| د. تركي العازمي |
بعض الطلبة يغادرون كراسي المحاضرة التي اعتاد المدرس الوقوف أمامها شارحا لهم المنهج في فصل مخصص للمجموعة... يذهبون وحصاد فترة الثلاثة أشهر تعلن في كشف الدرجات وهكذا الى أن يتخرج الطالب ويلتحق بالعمل!
قبل أيام قليلة مررت بالقرب من مجموعة تشرفت بتدريسها في خارج حدود الفصل.. وكان سؤالهم عن القيادة الاخلاقية التي كنت على الدوام أربطها بالفكر الاستراتيجي ونص السؤال: هل القيادي يولد أم يتم تأهيله؟ وما علاقة القيادة بالفكر الاستراتيجي وضم الحوكمة كغطاء لحماية القيادي من «هفوات» النفس البشرية!
كانت محاضرة على «الواقف»... والمراد هنا انني ذكرت الاجابة الآتية لعل الفائدة منها تعم ويستفيد منها كل من له سلطة اتخاذ قرار تعيين قيادي أو له صلة بمتخذي قرار تعيين مرشح لمنصب قيادي!
طبعا القيادي أقرب له رأي بعض الباحثين في انه يولد قيادي، لأن من صفات القيادي ارتفاع مستوى الذكاء لديه مقارنة بالتابعين له، ناهيك عن أفضلية «المفوه» عند الاختيار، فالكاريزما صفة يستحسن توافرها في القيادي فمن خلالها يستطيع القيادي أن يحفز التابعين ويحضهم على العطاء، ولا شك بأن مستوى ذكائه يمنحه القدرة على اختيار الوسائل المقنعة فلا يوجد قيادي مؤثر من دون توافر القدرة على الاقناع!
أما الرابط بينها وبين الفكر الاستراتيجي... فالقيادي هو مصدر رؤية المؤسسة وهو من يرسم أهدافها بالتعاون مع الفريق التابع له (طبعا لا يوجد قيادي بلا تابعين) والفكر الاستراتيجي معني ببلورة الرؤية والأهداف وتحويلها الى أهداف محددة زمنيا تمكن المؤسسة من التوصل الى أهداف القيادي!
وبالنسبة للحوكمة... انها نظم تتماشى مع الأطر القانونية والاجراءات والخطوات الخاصة بالعمل، وبالتالي فالقيادي المتصف بالكاريزما تكون درجة الثقة بالنفس مرتفعة وفي ظل غياب الحوكمة (وهو حال جميع مؤسساتنا من دون استثناء وان كانت موجودة لدي قليل من المؤسسات فتجد سلطة الاستثناء والواسطة تتجاوز قواعدها المحكمة)، ولهذا السبب وضع أصحاب الأعمال وذوي العلاقة في عمل المؤسسة ومصالحها في المجتمعات الغربية حوكمة صارمة محاطة بأعراف العمل الأخلاقي كي لا تترك القرارات مختزلة في قناعة القيادي كفرد... انهم هناك يتقنون العمل الجماعي ويقدسون العمل المؤسسي والشفافية، وبعد الأزمة العالمية 2008 حظي الجانب الأخلاقي على اهتمام منقطع النظير!
طلبوا أمثلة... فقلت: قيادي يحمل تخصص علوم انسانية يتم تعيينه في منصب قيادي تعطى الأولوية لمتخصص في العلوم لا والخبرة «ما لها شغل» فماذا تتوقع منه قياديا : لا فكر ولا رؤية! طيب و«الملاّك وينهم»... الطلبة يتساءلون؟
الحاصل ان مجلس الادارة يراجع الأرقام وما دام فيه أرباح «ما لهم شغل» وان أخذت ممارسات العمل الأخلاقي وقذفت في البحر... الفلوس أهم من النفوس أحبتي!
كانت محاضرة على «الواقف»... ومن يتوقع ان الكفاءات لها الحق في شغل المناصب القيادية نطالبه في مراجعة مؤهلات شاغلي المناصب القيادية وتحديدا في القطاع الخاص لأن القطاع العام لا يجوز اطلاقا تطبيق المفاهيم القيادية عليه (حقل مسيس فيه محاصصة ونفوذ والواسطة وبس)... ومن ثم نترك الرأي لهم على نحو استدلالي والحديث يطول في هذا الجانب. والله المستعان!
[email protected]Twitter : @Terki_ALazmi