توقيف سارق السيارة المفخخة... هل يوصل إلى الجهة «القاتِلة»؟
«الحارة المحتارة» في الضاحية الجنوبية ... غضب وألم وحكايا عن ضحايا الموت بالصدفة
| بيروت - «الراي» ||
1 يناير 1970
02:00 م
... هنا حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت. هنا «الشارع العريض» الذي بدا كأنه يتّسع للاشتباك الاقليمي - الدولي الكبير في سورية وحولها. هنا «الحارة المحتارة»: فهل تصرخ من الألم الذي اختبرها مرتين مع «امتحان الدم» الذي أُخضعت له اول من امس وقبلها في الثاني من يناير، ام تصرخ من الغضب الذي يعتمل في قلوبٍ تمتزج فيها مشاعر «الصدمة والصمود» واللوعة و... اللوم. هنا ذكريات آخذة في التراكُم خلف «باب الحارة» عن ضحايا سقطوا بتفجيريْن انتحارييْن ولم يبق منهم الا طيْف «يحرس» منازلهم التي لم يعد «غار الشهادة» يكفي لمواساتها ومحو مأساتها.
... هنا حارة حريك «قلب المقاومة» التي يقال ان أبرز رموزها يعيشون فيها والتي كانت تضم ما عُرف بـ «المربع الأمني» لـ «حزب الله» الذي استدعى في حرب يوليو 2006 استهدافها بغارات اسرائيلية سوّت غالبية أبنيتها بالارض. هنا المحلّة حيث يبرز من «تحت ركام» تفجير اول من امس سؤال عن كيفية نجاح المجموعات الارهابية في النفاذ اليها لضربها مرتين في المكان نفسه.
... هنا حارة حريك حيث خرجت للمرة الاولى منذ بدء مسلسل التفجيرات ضد بيئة «حزب الله» الحاضنة علامات تململ حيال الأثمان التي يتم دفعها لانخراط «حزب الله» بالقتال في سورية، وإشارات غضب حيال «مجهول آخر» حتى الآن عبّرت عن نفسها بقطع طرق مساء اول من أمس بالإطارات المشتعلة.
وغداة انفجار «الحارة 2» الذي تم بواسطة ثلاث قذائف عيار 120 و130 ملم قدرت قوتها بنحو 15 كيلوغراماً من المواد الشديدة الانفجار وموصولة بصواعق لم تنفجر كلها كما الحزام الناسف الذي كان يلف الانتحاري، شخصت الانظار على التحقيقات التي يؤمل ان تصل الى نتيجة بعدما تم الامساك بطرف خيط مع الكشف عن اعترافات ادلى بها الموقوف نبيل احمد الموسوي بمسؤوليته عن سرقة عدد من سيارات «كيا» ومنها التي انفجرت في حارة حريك وقبلها في الهرمل يوم الخميس الماضي.
وقد أقرّ الموسوي الذي تم توقيفه بعد ساعات قليلة من عملية حارة حريك بسرقة السيارات التي كان يسلمها الى ماهر طليس الذي يرسلها بدوره الى سورية لتجهيزها بالمتفجرات.
وأظهرت التحقيقات أنّ الموسوي، وهو مواليد النبي شيت نشطَ في الأسابيع المنصرمة في سرقة السيارات، وتمكّن مع مجموعةً تعمل معه من سرقة أكثر من 30 سيارة من مناطق مختلفة.
ونُقل عن مرجع أمني إنّ «الشبكة الأولى التي تولّت السرقات تضمّ كلا من: زين جعفر وعلي جعفر ومحمد جعفر، وهم أقارب، وقد تمكّنوا من سرقة نحو 25 سيارة. أمّا الشبكة الثانية فتضمّ كلا من موسى العلي ومهدي العلي وحسن مرعي والشقيقين محمد وحسين فايز ناصر الدين، وهم من منطقة الهرمل، وقد نقلوا معظم سياراتهم الى منطقة القصر، حيث صودرت اربعة منها قبل ايام في عملية دهم في البلدة المتاخمة للحدود اللبنانية ـ السورية».
وقال المرجع إنّ توقيف الموسوي لا يعني انّه هو مَن وضع السيارة في الضاحية الجنوبية، لكنّه هو من سرقها وباعها الى ماهر طليس، ما يعني أنّ هناك خيطاً رفيعاً يمكن ان يؤدّي الى كشف الأسماء التي اشترت السيارة من طليس وصولاً الى الجهة التي فخّختها وفجّرتها».
ولم تحجب التحقيقات الانظار عن ضحايا التفجير الانتحاري (عددهم اربعة) الذين «زفّتهم» مواقع التواصل الاجتماعي ولا سيما الشابة ماريا حسين الجوهري التي كانت استشعرت بانها ستقضي بتفجير، اذ كتبت بعيد انفجار 2 يناير في حارة حريك على صفحتها على «فايسبوك»: «هيدا ثالث انفجار بزمط منو... ما بعرف اذا الرابع بروح فيه... انني حزينة».
في منزل ماريا (في الرويس) الذي «لبس الابيض» حداداً على «زهرة الحارة»، دموع وحسرة وذكريات في كل زاوية عن الشابة التي حزمت اعوامها الـ18 وغادرت بعدما كمن لها الاجرام ونجح في «القبض» عليها في المرة الرابعة، تاركة وراءها عائلة مفجوعة وغرفة كانت حتى الامس القريب بلون الليلكي والزهري ومزروعة بالاحلام قبل ان تستيقظ على كابوس حوّلها مجرّد ذكرى... بالأسود والأبيض.
وكما ماريا كذلك الشاب علي ابراهيم بشير ابن العشرين سنةً (من بيت ليف الجنوبية) الذي يدرس في «الجامعة اللبنانية الدولية» وكان من المفترض أن يقصد وزارة الزراعة من أجل إنهاء معاملة برفقة صديق له من آل الحاج حسن، لكنه قرر قبل ذلك المرور على مقهى افتتحه صديق له من آل المقداد قبل يوم واحد فقط. وكان في المقهى عندما وقع التفجير و«أطفأ شمعته».
اما أحمد عادل عبيدة (أبو عمر)، ابن الطريق الجديدة التي تناصب الضاحية الخصومة السياسية (محسوبة على تيار المستقبل) فقاده عمله مندوباً للمبيعات في إحدى شركات الأدوات المنزلية إلى حارة حريك لحظة الانفجار الذي لم يميّز بين مذهب او طائفة او طيف سياسي.