رغم ارتفاع الإنتاج الأميركي إلى 8 ملايين برميل يومياً
رهان ما زال كبيراًعلى فشل النفط الصخري
1 يناير 1970
04:53 ص
كونا - على وقع الثورات التي شهدها العالم في السنوات الاخيرة، عاشت السوق النفطية العالمية خلال هذا العام الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة، ثورة أو «صرعة» النفط غير التقليدي التي مازالت كل القوى تتصارع في شأنها ما بين مؤكد لنجاحها وآخر يراهن على فشلها.
وما بين مبالغ ومقلل لأهمية هذا النوع من النفط (الصخري) وتأثيره في السوق العالمية ظلت السوق النفطية العالمية خلال 2013 متماسكة وثابتة على متوسط في أسعار النفط فوق الـ 100 دولار، يكاد يكون قريبا من اسعار العام الماضي لكن التوقعات المستقبلية تظل محل خلاف بين المحللين والمتخصصين.
وبالرغم من الخلاف في الرأي بشأن التوقعات والتضارب في الأرقام المعلنة حول هذه الثروة والثورة تظل هناك حقائق ثابتة لا يمكن إغفالها، اهمها ارتفاع انتاج الولايات المتحدة الاميركية (أكبر مستهلك للطاقة في العالم) حيث بلغ حجم إنتاج الطاقة المحلي فيها خلال نوفمبر الماضي ما معدله 8 ملايين برميل من النفط يوميا.
والثابت أيضا بحسب تقديرات المنظمات الأميركية والعالمية أن انتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري او هذا النوع من النفط غير التقليدي بلغ حاليا نحو مليون برميل نفط يوميا، قابله انخفاض بنفس الحجم في معدل الاستيراد اليومي للنفط من الخارج. ولحداثة هذا النوع من النفط غير التقليدي واختلاف تكويناته فقد اختلفت المسميات في شأنه ما بين (الصخر الزيتي أو النفط الصخري أو النفط المحكم أو النفط الحجري) وغيرها، لكن الثابت أن هذا النوع من النفط يتم استخراجه من صخور ملساء يصعب تكسيرها واستخراج النفط منها.
ورغم بعض النداءات والتحذيرات التي اطلقت في وجه الدول المنتجة للنفط التقليدي، وخصوصا دول منظمة الدول المنتجة للبترول (اوبك) وبشكل أشد خصوصية دول الخليج محذرة من ثورة النفط الصخري، فان الواقع لا يدعو للقلق تماما بالنظر الى خريطة النفط العالمية من منظور رأسي.
فإذا كان استيراد الولايات المتحدة الاميركية من النفط كنموذج أبرز للدول المنتجة للنفط الصخري يقل، فإن واقع الأمر يؤكد زيادة في الطلب على النفط في الاسواق الاسيوية الواعدة كالصين والهند وكوريا الجنوبية وإن كانت الأولى تسعى للتوسع في انتاج النفط الصخري.
واذا كان انتاج النفط الصخري المشجع جدا أو ثورة الصخر الزيتي التي تشهدها الولايات المتحدة الأميركية شجعت الدول المستهلكة للنفط على البحث من جديد عن هذا النوع من الصخر الزيتي فلابد أن نضع في الاعتبار أن انتاج هذا النوع صعب جدا ومكلف ولا يتوفر لدى كل المستهلكين.
وما يحدث في الولايات المتحدة ليس سهلا التكرار في دول أخرى وهي المثال الأكثر دراماتيكية بعد ان اصبحت تسهم في إحداث تغيير جذري في صورة المعروض من النفط والغاز، حيث تزايدت الموارد العالمية التقديرية من هذا النوع من النفط بنحو 66 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية.
وتنقسم الطاقة الصخرية الى (نفط وغاز) وهذه الطاقة عبارة عن مواد كيروجينية (خليط من مواد عضوية صلبة) محتكرة داخل المسامات الصخرية وهذه المادة الصلبة تحتاج الى انحلال حراري عنيف لتحويلها من الحالة الصلبة الى الحالة الغازية ثم تبريدها لجعلها سائلا أو بما يعرف بالنفط الحجري.
واليوم وبمرور عام 2013 وتعاظم دور النفط الصخري، أصبح هذا النوع غير التقليدي من القضايا الرئيسية المتوقع ان تؤثر في أمن الطاقة في عام 2014 وما بعدها في ضوء المطالب العالمية المتغيرة والابتكارات التكنولوجية السريعة التي باتت تملك القدرة على إحداث تحول في سوق الطاقة العالمية.
ومن الحقائق التي يجب عدم تجاهلها عند الحديث عن هذا النوع من النفط غير التقليدي هو أن التكنولوجيا تلعب دورا رئيسا في انتاجه ويتوقف عليها إذا ما كان يمكن اعتبار جدوى انتاجه اقتصادية من عدمه فالثابت ان تكلفة انتاج برميل النفط الصخري في ادناها بنحو 75 دولارا حاليا الى 85 دولارا، في حين ينتظر من التقدم التكنولوجي في انتاج هذا النوع أن تصل التكلفة الى اقل من 50 دولارا للبرميل.
وهذا النوع من النفط يعد ذا جدوى اقتصادية معقولة في ضوء وصول سعر برميل نفط خام الإشارة الأوروبي مزيج برنت نحو 112.18 دولار للبرميل كما في يوم الجمعة الأخير من 2013، وهو ما يعني أن هناك عائدا من انتاج برميل النفط الصخري بنحو 30 دولارا للبرميل قابلة للزيادة مع التطور في استخدام التكنولوجيا وانخفاض تكلفة الانتاج. ولأن لكل ثورة ارهاصاتها فإن الثورة (غير التقليدية) في النفط والغاز لم تولد فجأة حيث ان تقنية التكسير الهيدروليكي استخدمت منذ عام 1947، وبدأ استخدام هذه التقنية مع الصخر الزيتي الكثيف في تكساس بالولايات المتحدة في أوائل الثمانينات حتى تم اتقان العمل بهذه التقنية في اواخر التسعينات من القرن الماضي.