لبنان يخشى دفن أمير «كتائب عبدالله عزام»

1 يناير 1970 01:59 م
كما في القبض عليه، كذلك في وفاته، شكّل امير «كتائب عبدالله عزام» ماجد الماجد «وقوداً» في الاشتباك المتعدد الجبهة المشتعل بين السعودية وايران على امتداد «رقعة الشطرنج» الاقليمية.

فإعلان لبنان رسمياً وفاة الماجد في المستشفى بعد عشرة ايام من توقيفه نتيجة تدهور حاله الصحية حيث كان يعاني من فشل كلوي، لم يساهم في سكب مياه باردة على المعركة الديبلوماسية التي اندلعت بين الرياض التي كانت تريد استرداده باعتباره من أخطر المطلوبين على أراضيها وبين طهران التي كانت ترغب في المشاركة بالتحقيق معه بعدما اعلنت كتائبه مسؤوليتها عن تفجير سفارتها في بيروت في 19 نوفمبر الماضي.
واذا كانت وفاة الماجد أخرجت لبنان من دائرة الحرَج بعد وقوعها بين «مطرقة» الرغبة السعودية و«سندان» الطلب الايراني، فان ما بعد مفارقة الماجد الحياة أجّج الصراع بين الرياض وطهران التي اندفعت في حملة ديبلوماسية متهمة السعودية بالتورّط في موته «لأنها كانت تعلم بأنه قد يدلي باعترافات تسيء إليها، وسيفضح وجوه الإرهابيين الذي ينفذون عمليات على الأرض اللبنانية، وفي العراق وسورية»، قبل تلويحها باللجوء الى مجلس الامن لمتابعة قضية تفجير سفارتها في بيروت والذي أدى إلى مقتل 26 شخصاً بينهم الملحق الثقافي إبراهيم أنصاري.
وبرز في هذا السياق تأكيد الناطقة باسم وزارة الخارجية الايرانية مرضية أفخم تعليقاً على اعلان لبنان وفاة الماجد ان طهران «باعتبارها المتضرر الاول من الهجوم على سفارتها تطالب بتحديد هوية الضالعين بهذا الهجوم الارهابي ومقاضاتهم»، لافتة الى ان «عزيمة ايران لن تفتر في متابعة العناصر المسؤولة عن الهجوم الارهابي قرب سفارتها في بيروت على الصعيدين الحقوقي والدولي».
وفي موازاة ذلك، وفي حين يفترض ان يشكل هذا الملف محور محادثات وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في بيروت الاثنين المقبل، بدا لبنان معنياً بما بعد وفاة الماجد من زاويتين:
* حساسية الاتهام الايراني للسعودية بقتل الماجد، وهو ما اعتبرت اوساط سياسية في بيروت انه خطير لانه ينطوي ضمناً على اتهام للجيش اللبناني بالتورط في هذا الامر لمصلحة السعودية ومقابل مبلغ الثلاثة مليارات دولار الذي اعلنت الرياض انها قررت تقديمه لتسليح الجيش اللبناني، ولافتة الى ان هذا الكلام في اللغة الديبلوماسية غير مألوف.
* الإرباك الذي يمكن ان يرتّبه عدم تقدم الرياض او عائلة الماجد بطلب لتسلم جثته (تخضع للكشف من طبيب شرعي لتحديد اسباب وفاته)، الامر الذي سيعني انه سيُدفن في لبنان، ما سيتسبب بحساسيات أمنية كانت اول معالمها برزت ليل السبت في محلة قصقص حيث حصل توتر أمني وظهور مسلح احتجاجاً على وفاة الماجد الذي قد يصبح مكان دفنه «رمزاً» يؤدي الى استدراج إشكالات او حتى عمليات امنية لاستعادتها من عناصر في كتائبه تخشى بيروت اصلاً رد فعلهم على وفاته.
ويُذكر انه في حال تم ارسال طلب تسلم جثة الماجد من سفارة الدولة المعنية إلى وزارة الخارجية اللبنانية، تحوله الاخيرة إلى وزارة العدل التي ترسله بدورها إلى النيابة العامة التمييزية التي يعود لها القرار الأساسي بهذا الصدد.
واعلن السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري تعليقاً على وفاة الماجد أن «السفارة السعودية تنسق مع السلطات اللبنانية وتنتظر تقرير الطبيب الشرعي». وأشار إلى أن «ليس لدى السفارة معلومات عن وجود أي موقوف آخر غير ماجد الماجد»، قائلاً: «أبلغنا عن توقيف ماجد الماجد رسمياً وأبلغنا بوفاته». وأضاف: «بعد اطلاعنا على تقرير الطبيب الشرعي سنقوم بالإجراءات المناسبة بحسب رغبة أهله».
وكانت السفارة الايرانية في لبنان اعلنت اول من امس ان السفير غضنفر ركن آبادي، زار وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور، وسلمه الرسالة الخطية الموجهة من وزير العدل الايراني الشيخ مصطفى بورمحمدي إلى نظيره اللبناني شكيب قرطباوي.
ويعرب وزير العدل الايراني في هذه الرسالة عن شكره لـ «جدية المسؤولين اللبنانيين في ملاحقة الادوات التي نفذت العملية الارهابية التي استهدفت سفارة الجمهورية الاسلامية الايرانية في بيروت، وإلقاء القبض عليها»، مؤكدا رغبة بلاده «في ارسال وفد ايراني الى بيروت بقصد المشاركة في آلية الملاحقة القضائية لهذا العمل الارهابي».