الزحمة اليوم ليست فقط بالطرق الرئيسية، بل ان أغلب شوارع المناطق الداخلية باتت مكتظة بعدد هائل من السيارات التي تقف على جانبي الطريق. ففي كل (فريج)، نجد أن عدد السيارات يزداد عاما بعد عام، حتى أصبحت بعض القطع والمناطق لا تطاق وأضحى المرور ببعض الشوارع داخل المناطق السكنية أسوأ ما يكون، خصوصا مع تحول عدد كبير من المنازل إلى نظام الشقق بغرض الإيجار. حتى في المناطق التي عرفت بشوارعها الواسعة وارتداداتها الكبيرة، تعاني هي الأخرى من ذلك. ولكن السؤال، لماذا؟
سؤال طرحته على نفسي كثيرا بعد أن قرأت أنه في اليابان لا يسمح لأي شخص بشراء سيارة جديدة إلا بعد أن يقدم ما يفيد للسلطات المختصة بأنه يملك موقفا خاصا لسيارته. عدت قليلا للوراء وحاولت أن أسأل لماذا لم تعانِ المناطق نفسها من هذا الازدحام في ما مضى من الزمن؟ على الرغم من أن كل منازل بعض هذه المناطق مكتملة البناء منذ زمن بعيد ولم يتغير قاطنوها كثيرا خصوصا في المناطق الداخلية.
لكن ما فاجأني في الحقيقة، أن قوانين البناء في البلدية كانت لا تسمح بإصدار رخصة البناء للمنازل إلا بعد أن يتم التأكد من أن مخططات البناء تحتوي على مساحة ملاءمة لعدد معين من مواقف السيارات بحيث يتمكن ساكنو المنازل من إيقاف سياراتهم داخل حدود منازلهم، ولكن المجلس البلدي ابان حقبة الثمانينات ألغى هذا القرار لتصبح شوارعنا الداخلية بعد ذلك غابة من السيارات المتناثرة.
أجد اليوم أنه من الصعوبة بمكان أن نتمكن من معالجة هذه المشكلة على المباني القائمة، على الرغم من حجم المشاكل التي قد تحدثها هذه الظاهرة من حوادث تصادم بين السيارات وحوداث دهس كذلك للمارة، وهو ما حدث أمامي في الواقع، إلا أن على صانع القرار إعادة النظر في هذا الموضوع خصوصا في المدن والمشاريع الإسكانية الجديدة.
لا يمكن بمكان أن نعالج الخطأ بالخطأ، فليست العلة اليوم في علاج القضية الإسكانية هو عدم توافر الأراضي، ولكن المشكلة تكمن في الرغبة الجادة في حل هذه القضية. ما أعنيه حقا، أن الدولة في توزيعها للأراضي الجديدة يجب عليها أن تراعي نسبة مساحة الأراضي التي سيتم توزيعها على مستحقيها بحيث يتم تخصيص مساحة إضافية عن تلك المعتمدة، على أن تستغل هذه المساحة كمواقف للسيارات فقط، بحيث تمنع أي سيارة من الوقوف خارج حدود المنزل خصوصا في الرصيف العام. ولكن يبقى السؤال المهم، هل سيلتزم المواطن بذلك؟ الجواب بكل بساطة، من أمن العقوبة أساء الأدب، ومتى ما وجدنا سلطة جادة في تطبيق القانون ومعاقبة المخطئ، لرأينا الجميع سيلتزم بما سيصدر من قوانين بهذا الخصوص. والله من وراء القصد.
[email protected]