لتعديله بما يتناسب مع واقع الحال والتطور المجتمعي والسياسي وفي ظل المتغيرات والأوضاع التي نعيشها ونتعايش معها، وسيأتي اليوم الذي سيقتنع به الجميع أن تعديل مواد الدستور سيكون حاجة ملحة لتطوير النظام الديموقراطي في الكويت.


[email protected]