افترشوا أحد المساجد وناشدوا وزارة الشؤون تخليصهم من «سخرة» العمل 15 ساعة بلا أجرة
19 عاملاً أوغندياً يتهمون كفيلهم بإسقاطهم في مستنقع العبودية!
| كتب ناصر الفرحان |
1 يناير 1970
11:19 ص
شكا 19 عاملا زراعيا من أوغندا مما وصفوه بـ «ظلم الكفيل الذي أوقعهم في مستنقع العبودية ومارس حيالهم كل أنواع الجشع الممنهج»، وفقا لتعبيرهم، مبينين انه استقدمهم للعمل في مزرعته بالعبدلي براتب 200 دينار شهريا، لكنهم فوجئوا بأقل من ثلثه، وعندما قبلوا بذلك من اجل فلسات قليلة يرسلونها الى ذويهم في الدولة الافريقية، أجبرهم على العمل ضعف الدوام المقرر، وفوق ذلك تحفظ على كل إثباتاتهم وطردهم الى الشارع عندما طالبوا بأقل القليل من حقوقهم ورواتبهم التي لم يتقاضوا منها شيئا على مدى أشهر طويلة، حسب روايتهم التي أعقبوها بمناشدة وزارة الشؤون الاجتماعية السعي الى حل أزمتهم التي دفعتهم الى التماس مأوى في مسجد ابراهيم الهاجري في الجابرية، هربا من البرد القارس في الشارع وأملا في لقمة خبز يلقيها اليهم بعض المحسنين!
«الراي» بادرت بالاستجابة لاستنجاد العمال التسعة عشر وزارتهم في المسجد الذي اتخذوه مقرا موقتا لهم ريثما يجدون حلا لمأساتهم التي استمرت أشهر!
العمال الذين تحلقوا حول «الراي» بادروا بالقول: «لقد وجدنا في المسجد ورواده حضنا دافئا بعدما ضاق بنا قلب كفيلنا ومزرعته... وحتى الشارع الذي طردنا الى فضائه البارد بعدما أصر على أننا لسنا بشرا نستحق الحد الادنى من المعاملة الآدمية»، مضيفين: «ان الكفيل استقدمنا على دفعات، فبعضنا دخل الكويت قبل عام والبعض حضر منذ أشهر عدة، حتى بلغ عددنا 19 عاملا زراعيا مهمتنا فلاحة المزرعة براتب شهري 200 دينار، وبعد ان أنهى الكفيل اجراءات إقامتنا كانت صدمتنا الاولى عندما فوجئنا بتخفيض الراتب الى 60 دينارا (أقل من الثلث)، ولم تنفع الاعتراضات، فوافقنا على الراتب المصحوب بمرارة بشعة، ضاعف من بشاعتها ان الدوام يبدأ من الخامسة صباحا وحتى الثامنة ليلا من دون هوادة!».
وتابع أحد العمال: «المصيبة ان صاحب المزرعة لم يدفع لنا رواتبنا منذ أشهر طويلة، واحتفظ بجوازات سفرنا وبطاقاتنا المدنية حتى لا نستطيع الخروج من باب المزرعة، وحرمنا - في شدة المرض - من الذهاب الى المستوصف، والغريب اننا لاحظنا انه يسمح للبيض بالذهاب الى الطبيب بمجرد شعورهم بأي مرض، أما نحن أصحاب البشرة السوداء فيتركنا نواجه الأمراض بمفردنا!».
عامل آخر التقط خيط الحديث قائلا: «الكفيل يستغل فقرنا الشديد وحاجتنا الماسة الى العمل على الرغم من الاجر القليل والشقاء المضاعف، لأن أبناءنا الصغار وذوينا يحتاجون الى رغيف الخبز الذي يسد رمقهم، ومع ذلك حرمنا الكفيل من إرسال ثمنه لهم، أما عن المعاملة السيئة غير المبررة، فأصبحنا عاجزين عن مقاومتها فضلا عن فهمها، فنحن جميعا نشعر بأننا عبيد في مزرعة كفيلنا الظالم».
عامل من المجموعة انتقل بالمعاناة الى مربع آخر عندما أضاف: «نحن استنجدنا بصحيفتكم بعدما نفد صبرنا، وأوصدت أمامنا كل الأبواب، فبلدنا أوغندا ليس له سفارة على أرض الكويت لكي نلوذ بها للدفاع عنا، وعندما لجأنا الى لجنة المنازعات في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اهتموا بقضيتنا وتحدثوا مع الكفيل لاستدعائه، فوعدهم بالحضور في صباح اليوم التالي، ومرت أيام وتلتها أيام ويبدو ان اليوم التالي لم يأت ولن يأتي في ظل إصرار صاحب المزرعة على التنكيل بنا ولم نعرف لماذا!».
وأوضح عامل آخر: «بعدما عمد الكفيل الى طردنا عقابا على مطالبتنا بحقوقنا في حدها الادنى، ومنها الراتب - المرتبط بشدة بحق الحياة - استبد بنا الشارع الذي ظلمنا أيضا بعدم اكتراثه وبرودته القاسية، ففررنا الى هذا المسجد (يقصد مسجد ابراهيم ناصر الهاجري في الجابرية)، حيث احتضننا بدفئه وصدره الرحيم، في حين أولانا رواده كثيرا من عنايتهم، فهم يرسلون إلينا بالطعام طوال المدة التي قضيناها بين جدرانه والتي تجاوزت عشرة أيام، وعلى الرغم من كرم المحسنين فإننا نود ان نأكل من عرق جبيننا، فنحن لم نأت من بلادنا لنتسول، ونحن نقدر للكويت انها تمد أياديها بالخير للقاصي والداني، وهو ما يجعلنا مصدومين مما يرتكبه كفيلنا بحقنا!».
وقبل ان ينهي العمال التسعة عشر حديثهم مع «الراي»، حملوها مناشدتهم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ان تضع حدا لأزمتهم، وتلزم كفيلهم بإعادة حقوقهم كعمال... وقبل ذلك بوصفهم بشرا يستحقون معاملة تسمو - ولو قليلا - عن معاملة العبيد».