محمد العوضي / خواطر قلم / لماذا صفق الملتحون في المسجد؟!

1 يناير 1970 04:15 م

حصل ذلك امس الجمعة وبعد صلاة العصر وكنت شاهداً على التصفيق الجماعي لهذه البدعة! والأهم إذا عرفنا المسجد باسمه والجماعة التي تصلي فيه يزول العجب من تصفيق المصلين الملتحين!!

سافرت مساء الخميس الماضي مع وفد من الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية إلى الصين والممثلة بلجنة مسلمي آسيا والذين يعشقون القراءة ويفرحون بالسفرات ذات الساعات الطويلة لأن فيها فرصة لمتابعة القراءة دون انقطاع لأي سبب (موبايلات، أهل، عمل، مناسبات...)، وقررت قراءة كتاب (قيمنا المعرضة للخطر أزمة أميركا الأخلاقية) تأليف الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، ترجمة محمد التوبة طبع مكتبة العبيكان بالرياض، لن أقف مع العنوان ذي الأهمية القصوى والدلالات المعرفية لاسيما أنها تصدر من رئيس ديموقراطي لبلد علماني يؤمن بنسبية القيم وفرديتها انطلاقاً من الحرية الشخصية... سأعود لهذا المبحث في سياق التعليق على موقف بعض النواب وغيرهم ومن لجنة الظواهر السلبية البرلمانية. لكن لفت نظري حرص الرئيس كارتر المتدين والمبشر وحامل هم الدعوة إلى يسوع أنه عندما التقى القائد الصيني دينغ اكسيا وبينغ وفاوضه حول العلاقات الديبلوماسية العادية بين الولايات المتحدة وبين جمهورية الصين الشعبية قدم له كارتر ثلاثة طلبات: 1 - ضمان حرية العبادة، 2 - السماح بتوزيع الانجيل. 3 - إعادة فتح الباب أمام البعثات التبشيرية.

هذا اللقاء وما تبعه من اقتراح يعكس نوع الاهتمام الأميركي بالصين وكان في منتصف السبعينات، أما اليوم فإن التصعيد الأميركي ضد الصين والحديث اللافت للأميركان عن تنامي  القوة الصينية الاقتصادية والعسكرية فإنه يأخذ شكلاً آخر من الاهتمام، يحدثني بعض الطلبة ممن تخرج من الدراسة حديثاً من أميركا بأن اساتذتهم في العلوم السياسية او هندسة النفط والإلكترونيات و... الخ، لا يخلو حديثهم عن الحوت القادم - الصين - ولقد نشر الدكتور عبدالوهاب المسيري مقالاً تحليلياً عن هذا الهاجس الأميركي بمقال في جريدة الاتحاد الإماراتية في 17/3/2007 بعنوان (أميركا وكابوس القرن الصيني) مبيناً ان اميركا كانت بعد الحرب العالمية الثانية تواجه قوتين الأولى تملك قاعدة اقتصادية قوية بلا قاعدة عسكرية وهي اليابان، والثانية تملك قاعدة عسكرية قوية بلا قاعدة اقتصادية وهي الاتحاد السوفياتي. أما الآن فهي تواجه قوة عسكرية اقتصادية مزدوجة ومتكاملة الا وهي الصين مستشهداً بقول احد المعلقين العسكريين بأنها «وول مارت» اي محل لبيع كل السلع، زرت الصين أمس وذهبت إلى مقاطعة نينغشيا ذات الحكم الذاتي لقومية (هوي) المسلمة والتي عاصمتها مدينة ينتشوان فرأيت ان الصين أخذت بمطالب كارتر فسمحت للجميع بالنشاطات الخاصة بالقوميات والأديان من دون اثارة تعصبات في محاولة للتعايش السلمي وأظن ان هذا الانفتاح ليس في صالح الأميركان اذ الصينيون يستثمرون اتاحة هذه النشاطات اقتصادياً هادئاً سأشرحه لاحقاً ولقد كان اهتمام المسؤولين الصينيين بالوفد الكويتي كبيراً منذ وطأت اقدامنا ارض المطار الى السفر بالطائرة لمقاطعة نينغشيا المسلمة واستقبلنا رئيس محافظة يونين مع بعض المسؤولين لمعاينة موقع الأرض لمشروع القرية الثقافية الإسلامية الدولية الذي يعد مفخرة كبيرة سأبين اهميتها ومزاياها غير المسبوقة ثم طلبت منهم زيارة أقدم مسجد في المنطقة فذهبوا بنا إلى مسجد ناجاخو الذي بني منذ 500 عام تقريباً أيام حكم اسرة أمين... دخلنا المسجد بلباسنا الشعبي الدشداشة والغترة والعقال والمصلون يجلسون بلحاهم الخفيفة الناعمة ويتحلقون في حديقة المسجد وساحاته الداخلية (الحوش) فلما شاهدونا صفق احد كبار السن ووقف على قدميه فقام الجميع وهم يصفقون ويأخذوننا بالأحضان وخرج إمام المسجد ودمعت بعض العيون وكان مشهداً له من الدلالات والمعاني الشيء الكثير... الرئيس الأميركي كارتر يؤلف عن بلده كتاباً بعنوان «قيمنا المعرضة للخطر»... وهو ذو النظام العلماني... فياترى ما هي القيم والمعاني التي صفق من أجلها مسلمو الصين في مسجد ناجاخو؟!


محمد العوضي

مقاطعة نينغشيا - الصين