لكلٍ منا نمط وطراز مختلف للحياة التي يعيشها، وما لاشك فيه أن قوالب هذه الأنماط تختلف باختلاف شكل ونوع وجنس المنظومة التي أعدها كل إنسان لحياته لتكون خط سير له ومعيارا لكل أمر يعترضه في الحياة، وضبط المعايير يعتمد على ما يصب في القوالب من قيم ومبادئ ومفاهيم وأخلاقيات وآداب، من أين استمدت؟ ما المنطلق الذي انطلقت منه؟ وما ارتكاز وأصل تلك القناعات والمبادئ والقيم؟
إن من استمد قيمه ومبادئه وقناعاته من العلم المادي البحت المستمد من تجارب وخبرات من سبقوه بعيدا عن القواعد والأصول والثوابت ذات الجذور الراسخة، يستميت في الذود والدفاع عن الباطل دون الحق، وهو على يقين أن هذه الأفكار قد بنيت وأقيمت على قواعد هشة، لا أصل لها يدعمها ولا ثابت يسندها، لأنها أفكار فاسدة وباطلة كونها مادية الاستمداد والإطار.
ويا ليت الأمر يقف عند هذا الحد، بل كل من أسس ومنهج لهذه الأفكار بلورها إلى أهداف إما سياسية أو اجتماعية أو تربوية أو... أو.....، وصيَّرها دستورا لحياته وحياة كل من اقتنع وآمن وتشّرب تلك الأفكار والأهداف الفاسدة بباطنها والطالحة بظاهرها، ومما لا شك فيه أن للتاريخ مكانة مركزية للعديد من هذه الأفكار أو الأهداف، التي ذكروها سواءً بشكل ضمني أو صريح.
ومن خلال اهتمامي بالقضايا الراهنة للدين والسياسة في المنطقة العربية، فقد أصبحت الدعوة إلى تطبيق الشريعة قضية جوهرية لدى مختلف أوجه السياسات والأيديولوجيات الحالية، لبيان الحق من الباطل، وكشف وتعرية تلك الأفكار الضالة التي لا منبت لها يؤيدها ولا منشأ يحج غيرها من الأفكار الصائبة التي أصلها ومنشأها فكر إسلامي من وحي السماء.
إن الخلل والعلل ليس في المنهج السليم القويم، بل في نمط التفكير الديني التقليدي المنحرف والأيديولوجيات والسياسات التي استنبطت من هذا الفكر، وعليه فلقد أصبح من الضروري تعديل وتصحيح تلك الأفكار، بإصدار وسن قوانين الشريعة بمنهج وأسلوب يتوافق مع العصر، ويحد من التناقضات التي تعيشها الشعوب بسبب أنظمة لا تعي بتطور المفاهيم المتعلقة بالسلطة السياسية ذات المرجعية الدينية.
فلنسع جاهدين بتطوير الفكر الديني المتعلق بالاعتقاد والأخلاق بحيث يتناسب مع المثل الحديثة، ونكون منفتحين على العالم من دون تمييع الدين وتفصيله على أهوائنا وأمزجتنا، وتجديد المصطلحات وفقا لمتطلبات المجتمعات لننشئ علاقة تعايش وتعاضد بين العقل والإيمان، بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر فتختل الموازين فتكون النتيجة ثورات وانقلابات الشعوب ضد الأنظمة، تلك العاقبة التي يأسف عليها عاقل يزن الأمور بميزان العقل والإيمان.
[email protected]twitter: @mona_alwohaib