«14 آذار» قدّمت «اقصى ما يمكن» من تسهيلات

حلفاء عون وخصومه حوّلوه «القفل والمفتاح» بملف الحكومة

1 يناير 1970 03:58 م
يراوح المشهد السياسي في بيروت بين المساعي «غير المجدية» لكسر مأزق تشكيل حكومة جديدة حان أوانها كـ «ممر آمن» للاستحقاق الرئاسي بعد نحو شهر (بين 25 مارس و25 مايو)، وبين الاخطار الامنية المرشحة لمزيد من الحماوة مع التوقعات بقرب موعد معركة يبرود السورية المتاخمة لعرسال اللبنانية.

ومن المتوقع، بعد موجة من «الاحباط» اعقبت تحديد مواعيد متتالية لاعلان حكومة لم تشكل بعد، انطلاق المحركات السياسية من جديد في محاولة تكاد تكون الاخيرة لانقاذ عملية تأليف هذه الحكومة، التي اصطدمت بعقبات علنية، تمثلت باصرار زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون على الاحتفاظ بحقيبة «الطاقة» لصهره الوزير الحالي جبران باسيل.

ورغم ان دوائر مراقبة رأت مبالغة في تحميل عون مسؤولية تعطيل تفاهم داخلي أعطي له ضوء اخضر اقليمياً - دولياً، فإن اوساطاً على صلة بمجريات تشكيل الحكومة رسمت صورة سوريالية لما يجري بقولها ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام ينتظران القوى السياسية، وان «14 اذار» تنتظر «8 اذار» ولا سيما «حزب الله»، و«حزب الله» ينتظر عون، وعون باقٍ على تشدُّده ولا يملّ الانتظار.

وتستنتج هذه الاوساط، بلغة اكثر واقعية، ان «8 اذار» و«14 اذار» تلتقيان حول ممارسة ضغوط على عون لدفعه الى السير في التفاهم العريض حول حكومة الثلاثة ثمانيات على قاعدة المداورة الشاملة في الحقائب. فـ «14 اذار» تحمل زعيم «التيار الوطني الحر» مسؤولية عدم تشكيل الحكومة، و«حزب الله» يحمّله ضمناً هذه المسؤولية بقوله له: «لن نشارك في حكومة لن تشارك فيها». غير ان اوساطاً على بينة من مواقف عون تتحدث عن ان اصراره على كسر مبدأ المداورة يعكس توجسه من ان يؤدي هذا التفاهم الذي «هُندس» من حلفائه خصومه، الى مداورة تشمل المراكز المسيحية الاساسية في المستقبل، وربما الرئاسات ايضاً.

هذه المقاربة التي توحي ان في الامر مشكلة اسلامية - مسيحية، بدت اقرب الى الدعاية السياسية من العماد عون لتبرير تشدده، في رأي اوساط سياسية متابعة، وخصوصاً ان زعيم «التيار الوطني الحر» لا يشترط ايضاً الطاقة من حصة المسيحيين بل يصر على ابقائها في يد صهره الوزير باسيل.

ومع استئناف الاتصالات امس في محاولة بدت شبه مستحيلة لمراعاة مطلب عون بالاحتفاظ بحقيبة الطاقة لصهره وتالياً تفادي انسحاب وزراء 8 آذار معه، بدا انه تم تذليل كل التعقيدات الأخرى بعدما سلّمت قوى 14 آذار بتنازُلين اضافييْن هما كسْر التوازن في الحقائب السيادية مع «8 آذار» (ستنال حقيبتيْ الخارجية والمال) بالقبول بالتخلي عن وزارة الدفاع لمصلحة سليمان وذلك بعد اعتراض «8 آذار» على تولي هذه القوى حقيبتين امنيتين، والتراجُع عن توزير اللواء اشرف ريفي في حقيبة الداخلية (يتردد انه سيُمنح حقيبة «اجتماعية») بعد وضع «8 آذار» فيتو عليه على قاعدة انه «استفزازي» واقتراح اسم النائب جمال الجراح.

وفي حين قدّمت قوى «14 آذار» بهاتين النقطتين أقصى ما في استطاعتها في اطار تسهيل تشكيل الحكومة، فان مرحلة ما بعد الاعلان عن الحكومة الجامعة بمَن حضر والتي لا يرى سليمان وسلام مفراً منها تبقى هي الاساس ومحور محاولات «تدوير الزوايا»، وسط محاولات لضمان عدم انسحاب وزيريْ النائب وليد جنبلاط مع وزراء 8 آذار الثمانية، اذ بذلك لا تسقط الحكومة حكماً (باستقالة الثلث زائد واحد منها) وهو ما سيستوجب استشارات نيابية جديدة سريعة لتسمية رئيس جديد للحكومة لا احد يعرف اذا كان سيكون ممكناً التوافق عليه في ظل الفترة القصيرة الفاصلة عن بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية. كما ان المساعي للحصول على تطمينات بان الزعيم الدرزي وليد جنبلاط لن ينسحب من الحكومة هدفها إبقاء باب مفتوح امام استنفاذ مهلة الشهر ولو «نظرياً» تحت عنوان البيان الوزاري للحكومة والمثول به امام البرلمان لنيل الثقة، علّ الاتصالات تفضي الى عودة المعترضين عن رفضهم، علماً ان هذا يترافق مع محاولات لجعل بعض وزراء «8 آذار» يوافقون على تصريف الاعمال حتى بعد استقالتهم (لن تُقبل)، فاذا مرّ الشهر دون «حلول»، تتحوّل الحكومة وحتى لو لم تُفتح امامها ابواب البرلمان بحجة «العيب الميثاقي»، لتصريف الاعمال الى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية او في مرحلة اي فراغ رئاسي محتمل.