في محاضرة أقيمت ضمن مهرجان القرين على مسرح متحف الكويت الوطني
شهاب والدويش: يجب الاهتمام والاعتناء بعمليات الكشف الأثري في الكويت
1 يناير 1970
09:55 ص
• الإنسان استوطن أرض الكويت منذ العصور الحجرية مستغلا مواردها الطبيعية
• القلعة الهيلينستية في فيلكا تعد نموذجاً للهندسة المعمارية عند دراسة الآثار الإغريقية في الشرق
• تلال المدافن توضح بعض البقايا والآثار لجثث قديمة وحفريات مدفونة ووضعيات مختلفة
اقيم ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي، في دورته العشرين- الذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب وعلى مسرح متحف الكويت الوطني- محاضرة «اثار دولة الكويت» والتي اشتملت على محورين حمل الاول عنوان «القلاع في دولة الكويت» وقدمه الأمين المساعد لقطاع الآثار والمتاحف شهاب الشهاب والمحور الثاني «الكويت في عصور ما قبل التاريخ» وتناوله مدير ادارة الاثار والمتاحف سلطان الدويش، وذلك بحضور الامين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب المهندس علي اليوحة ونخبة من قيادات المجلس والمهتمين بآثار الكويت و حضارتها القديمة العريقة.
الكويت في عصور ما قبل التاريخ
في البداية استعرض الدويش الاكتشافات الاثرية في دولة الكويت منذ عام 1958 م وحتى الان، موضحا حقيقة ان الانسان استوطن ارض الكويت منذ العصور الحجرية مستغلا مواردها الطبيعية والمتمثلة في موقعها الاستراتيجي المهم الواقع على راس الخليج العربي وتوافر مصادر المياه الصالحة للشرب والارض الخصبة للرعي، اضافة الى توافر الحجارة التي ساعدت الانسان وقتها على صناعة الادوات الحجرية المختلفة، اضافة الى توافر مادة القار في منطقة برقان وعيدان القصب في منطقة الصبية.
كما تناول العصور الحجرية في دولة الكويت مستعرضا بالصور اهم الاكتشافات والاثار الدالة على كل حقبة زمنية، وتحدث عن العصر الحجري الوسيط 13000-8000 وما ميزه من جماعات للصيادين مستخدمة الادوات الحجرية والتي اشتملت على رؤوس سهام وسكاكين، ثم العصر الحجري الحديث 8000- 5500 والذي تزايدت خلاله الادلة الاثرية واهمها تلال القرين بجنوب الكويت بالإضافة الى تل الصليبخات، وموقع القرين 2 والذي يتكون من عدة تلال ويعتقد انها ربما كانت قبورا انتشرت على رؤوس التلال بالعصر الحجري، اضافة الى فترة العبيد وهي الفترة من الالف السادس قبل الميلاد الى الالف الرابع قبل الميلاد وذلك نسبة الى تل صغير يعرف بتل العبيد واهميته ترجع الى انه يعد بداية الاستيطان البشري بمنطقة الصبية وقد عثر على دلائل وجود مظاهر للحياة عاشها الانسان على ارض الكويت منذ 7300 سنة.
كما ركز على بعض الاثار المهمة مثل قارب الصبية الذي اكتشفته البعثة الكويتية البريطانية اثناء اعمال التنقيب، وهو نموذج قارب بشراع غاية في الروعة من الفخار الاحمر وطوله 14 سم ويوجد شبيه له بمنطقة «مشنقة» في سورية، وهو ما يدل على ارتباط الانسان بالبحر ومحاولته صناعة السفن وركوب البحر، كما تحدث عن اكتشاف كنيسة مسيحية ومسجد اسلامي يعتبر الأشهر على صعيد الآثار الاسلامية في الكويت ومنطقة الخليج العربي، في موقع القصور وهي كنيسة صغيرة المساحة أبعادها 17.50×6.50م وتتكون من صحن وجوقة ترتيل، ويتم الدخول لصحن الكنيسة عبر درج مكون من خمس عتبات.
وختم بالحديث عن تلال المدافن الرائعة والتي ابهرت الحضور بصورها المميزة التي توضح بعض البقايا والاثار لجثث قديمة وحفريات مدفونة بأشكال ووضعيات مختلفة، مثل وضع القرفصاء وغيره. وشدد الدويش على اهمية الدور الذي تلعبه الاثار في الكشف عن حضارات الامم السابقة ودعا الى المزيد من الدراسات والابحاث التي تهتم بعمليات الكشف الاثري على ارض الكويت.
من جهته، اوضح الشهاب في المحور الثاني للمحاضرة تعريف القلاع وهي التي تعد بمثابة الحصن المنيع الذي يشيد في موقع يصعب الوصول اليه وغالبا ما يكون على قمة جبل او مشرفا على بحر، وكانت تؤدي قديما دور البيت والحصن والسجن ومستودع الاسلحة وبيت المال ومركز الحكومة المحلية، وغالبا ما كانت تنشأ القرى حولها.
وتناول الشهاب بالتفصيل في كلمته جزيرة فيلكا التي تحدث عنها المؤرخ اليوناني سترابو في نهاية القرن الاول قبل الميلاد وكانت تعرف حينها غالبا باسم جزيرة «ايكاروس» و قد استقى معلوماته من الرحالة الذين ارسلهم الاسكندر الاكبر، واشار الشهاب الى ان الاعتقاد السائد بان الاسكندر الاكبر قد زار فيلكا هو اعتقاد خاطئ وان ما حدث انه ارسل العديد من الرحلات الى فيلكا وحصل على الكثير من التقارير من خلال المستكشفين.
وتناول اقدم قلعة بنيت على ارض الكويت وهي القلعة الهيلينستية في فيلكا وهي تعد نموذجا للهندسة المعمارية لدراسة الاثار الاغريقية في الشرق وهي مشابهة ومرتبطة بالقلاع المعاصرة لها في بلاد الرافدين وقد بدأ بناؤها بشكل مربع ولها ابراج محصنة ومعبدان وقد ادخلت عليها تعديلات لاحقة وتمت اضافة ابراج وخندق دفاعي يحيط بها، كما اضيف بها عدد من الدور السكنية.
وفي عام 1958 – 1963 ذكر وجود 12 قلعة اسلامية بمنطقة القصور وقد اثبتت اعمال التنقيب الاثري في هذه المنطقة انها قرية سكنية ترجع الى الفترة المسيحية تتوسطها كنيستان ولم يكشف عن وجود اي قلاع بالقرية، ومن المتعارف عليه انه بعد هذا التاريخ لم يرد ذكر لاي قلاع او حصون على ارض الكويت حتى ذكر ان هناك قلعة برتغالية قرب القرين وكانت هي الدافع لاستكشاف جزيرة فيلكا.
التي كانت تحتل موقعا استراتيجيا لتحكمها في الطريق الموصل الى البصرة وكان الطريق التجاري من بلاد الرافدين الى هرمز مفتاح الخليج وهذا هو السبب لوجود قلاع برتغالية بالكويت.
وختم الشهاب مؤكدا ان أعمال التنقيب الاثري التي اجريت في جزيرة فيلكا منذ عام 1858 وحتى الوقت الحاضر قد أماطت اللثام عن جزء من تاريخ الجزيرة القديم ومازالت ارضها تحتفظ بالكثير من الاسرار التاريخية. وهي تعد من أهم المواقع الأثرية.
واشار الى اهمية الاثار الانسانية وضرورة الحفاظ عليها لانها تجسد حضارة الدول وتعكس ثقافتها وهي تعكس كل ما خلفه الانسان الذي استوطن بقعة معينة من الارض ولفترة زمنية تعايش خلالها مع معطيات البيئة المحيطة به واثر وتأثر بها وسخر طبيعتها لخدمته وترك خلفه العديد من الاثار والدلائل والوثائق المادية الملموسة التي انتجها وكانت انعكاسا لحضارته وعلاقته بالمكان الذي يحيا به.