التفاهم السياسي العريض أُنجز تماماً ويبقى إقناع عون بالمداورة في الحقائب

مساعٍ لتفكيك آخر التعقيدات أمام تشكيل الحكومة اللبنانية

1 يناير 1970 02:00 م
استبعدت الاوساط المعنية بتشكيل الحكومة في لبنان اي تأثير سلبي للتفجير الجديد الذي استهدف الضاحية الجنوبية امس على المساعي الجارية لتشكيل الحكومة بل ذهبت الى القول ان التفجير سيحفز المساعي لتجاوز العقبات القائمة في وجه استكمال التشكيلة الحكومية لانه يثبت تكراراً ان الرد الوحيد الممكن على الاختراقات الارهابية هو عبر مسار سياسي توافقي يشكل غطاء للمواجهة الامنية.

وأبلغ مصدر معني بالمشاورات الحثيثة الجارية في ملف تشكيل الحكومة «الراي» ان التفاهم السياسي العريض قد أُنجز تماماً والعمل يجري الآن على تدوير آخر الزوايا المتعلقة بنقطة مبدئية حصرية هي اقناع زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون بالمداورة في الحقائب ومن ثم الشروع في اسقاط الأسماء على الحقائب الوزارية.

وبدا واضحاً ان التفاهم السياسي على دفع عملية تشكيل الحكومة تجاوز معظم العقبات الجوهرية بعد التوضيحات التي ادلى بها الرئيس سعد الحريري في مقابلته التلفزيونية مساء اول من أمس وبدا معها، كما قال المصدر نفسه، حازماً في المضي في قرار المشاركة في الحكومة وفي الوقت نفسه في عدم التساهل اطلاقاً مع المنطلقات المبدئية للخصومة مع «حزب الله». وهو الامر الذي ترجمه الحريري في عدم تردده باطلاق تسمية «ربط النزاع» على الحكومة العتيدة التي لم ترُق كثيراً لقوى 8 اذار نظرا الى انه ادرج هذه العملية في اطار ظرفي اولاً ومن ثم ذهب الى محاكمة الحكومة المستقيلة التي اعتبر انها تسببت بانهيار البلاد بعد ثلاثة اعوام من ولايتها ناهيك انه لم يهادن «حزب الله» في اي مسألة من مسائل الخلافات الكبيرة وشن اقوى هجماته على النظام السوري متهماً اياه بالوقوف وراء اغتيال الرئيس رفيق الحريري وتصفية شعبه الآن.

ومع ذلك، يشير المصدر الى ان عملية تشكيل الحكومة ماضية قدماً بدفع مضاعَف سيسعى معه الرئيس المكلف تمام سلام الى استكمال التوافق على توزيع الحقائب الوزارية اولاً ومن ثم وضع التشكيلة بالاسماء والحقائب في الساعات المقبلة. وكشفت ان الاجتماع الذي عقد مساء اول من أمس بين سلام وموفديْ الرئيس نبيه بري و«حزب الله» الوزير علي حسن خليل وحسين الخليل لم يفض الى بت عقدة تمسك العماد عون بحقيبتيْ الطاقة والاتصالات من منطلق عدم اقتناع عون بالمداورة في حكومة لن تعمّر سوى ثلاثة اشهر الى موعد الاستحقاق الرئاسي.

وقال المصدر ان الاتصالات امس كانت تتركز على ايجاد حل لعقدة عون ويفترض ان تتبلور الامور اليوم، فاما يبقى زخم العملية جارياً بما يكفل الولادة الحكومية نهاية الاسبوع كما توقع رئيس الجمهورية ميشال سليمان واما تتأخر الولادة الى الاسبوع المقبل.

اما في ما يتعلق بالتمايز العلني الذي برز بين الحريري وحليفه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بعدما كشف الاخير علناً هذا التمايز قبل ساعات قليلة من المقابلة التلفزيونية للحريري، فأشارت اوساط قوى 14 اذار الى جدية كبيرة يظهرها جعجع في الحفاظ على موقفه وعدم المشاركة في الحكومة بما يذكّر بالموقف الذي اتخذه من اجتماعات هيئة الحوار الوطني التي قاطعها في الجولات الاخيرة التي عقدتها من منطلق عدم اقتناعه بجدواها. وقالت ان المشاورات المباشرة بين الحريري وجعجع استمرت في الساعات الاخيرة كما ان وفداً من الامانة العامة لقوى 14 اذار موجود في باريس ويضم النائبين السابقين سمير فرنجية وفارس سعيد يعمل مع الحريري على بلورة الاتجاهات التي سيسلكها هذا الامر من دون ان تستبعد في النهاية توافقاً وتوزيع أدوار قد يبقى معها جعجع خارج الحكومة ما لم تبرز عوامل جديدة في الساعات المقبلة من شأنها ان تحمل كل مكونات 14 اذار على المشاركة واسقاط «القوات اللبنانية» تالياً تحفظاتها.

وكان الحريري أدرج موافقته من لاهاي على مشاركة «حزب الله» في الحكومة في خانة «واجبه ومسؤوليته السياسية، فامام ما حصل في لاهاي (بدء المحاكمة في جريمة اغتيال والده) وهو كبير جداً، خرجت وأعلنت استعدادي للمشاركة في الحكومة».

ورسم زعيم «المستقبل» الاطار السياسي لهذه المشاركة مشددا على رفض الثلث المعطل وثلاثية الجيش والشعب والمقاومة والاصرار على اعلان بعبدا واعتماد المداورة. وحذر من الوضع السائد في البلاد، لافتا الى ان «كل تفجير يقابل بتفجير آخر، ثم يوزع الملبس هنا او هناك ولكن من يفعل ذلك؟ انه الطاغية والسفاح بشار الاسد». واضاف: «البلد لم يعد يحتمل وانا من واجبي ان اجد معادلة للخروج من الوضع المؤلم». ووصف المشاركة مع خصومه في الحكومة بانها «ربط نزاع على طاولة مجلس الوزراء فهو (حزب الله) لن يخرج من سورية ولن يتخلى عن سلاحه وانا سأبقى اطالب بانسحابه وبالتخلي عن السلاح. ولن اغطي قتال حزب الله في سورية، لان هذا يجلب لنا النار الى لبنان ولن اغطي السلاح ولا المتهَمين باغتيال شهدائنا». وأعلن ان «لا شيء يفرقني عن حلفائي في 14 آذار الا الموت والحوار مع الحلفاء مفتوح».

ورداً على سؤال، قال: «بالنسبة لسورية هناك السلاح الكيماوي وعندما ينتهي هذا الامر سيقولون لبشار انقلع»، معتبراً ان «السوريين رح يدعسوا التكفيريين، أنا واثق، لأن الشعب السوري ليس تكفيرياً».

وعن التفجيرات ضد بيئة «حزب الله» قال: «المشكل حصل لأن هناك من قرر في الحزب ان يذهب الى سورية ويحارب الشعب السوري، هذا لا يبرر التفجيرات، ولكن في النهاية نحن نتحمل في لبنان قرارات جنونية لحزب الله».