فتفت لـ «الراي»: الموضوع سياسي بامتياز وليس أرقاماً والمدخل الفعلي التزام «إعلان بعبدا»

تقدُّم حذر في المساعي لتشكيل حكومة لبنانية

1 يناير 1970 01:59 م
للمرة الاولى منذ تكليف الرئيس تمام سلام تشكيل الحكومة الجديدة في 6 ابريل الماضي، يبدو لبنان امام 'فرصة جدية» لاعلان حكومةٍ باتت بين احتمالي الولادة الطبيعية في الشهر التاسع لتكليف الرئيس تمام سلام ومن ضمن توافق سياسي والخروج الى النور «قيصرياً» تحت عنوان «فك اشتباك» بين طرفيْ الصراع 8 و14 آذار على مشارف بدء العد التنازلي لدخول البلاد مدار انتخابات رئاسة الجمهورية في 25 مارس المقبل.

وانهمكت بيروت امس في موازاة تلقيها دعوة باسم وزير خارجيتها عدنان منصور للمشاركة في مؤتمر «جنيف - 2» حول سورية، بمحاوِلةً التحري عن حظوظ نجاح «الأرنب» الذي أخرجه رئيس البرلمان نبيه بري والنائب وليد جنبلاط من «جيْبهما» في القفز فوق خط الانقسام العمودي بين 8 و 14 آذار من خلال صيغة الثلاث ثمانيات التي أعيد احياؤها والتي تمنح كلا من الفريقيْن 8 وزراء مع 8 آخرين للفريق الوسطي ومع ضمّ وزير شيعي غير نافر الى حصة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، يكون متوافقاً عليه ضمناً مع بري و»حزب الله» بحيث يصنّف في خانة «الوزير التوافقي».

ورغم الأجواء التي اوحت بايجابيات عقب لقاء سليمان اول من امس بموفديْ بري والامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، فان اوساطاً مراقبة حاذرت الاغراق في التفاؤل، مفضّلة التحدث عن اختراق في جدار الأزمة من خلال تراجُع فريق 8 آذار خطوة الى الوراء بموافقته على على معادلة 8-8-8 مع تدوير الزوايا و«تطويرها»، بعدما كان يعارضها في السابق ويتمسك بصيغة 9-9-6 التي تؤمن له الثلث المعطل وايضاً ابدائه مرونة في التعاطي مع معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» في البيان الوزاري التي كان يعتبرها «ثلاثياً مقدساً» والتسليم بمبدأ المداورة في الحقائب.

ومردّ الحذر في مقاربة التقدم الموْضعي الذي تحقق في الملف الحكومي قبل ايام قليلة من وصول وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف الى بيروت يوم الاثنين، هو المعطيات الآتية:

* حرص فريق 8 آذار على اعتبار الوزير الشيعي من حصة رئيس الجمهورية بمثابة «الثلث المعطّل المقنّع»، وهو ما كررت اوساط هذا الفريق امس ابلاغه الى «الراي».

* تمسك قوى 14 آذار برفض اي صيغة لثلث معطّل مضمر واصرارها على ان «يكون التزام اعلان بعبدا الذي يعني انسحاب حزب الله من سورية المدخل الفعلي لابراز الايجابية من فريق 8 آذار»، مكررة بلسان أوساط مطلعة فيها لـ «الراي» ان «موضوع الحكومة ليس رقمياً بل سياسي بامتياز ويتصل بما اذا كان حزب الله يريد الشراكة الفعلية التي لها مقوماتها فلا يتفرّد في قرار الحرب مع اسرائيل ثم بقرار القتال في سورية، بل يلتزم باعلان بعبدا ومقررات طاولة الحوار السابقة».

وفي السياق نفسه، اعلن النائب احمد فتفت (من كتلة الرئيس سعد الحريري) لـ «الراي» ان موضوع الحكومة «سياسي بالكامل وموقف قوى 14 آذار لا يزال نفسه، اي ان المشاركة في الحكومة تستدعي التزام الجميع باعلان بعبدا وتحييد لبنان عما يجري على الساحة الاقليمية وهذا يعني انسحاب حزب الله من سورية، وبالتالي اذا كان الموضوع قابلاً للحل في السياسة تصبح الصيغ أسهل بكثير للمداولة»، لافتاً الى «اننا لا نريد الغاء احد من الحياة السياسية اللبنانية ولا عزل حزب الله بالتأكيد، بل نريد شراكة وطنية حقيقية وليس شراكة ارقام بل شراكة في القرار السياسي وشراكة في الالتزام بما يتم الاتفاق عليه بعيداً من منطق التعطيل والثلث المعطّل لان منطق التعطيل جربناه ورأينا الى اين اوصلنا ومَن جرّب المجرّب كان عقله مخرّب».

* بيان كتلة «المستقبل» النيابية الذي وُزع امس ولكنه جاء عقب اجتماع الكتلة مساء اول من امس كما علمت «الراي» بعيداً عن الاعلام لأسباب امنية، وفيه تمسّكت «بمطالبة الرئيسين سليمان وسلام بتشكيل الحكومة الجديدة من غير الحزبيين كي تفتح الطرق أمام الانفراجات المطلوبة وتفسح في المجال امامها للانصراف الى معالجة مشكلات لبنان الامنية والاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة والملحة، على ان تحال باقي الملفات المتنازع عليها الى طاولة الحوار الوطني»، مكررة ان اغتيال الوزير محمد شطح تم على يد «المجرم نفسه» الذي اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

وفي حين بدا موقف «المستقبل» في رأي البعض بمثابة جواب على الصيغة المتداولة للحكومة السياسية الجامعة، اشارت مصادر غير بعيدة عن الكتلة الى ان «الاتصالات ما زالت مستمرة في محاولة للوقوف على حقيقة ما يعرضه 8 آذار والتأكّد مما اذا كان هناك التزام باعلان بعبدا والشراكة الحقيقية وتراجع فعلي عن الثلث المعطّل أم أن الأمر مجرد مناورة لوضع مسؤولية الفشل على عاتقنا».

وعلمت «الراي» ان الصيغة الحكومية الجديدة التي تقوم في شق منها كما اقترح 8 آذار على ان يرفع كل حزب لرئيسي الجمهورية والحكومة لائحة بأسماء ليتم الاختيار من بينها، اوجبت حصول نقاش مستفيض ما زال مستمراً داخل 14 آذار التي لاحظت ان فريق 8 آذار تراجع في موضوع صيغة الثلاث ثمانيات امام اصرار سليمان على اعلان الحكومة الحيادية ونتيجة حاجة ايران الى تقديم رسالة ايجابية للمجتمع الدولي في مرحلة الاختبار حول ملفها النووي، معتبرة ان «حزب الله» له مصلحة ايضاً في أن يجلس مع 14 آذار في حكومة واحدة مع انطلاق أعمال المحكمة الخاصة بلبنان في 16 الجاري ومحاكمة 4 متهمين منه.