ردّ من بكركي مباشرة على نصرالله

الرئيس اللبناني: 25 مارس «خط أحمر» لتشكيل الحكومة و... نقطة عالسطر

1 يناير 1970 10:51 ص
لم تُحدِث موجة التوقعات الناشئة في لبنان حول السعي الى كسر الأزمة الحكومية، التي يختتم لبنان عبرها السنة الحالية بإحدى أطول أزماته السياسية، اي آمال جدية في إمكان نجاح أكيد لهذه المحاولة المرتقبة بعد مطلع السنة الجديدة، اذ ظلّت الشكوك غالبة على اي شيء آخر في انتظار معرفة طبيعة المسعى الى اختراق الأزمة.

ولكن اهمية بروز هذا المسعى تمثلت في الاجواء التي فاجأت بعض الاوساط السياسية والتي بدأت عقب اجتماع بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة تمام سلام الاحد الماضي اتفقا خلاله على اعتبار مطلع السنة الجديدة منطلقاً حاسماً لتشكيل الحكومة.

واوضحت مصادر معنية بالمشاورات السياسية التي بدأها سليمان فعلياً مع عدد من القوى والأقطاب السياسية في اليومين الاخيرين، انه لا يمكن الحديث من الآن عن اي اتجاه ايجابي مؤكد في مسعى تشكيل الحكومة لأن مواقف الافرقاء لا تزال على تبايناتها وتباعدها بالنسبة الى الشروط التي يطرحها كل منهم. ومع ذلك فان ما يسترعي الانتباه هو ملامح قرار اتخذه سليمان وسلام بالمضي نحو تحريك المشاورات السياسية تمهيداً لاحتمال تقديم سلام صيغة حكومية معينة في المدى المنظور ذكر امس انه يتراوح بين منتصف يناير واواخره حداً اقصى.

كما ان اللافت، بحسب ما قالت هذه المصادر لـ «الراي»، في التطور الجديد هو ان سليمان بات يتحدث عن اتجاه حتمي لتشكيل حكومة جديدة قبل بداية المهلة الدستورية للاستحقاق الرئاسي في 25 اذار، وهو ما اكده امس من مقر البطريركية المارونية عندما تحدث عن ان هذا التاريخ هو «خط أحمر» ويجب عندها ان تكون الحكومة اقرت، وهو ما يعكس وجود معطيات جديدة لديه تحمله على الإقدام على هذا الخيار وإسقاط اي احتمال لبقاء حكومة تصريف الاعمال الى ما بعد انتهاء ولايته في 25 مايو المقبل بحال تعذّر انتخاب خلَف له وذلك رغم التهديدات وبمكبرات الصوت التي يتولاها «حزب الله» من تداعيات تشكيل حكومة لا تحظى بموافقته.

وقالت المصادر نفسها ان زوار قصر بعبدا لمسوا في الايام الاخيرة نبرة حازمة لدى رئيس الجمهورية في شأن الاقدام على تشكيل حكومة، الامر الذي دفع هؤلاء الى محاولة معرفة ما اذا كانت لدى سليمان معطيات خارجية معينة لا يكشف عنها اقله في الوقت الحاضر ومن شأنها ان تساعد على تذليل العقبات الداخلية امام الولادة الحكومية.

واشارت الى ان ترجمة هذا الاندفاع لا تزال في بداياتها وسيكون من الصعوبة بمكان رسم اي اتجاهات مبكرة في شأنها وخصوصاً ان العقدة الكبيرة التي لا تزال تعترض الانفراج المطلوب تتمثل في استمرار الخلاف بين فريقيْ 14 اذار من جهة و8 اذار والنائب وليد جنبلاط من جهة اخرى على صيغة 9-9-6 الحكومية وهو الامر الذي تبلغه سليمان قبل ثلاثة ايام من رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد.

اما في المقلب السياسي الاخر فان الاوساط المعنية في قوى 14 اذار لم تبد اي تفاؤل حقيقي حيال هذا المسعى الجديد، اذ ترى ان «حزب الله» ورغم تأكيده انه لا يقطع الجسور مع قصر بعبدا، فانه حرص عبر النائب رعد على نقل شروطه المعروفة في الملف الحكومي ولم يبدل موقفه من الاقتراح الاساسي الذي يطرحه الرئيس المكلف وهو تشكيل حكومة حيادية. كما ان الاهمّ من ذلك ان جنبلاط لا يبدو في وارد التخلي عن موقفه من تشكيل حكومة سياسية جامعة بما يعني مماشاة موقف 8 اذار. وتتساءل عما سيتمكن من القيام به سليمان في الاسابيع المقبلة بعدما هدد السيد حسن نصرالله مباشرة «بنقطة على السطر» في كلمته الاخيرة بحال جرى تشكيل حكومة امر واقع، وهو الامر الذي ردّ عليه مباشرة سليمان من بكركي امس حين تحدث عن ان «التوضيحات التي وصلتني عن تصريحات السيد نصرالله تؤكد أن ما قاله ليس تهديداً، بل تسهيلاً لعمل رئيس الجمهورية، ونقطة على السطر».

وعلى غرار تشكيك اوساط 14 اذار في نجاح المسعى لقيام حكومة متوافَق عليه، فان اوساط 8 اذار ايضاً لا ترى نافذة متاحة لاختراق حكومي، علما ان هذه الاوساط اكدت بوضوح ان تشكيل حكومة حيادية او من اصدقاء الافرقاء السياسيين ولو وفق صيغة 9-9-6 ستؤدي الى مشكلة اكبر من الازمة الحالية. وكشفت ان هذه القوى ابلغت سليمان وسلام عبر وسطاء ان وزراء 8 اذار لن يسلموا وزاراتهم الى وزراء جدد بحال جرى تشكيل حكومة غير سياسية ولا تحظى بموافقة هذا الفريق.

وتبعاً لذلك يسود الاعتقاد ان ثمة لدى بعض المسؤولين ولا سيما سليمان معطيات معينة حول امكان حصول بعض المتغيرات الخارجية التي قد يصح الرهان عليها لمساعدته بتشكيل حكومة قبل انتهاء ولايته. غير انه رهان لا يزال يشوبه الكثير من الغموض والتشكيك. اذ يرى  مطلعون انه سيكون من الصعوبة البالغة توقع حكومة جديدة في لبنان قبل جلاء مصير مؤتمر «جنيف - 2» حول سورية الشهر المقبل على الاقل والذي سيعقبه لقاء بارز بين الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي يزور الرياض، على ان يكون لبنان من نقاط البحث الرئيسية.

وكان مقر البطريركية المارونية تحوّل امس محط الأنظار بعدما شكّل عيد الميلاد والقداس الذي ترأسه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي مناسبة للقاءات سياسية ومواقف أطلقها كل من الراعي وسليمان ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، من دون اغفال الزيارة اللافتة التي قام بها جنبلاط لبكركي حيث شارك في قداس الميلاد.

وقد تمنى البطريرك الماروني في عظته «ان يتم تأليف حكومة ميثاقية ووضع قانون انتخابات جديد وانتخاب رئيس جمهورية جديد»، لافتاً الى ان «الرئيس سليمان صاحب الكلمة الحق ويقول الحق فيما العديد من السياسيين ينقادون وراء مصالحهم الشخصية».

بدوره اعلن سليمان بعد خلوة مع الراعي  »لا ادري ما هو تعريف حكومة امر واقع او حكومة جامعة؟ هل السياسيون هم فعلا من يجمعون الوطن؟ التعريف خاطئ فما هي حكومة المصلحة الوطنية؟»، موضحاً «ثمة ديموقراطية ودستور، فلنطبقهما والسبل الدستورية هي فقط تحدد مصائر الاستحقاقات والقرارات»، مشيراً الى ان «لا علاقة لجنيف 2 بتشكيل الحكومة».

اما جعجع فكرر بعد لقاء الراعي رفضه «تشكيل حكومة وفق صيغة 9-9-6. ودعا النواب الى «القيام بدورهم والتوجُه الى البرلمان لممارسة واجبهم وانتخاب رئيس جديد بكلّ ما للكلمة من معنى بعد أن كانت الانتخابات منذ الطائف مجرد تسوية، وسليمان هو استثناء ولهذا نرى أنه يُهاجم بسبب مواقفه الوطنية».