وجع الحروف

النصيحة لا «تشترى»

1 يناير 1970 08:12 ص
إذا لم تعجبك طريقة قيادة أحد المسؤولين (في منصب قيادي) فهذا لا يعني أن تبدي له العداء... أنت لست مضطرا لأن تشعره بحبك له أو نفورك منه فمسطرتك تبقى ثابتة حول الاحترام فالعمل المؤسسي تدعمه قواعد عمل منها المكتوب ومنها غير المكتوب لكن أثرها أبلغ مما تسطره المكتوبة ويجب ألا تخترق ويفترض أن يكون العمل وفق مناخ حوكمة مقننة لعملية توزيع سلطة اتخاذ القرار.

شعرت بهذا وأنا أقرأ بحثا نشر في مجلة هارفد الدورية HBR للباحثين راكيش كورانا وجيمز ويبر... اسمين من الأسماء الكبار الذين أثروا العمل المؤسسي بمهنيتهما العالية عبر ابحاث أجريت على شركات كبرى... وكان أحدها بحث هذا حول شركة تايكو العملاقة التي بلغت مبيعاتها عدة مليارات!

يقول رئيسها إيد برين «إن قوتنا بموظفينا» بعد أن كلفوه بكشف مرحلة الفساد التي ظهرت علاماتها خلال تولي الرئيس السابق للشركة... كانت طريقته سلسة جدا حيث بدأ بحث الموظفين من جهة والتحقيق في الممارسات غير الأخلاقية.. أخذها مرحلة تلو الأخرى ولم يأخذ قراراته كردود أفعال أو فقط لأنه سمع بفساد في قضية ما!

أول ما عمل بعد إدراكه أن مستوى القيادة أعلى الهرم الإداري دون المستوى المطلوب تمثل في تغيير قيادي وتبعه قيادي آخر وأقنع مجلس الإدارة بتعيين رجل قانون له باع طويل (خبرة إدارية) في عمل المؤسسات ومكافحة الفساد وهو ما أوصله لاكتشاف عمولة بالملايين تلقاها أحد المسؤولين السابقين بعد إتمام عملية استحواذ على شركة وفي المرحلة الثانية زاد من ساعات التحقيق والبحث في سجلات الشركة المالية التي وصلت إلى 50 ألف ساعة خلال 4 أشهر عن طريق فريق احترافي ضخم والذي كشف عن خفض في الأرباح بلغ مليار دولار وكانت هناك أطراف لها علاقة بالفساد!

المراد إنه طلب عبر التوصيات بتغيير أعضاء مجلس الإدارة? ووضع حوكمة للمجلس الجديد كي يقضي على منهج تضارب المصالح ويحد من تدخلهم في الإدارة التشغيلية وطريقة توزيع صلاحية اتخاذ القرار ورسم دليل ممارسة العمل الأخلاقي ولم يتوقف عن حثه وتقديره لنقطة قوة الشركة الموظفين وفي عهده قفزت الأرباح وتعددت أنشطة الشركة!

لماذا أذكر هذا ونحن في ثقافة تختلف عن الغرب و«سلومنا» المؤسساتية تختلف؟

إنها النصيحة التي أزفها لكل صاحب قرار يرغب في الإصلاح فالنصيحة لا «تشترى» والأمانة من باب أخلاقي تدفعنا لتوجيه النصيحة و»بالمجان»!

صحيح إنهم يختلفون عنا لكن العمل المؤسسي قواعده واحدة خاصة في جزئية كشف قضايا الفساد ومعالجة «الشيخوخة» التي تعاني منها مؤسساتنا وهي تدير مصدر الرزق للموظف والمساهمين و«يطيره» قيادي «مسنود»!

في الكويت يعين القيادي لحماية مصالح معينة وبعضهم يعين لثقله السياسي أو القبلي أو الفئوي أو الحزبي وكل وعلاقته مع الأطراف المالكة لسلطة القرار في تعيين القياديين يتخذ قراراته!

لن تحل قضايا الفساد الإداري... لن تحل لسبب بسيط? إننا لم نوجد حوكمة تحدد صلاحيات متخذ القرار ولم نعين إلى هذه اللحظة قياديين أمثال الأميركي إيد برين الذي عين وفق مبدأ الكفاءة/المعرفة والنزاهة ومنح الصلاحية المطلقة التي تميز فيها والتي ساعدته على تنظيف المؤسسة بجانب اهتمامه بالعاملين وتلبية احتياجاتهم!

متى ما سمعنا عن محاسبة قيادي وتعيين بديل له متصفا بالنزاهة... ويتبع هذا حوكمة يرسمها أصحاب خبرة بنصيحة نافذة ويتبعها الكبير قبل الصغير حينئذ قد نشعر ببصيص أمل في الإصلاح المنتظر!

عندكم فلوس «صح»... بس عفوا أحبتنا أصحاب القرار? إن النصيحة لا تشترى فهي تأتي باعترافكم بتدهور عمل مؤسساتنا الذي يعود سببه لضعف مستوى القيادة وغياب مبدأ العقاب والمصلح وإن وجه النصيحة ينتهي به الأمر بوظيفة مستشار لا يستشار... والله المستعان!

[email protected]

Twitter : @Terki_ALazmi