تحذيرات متعددة المصادر من أخطار تسابق «جنيف - 2»
حركة مشاورات كثيفة في بيروت لتشكيل «حكومة الممكن»
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
12:25 م
يجتاز لبنان «أخطر» أربعة أشهر في تاريخه الحديث، بعدما تلاقت كل عناصر الصراع الداخلي بأبعاده الاقليمية في «ممر زمني ضيق» يفرضه الاستحقاق الرئاسي بين 25 مارس و25 مايو المقبلين، فإما ان يتم اجتراح تسوية بحدودها الدنيا تتيح ضمان ديمومة الهيكل الدستوري للدولة، وإما ان يسقط لبنان في فم الفراغ المفتوح على أهوال المنطقة.
وفي الطريق الى الانتخابات الرئاسية، كمنعطف حاسم، يخضع لبنان لاختبارات قاسية، يختلط فيها المحلي بالإقليمي، ومن مظاهرها:
• عودة الاغتيالات السياسية والتفجيرات الارهابية وكان آخرها اغتيال القيادي في 14 آذار الوزير السابق محمد شطح في وسط بيروت وتفجير حارة حريك الانتحاري في قلب الضاحية الجنوبية، ما ضاعف من حدة المواجهة السياسية في البلاد.
• الترنّح المتواصل في المساعي لتشكيل حكومة جديدة، كخطوة لا بد منها في ملاقاة الاستحقاق الرئاسي.
• الانعكاسات المحتملة للتدافع العسكري والديبلوماسي مع العدّ التنازلي لمؤتمر جنيف - 2 حول سورية في 22 الشهر الجاري.
والأكثر إثارة في هذا السياق كان عودة المأزق الحكومي الى «المربع الأول» بعدما كانت الحكومة الحيادية على وشك الولادة، وسط محاولة «الخرطوشة الاخيرة» لتأمين تفاهم داخلي بغطاء اقليمي يسمح بعزْل الواقع اللبناني عن الأزمة السورية، وهو الامر المشكوك في امكان حصوله نظراً الى «شراسة» المواجهة الاقليمية والتي بات لبنان إحدى ساحاتها.
وفي حين يفترض ان يكون رئيس الجمهورية ميشال سليمان عاد الى بيروت امس من إجازته، فإن الساعات المقبلة ستشهد بلورة للفرصة الاخيرة التي أُعطيت لإنتاج حكومة جامعة تجنّب البلاد تداعيات اي حكومة حيادية لا تحظى بموافقة فريق 8 آذار ولا سيما بعد المناخ الذي أفرزه تفجير حارة حريك.
وكان بارزاً في هذا السياق المعلومات عن دور محوري يقوده النائب وليد جنبلاط في اطار محاولة تأمين أرضية مشتركة لحكومة وحدة وطنية على قاعدة صيغة ثلاث ثمانيات على ان يكون لكل من فريقيْ 8 و 14 آذار ثلث معطّل «مقنّع» عبر «وزير ملك» مضمر يكون «تمويهاً» من حصة الوسطيين.
وتَرافقت هذه المعلومات مع حركة مكوكية لموفد رئيس الجمهورية الوزير السابق خليل الهراوي الذي زار الرئيس فؤاد السنيورة يوم الخميس قبل ان يجتمع بالمعاون السياسي للامين العام لـ «حزب الله» حسين خليل اول من امس، بالتزامن مع لقاء بين جنبلاط والرئيس المكلف تمام سلام الذي التقى يوم الخميس السنيورة.
وعلى الخط نفسه، تكثفت الاتصالات بين جنبلاط ورئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان أوفد الوزير علي حسن خليل للقاء الزعيم الدرزي بعيد عودته من تركيا، علماً ان الخليل زار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وأبلغه رسالة بان اي تشكيل لحكومة حيادية سيكون على حساب الاستحقاق الرئاسي، وهو ما دفع بكركي الى سحب «الغطاء» الذي كات أعطته لرئيس الجمهورية لتوقيع مراسيم مثل هذه الحكومة، علماً ان الراعي يعتبر الانتخابات الرئاسية «اولوية الاولويات».
وإذا كان الحِراك الحكومي رُبط بان ما بعد تفجير حارة حريك ليس كما قبله، فان أوساطاً سياسية متابعة بدت مشككة في امكان تحقيق اختراق في ملف الحكومة لاسيما بعدما رفعت قوى 14 آذار شعار «ما بعد اغتيال شطح ليس كما قبله» في اشارة الى تعاطيها مع «حزب الله» الذي أطلقت معركة «تحرير لبنان من سلاحه».
وشكّل هذا السقف لـ «14 آذار» محور اللقاء اللافت الذي عُقد اول من امس بين وفد من كتلة «المستقبل» ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وسط معلومات عن اتجاه لهذا الفريق لاعلان «عصيان دستوري» ومقاومة مدنية مع الإصرار على الحكومة الحيادية وذلك رغم التقارير عن تحفظ اميركي على اي خطوة من شأنها المساس بالاستقرار اللبناني.
كما تفيأ السقف نفسه التحرك الذي قامت به 14 آذار في ذكرى اسبوع على اغتيال الوزير شطح اذ كرر الامين العام لتيار «المستقبل» احمد الحريري اتهام «حزب الله» بالاغتيالات من دون ان يسميه، معلناً ان «القاتل واحد منذ الـ 2005، ولن نخضع أبدا لإحتلال السلاح و9 سنوات وهذا السلاح يقتلنا، ونحن نقاوم سلمياً».
وعلى وقع هذه التعقيدات السياسية ومحاولات سحب فتائل المأزق السياسي، ترتفع «المخاطر» الأمنية في لبنان التي عبّرت عنها التطورات الآتية:
• اعلان وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل أنّ «أي اغتيال لأي شخصية سياسية في لبنان من اي طائفة سيشعل البلد».
• التقارير عن تلقي مراجع رسمية لبنانية معلومات من مصادر غربية بوجوب التصرف بدراية وتمعن وتعزيز الاجراءات الامنية في الفترة الفاصلة عن مؤتمر جنيف - 2، محذرة من تكرار مشهد الاغتيالات والتفجيرات في العاصمة وضواحيها او خارجها.
• طلب السفارة الاميركية في بيروت من مواطنيها المقيمين او المتواجدين في بيروت التزام الحيطة والحذر، والابتعاد ما امكن عن الشوارع والساحات العامة، لا سيما خلال الاسبوعين المقبلين.
• طلب دولة الامارات العربية المتحدة من مواطنيها عدم السفر الى لبنان في الوقت الحاضر، نظراً للاحداث والاوضاع الامنية المضطربة التي تمر بها حالياً الجمهورية اللبنانية.