الحركة بدأت بفكرة شاب سوري من مقاه في القاهرة
لعنة «25 يناير» تضرب «تمرّد»: انشقاقات وتبادل اتهامات بالخيانة
| القاهرة - من إبراهيم جاد |
1 يناير 1970
08:08 م
لم يكن يتخيل عدد من الشباب الناشطين، وهم جالسون على مقاه وسط القاهرة، ويبحثون عن فكرة لإسقاط جماعة «الإخوان» والمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، أن تستطيع استمارة تطبع بـ 10 قروش، ليس أكثر، أن «تهز» وتسقط أول حلم حقيقي لأحفاد حسن البنا في اعتلاء حكم مصر، بعدما يزيد على 8 عقود من العمل السري والملاحقات القضائية والسجون التي طالت بعضهم.
هؤلاء الشباب هم من صاغوا استمارة «تمرد» ليعلنوا ولادة حركة تحمل الاسم نفسه، وخرج معظمهم من خلفية «ناصرية»، نسبة الى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وجابوا المحافظات لإسقاط «الإخوان» وحكم المرشد، حققوا هدفهم في ثورة 30 يونيو، حيث كانت الرغبة المصرية جامحة في التوقيع على استمارة، استمد الشباب فكرتها من شاب سوري قومي، اقترح عليهم أن تكون الحملة باسم «تمرد».
وهو الاسم نفسه الذي كانت تصدر فيه مجلة الكترونية في سورية لمقاومة نظام بشار الاسد، وتسللت «تمرد» مع جريان مياه النيل ووصلت لأقاصي الصعيد، جنوب مصر والعزب والكفور والنجوع، في كل الاتجاهات، حتى شعر «الإخوان» ومن معهم بخطر «تمرد» في وقت كان الإعلام سندا وظهرا لكل شاب في الحملة.
ورأى أعضاء في الحملة «ضرورة حل تمرد عقب خريطة الطريق التي أعلنها وزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسي، وأنها حققت ما كانت تصبو إليه، لكن آخرين أدركوا أن تمرد فتحت أخيرا لهم طاقة الشهرة فحولوها إلى «ماركة» يتاجرون بها.
ومن هنا بدأ التناحر بين جبهتين في الحملة، مع ظهور تغيرات جوهرية على بعضهم، خصوصا بعدما تم تعيين بعضهم في لجنة الخمسين لصياغة الدستور وآخر في المجلس القومي لحقوق الإنسان، وأدرك آخرون أنهم لم يحصلوا على أي امتيازات معنوية ووظيفية وسياسية وطبعا مادية، فكان الانقسام الحقيقي الذي كسر الحركة، وأكمل عليها فكرة تأييد بعضهم لترشيح السيسي للانتخابات الرئاسية، في حين معارضة آخرين وتأييدهم لزعيم «التيار الشعبي» المرشح المحتمل حمدين صباحي، كنوع من الانتقام من آخرين استحوذوا على «تمرد»، واستحوذوا على التمويل، الذي جاء باسم الحملة لدعمها.
وربما يكون صباحي، هو من أدرك أن «تمرد» كحملة سيأتي دورها، كذراع شبابية تقف الى جواره، في ظل تشابك غريب بين عضوية قيادات الحملة المؤثرين في المكتب التنفيذي للتيار الشعبي الذي أسسه، ليبدو ترشحه خالصا لأجل تمرد وشباب الثورة.
مع العلم أن صباحي كان رفض أن يوقع على استمارة «تمرد» في مؤتمر كمشيش في المنوفية، وقال لمن طلب منه أن يوقع إنه «يعترض على صياغة الاستمارة بهذا الشكل، لكنه وحين أدرك الزخم الشعبي الذي شكلته وقع على الاستمارة في بداية يونيو».
الشباب الذين جمعتهم ضحكات مقاهي وسط البلد، و«العيش والملح»، أصبحوا في حالة عداء لا تقل عن العداء، الذي كانوا يكنوه لحكم «الإخوان» والتي تجلت بقيام كل جبهة بفصل آخرين منها، والتشابك بالأيدي واتهامات بخيانة العيش والملح، وكأن لعنة 25 يناير العام 2011، تطول كل من نزل الميدان، فبعد هزيمة «الإخوان» وانشقاقات حركة «6 أبريل» اهتزت «تمرد».
وأصبحت «تمرد» حلما لشباب لم ينضج، ولم يخرج عن كونهم مراهقين سياسيين، يتناوبون الظهور على شاشات الفضائيات، وفي أخبار المواقع الإلكترونية وتدوينات وتغريدات وتعليقات مواقع التواصل الاجتماعي، وبات حالهم، مثل حال حركة «6 أبريل» التي انشقت إلى جبهات متناحرة.