لبنان حسم وفاته بطريقة «طبيعية» نتيجة المرض وعسيري كشف طلب عائلته تسلّم جثته
تبادل اتهامات إيراني - سعودي حول دعم الماجد
| بيروت - من ليندا عازار |
1 يناير 1970
12:25 م
على قاعدة «إرباك يسلّم إرباكاً» يسير ملف امير «كتائب عبد الله عزام» السعودي ماجد الماجد الذي توفي في بيروت بعدما كانت مخابرات الجيش اللبناني نجحت في القبض عليه قبل 11 يوماً أمضاها في المستشفى العسكري بحال صحية سيئة نتيجة مضاعفات اصابته بفشل كلوي، ما سبّب موته قبل ان يتاح التحقيق معه حول تبني مجموعته تفجير السفارة الايرانية في بيروت في 19 نوفمبر الماضي وملفات أخرى، لتطوى معه «صندوقة أسرار» عن أدوار اضطلع بها وتنظيم «القاعدة» في أكثر من ملعب نار في المنطقة.
فبعدما التقطت بيروت أنفاسها مع اعلان السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري ان عائلة الماجد طالبت باسترداد جثّته من لبنان الذي كان سيضطرّ بغير ذلك لدفن واحد من أخطر المطلوبين دولياً على أرضه، دقّ «الإحراج» مجدداً أبواب لبنان مع انتقال طهران من التشكيك بـ «الصوت العالي» في ملابسات موت الماجد واتهام السعودية بالتسبب في ذلك وتغطية «إرهابه»، الى إعلان ان وفداً منها سيتوجّه الى بيروت للتحقيق بوفاته.
وفي حين ينُتظر ان يسلك طلب تسلم جثة الماجد طريقه إلى وزارة الخارجية اللبنانية التي تحيله على وزارة العدل التي ترسله بدورها إلى النيابة العامة التمييزية لاتخاذ القرار، جاء حسم لبنان ملابسات وفاة الماجد (وفق تقرير الطبيب الشرعي) «بطريقة طبيعية» اذ كان «بحال غيبوبة عميقة، ويعاني نشافاً في الرأس نتيجة فيروس، ولديه قصور في الكِلى والتهاب حادّ في الرئتين، فضلاً عن انخفاض في ضغط الدم، وفي صفائح الدم»، ليشكّل رداً على تشكيك طهران، وسط إرباك يصيب بيروت حيال اي سماح لايران بالتحقيق في وفاة الماجد الذي كانت الجمهورية الاسلامية طالبت بالمشاركة في التحقيق معه بعيد الكشف عن توقيفه مقابل رفض الرياض ذلك ومطالبتها باسترداده باعتباره على لائحة أخطر المطلوبين لديها.
واكد مصادر رسمية لبنان ان أيّ طلب من إيران للمشاركة في التحقيق بسبب الوفاة سيحال الى القضاء ليتّخذ الموقف المناسب، وسط إحراج لبيروت، مرتبط بالسقف الاتهامي العالي الذي رسمته طهران في هذا الملف حيال السعودية واستطراداً تجاه لبنان نفسه وجيشه الذي اتُهم ضمناً بالتورط في هذا الامر لمصلحة السعودية ومقابل مبلغ الثلاثة مليارات دولار الذي اعلنت الرياض انها قررت تقديمه لتسليح الجيش اللبناني، الامر الذي يضع «بلاد الأرز» مجدداً على «خط الاشتباك» السعودي - الايراني الذي شكّلت قضية زعيم «كتائب عبد الله عزام» عنصراً اضافيا فيه وصل الى حد تلويح طهران باللجوء الى مجلس الامن لمتابعة قضية التفجير الذي استهدف سفارتها.
وكان لافتاً انه في موازاة «ارتفاع سخونة» المعركة السعودية - الايرانية على الماجد «ما بعد وفاته» وسط ارتسام سباق جديد بين تسليمه لعائلته وتالياً نقله من لبنان وبين تلقي وبت طلب طهران التحقيق في وفاته، قال وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال اللبنانية عدنان منصور كلاماً استوقف دوائر سياسية وبدا متبنياً ضمناً للتشكيك بظروف موته اذ اعلن ان «موت امير كتائب عبد الله عزام ضربة للعدالة، إذ ذهبت معه الخطط التي أراد تنفيذها عبر مجموعته في لبنان وخارجه»، مشيرا إلى أنه «بوفاته تطوى صفحة مهمة من المعلومات التي كانت بحوزته»، وإن كان لفت الى انه «لا يتوقف أمام الشكوك بمقدار اهتمامه بما صدر عن الاجهزة الامنية والقضاء»، موضحاً انه «لا يستطيع تجاهل المعلومات التي لديها».
وكان رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الايراني علاء الدين بروجردي قد اعلن ان طهران سترسل فريقاً إلى لبنان للتحقيق في وفاة الماجد قائلاً ان «وفداً إيرانياً سيتولى التحقيق في وفاة الماجد» واصفاً موته بأنه «غامض وتحوم حوله الشكوك كثيراً»، ومعتبراً أنه «بموجب الظروف الحالية، من الضروري أن تحدد الحكومة اللبنانية سبب وفاة الماجد، وتعدّ تقريراً بهذا الشأن».
واتهم السعودية بأداء دور في تنفيذ هجمات «إرهابية» في المنطقة، ودعم «إرهابيين» مثل الماجد، مشيراً الى ان «السعودية، بصفتها الممول الرئيس للماجد، غير مهتمة بالكشف عن دوره في هجمات بيروت الإرهابية». ورد السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري معلناً في اشارة ضمنية الى ايران ان «السعودية تعلم أين كان ماجد الماجد وتعرف من درّبه واحتضنه»، موضحاً ان «الماجد هو قاتل أهله ووطنه قبل كل شيء».
واذ اكد ان المملكة لم تطالب بتشريج جثة الماجد، لفت الى أن «لا علاقة لهذا الملف بالهبة السعودية الى الجيش اللبناني»، مؤكداً ان «السعودية لم تدعم جهة في لبنان على حساب أخرى ولا ساهمت في بناء أي مجموعة مسلحة بل دعمت مؤسسة الجيش والدولة».
وفي هذه الأثناء، لفت دخول «حزب الله» على خط هذا الملف، اذ اعلن وزيره محمد فنيش ان «الشكوك حول وفاة قائد كتائب عبدالله عزام مقبولة في بلد مثل لبنان فيه كل هذه التدخلات، الا ان هذه الشكوك يجب الا ندخلها في اطار الخلافات الداخلية، فهناك مستندات وحقائق يجب ابرازها لحسم كل الجدل القائم».
وردا على تصريحات السفير السعودي الذي لمح الى دور ايران و«حزب الله» في دعم الماجد، اعتبر ان «هذا الرد يعمل على اخفاء دور السعودية في الموضوع». وسأل «لماذا كان هناك انكار لوجود هذه المجموعات، ويتم الهجوم على كل من يتحدث عنها؟».