مبارك الهزاع / معقولة... مؤامرة؟

1 يناير 1970 07:17 ص

حل مجلس الأمة مؤامرة... تخلفنا الفكري والثقافي مؤامرة... مسلسل عدنان ولينا مؤامرة... إزالة الدواوين مؤامرة... فسخ العقود مؤامرة... مرق عدس... وكل ما عدا ذلك ليس بمؤامرة. عجيب أمر البعض الذين يفسرون غالبية الأشياء بالمؤامرة وأن هناك أيدي خفية وراء كل شيء يحدث، ولا نملك القدرة على حله أو فهمه، وهذا يجعلنا نواجه الحقيقة المرة التي لا نريد أن نواجهها. وغالب الظن أن أصحاب المؤامرة هم إسرائيليون، أو عملاء لدول أخرى، أو من البعد الرابع. ورغم أنني أؤمن ببعض المؤامرات مثل حادثة اغتيال كيندي، ولماذا قتل، وأن الرسوم المتحركة «بوكيمن» هدفها مسخ الأطفال، إلا أن معيار الحقيقة والوعي لا يزال موجوداً ولا أستطيع نفيه.

ورغم وجود نظريات قد يكون لها صدى وتفسيرات جيدة مثل حادثة تعذيب بعض السجناء في العراق من خلال اسماعهم أغاني شارع السمسم لمدة ثلاثة أيام كعذاب نفسي على أيادي القوات الأميركية، ولأن ابن أختي أذاقني طعم هذا العذاب من خلال «بارني»، فأنا أميل وبشكل كبير لتصديق هذه الفكرة، لأنني مجربها. ولكن إذا رأينا الأمور بعقلانية أكبر  لشاهدنا أن هذه النظريات تبرر الفشل وتتغاضى عن الحقيقة التي لطالما نحاول إنكارها في شتى المجالات... فعندما يقول البعض إن هناك مساعي لحل مجلس الأمة، وإن هناك مؤامرة ضد الدستور لتفريغه من محتواه، وقد يكون هذا الكلام صحيحاً، فما الذي فعلتموه من عمل لكي تفوتوا على الحكومة فرصة الضحك على ذقوننا؟ ولماذا لم يتم إنجاز الكثير والتركيز على الأمور المهمة؟

أنا لا أبرئ الحكومة من الفشل، ولكن لماذا كل فشل يتم تبريره بمؤامرة؟ لماذا تكون الحكومة كبش فداء لفشلنا؟ فحتى في الانتخابات الماضية لم أجد برنامج عمل واضح يتبعه غالبية الأعضاء، لأن الاعتماد كان على القبلية والطائفية والصداقة والتنفيع، إذ إنها كانت من أبرز سمات الناخب والمرشح، فهل سبّب قلة الوعي هذه مؤامرة؟ هل انحدار مستوى التعليم مؤامرة؟ هل انحدار مستوى الخطاب مؤامرة؟ هل وصول نواب لا يفهمون معنى كلمة «عولمة» مؤامرة؟

إن الفشل والتخاذل لا يمكن تبريرهما إلا بمواجهتهما، والاعتراف بهما، وعدم إلقاء اللوم على طرف آخر ليس له علاقة بفشلنا نحن. إن العمل الجاد ووضوح الرؤية ورقي الأهداف هي سمات الشعوب التي تعيش وفق مبادئ رصينة وواضحة وتحافظ عليها من خلال العمل الجاد، وليس من خلال التركيز على أمور تافهة يفرح بها السذج والكسالى والمتملقون!


مبارك الهزاع

كاتب كويتي

[email protected]