مكتبة الكويت الوطنية أبنّت «شيخ الفنانين»

حسين الأنصاري: أيوب حسين... وثّق مرحلة مجيدة في تاريخ الوطن عبدالله الغنيم: قدّم بريشته وقلمه موسوعة حيّة عن الكويت

1 يناير 1970 09:47 م
الفنان التشكيلي والمربي والباحث ايوب حسين - رحمه الله - كان حاضرا بسيرته وأعماله وحياته الحافلة بالمنجزات وذلك في حفل التأبين الذي اقامته مكتبة الكويت الوطنية برعاية مديرها الدكتور حسين الانصاري وحضره حشد من المحبين للفنان الراحل.

والقيت في الحفل الكثير من الكلمات التي عبرت عن قيمة هذا الفنان الذي حفظ تراث الكويت من خلال اعماله الفنية المتميزة.

وألقى راعي الحفل مدير عام مكتبة الكويت الوطنية الدكتور حسين الانصاري كلمة قال فيها: «ان الفنان المكرم كان يتمتع بمواهب عدة منها الرسم التشكيلي والشعر والادب فرسم بلوحاته تاريخ الكويت وتراثها وعاداتها واهلها ليخلد بذلك مرحلة مجيدة من تاريخ شعبنا ودولتنا كما عمل على الحفاظ على اللهجات ودراستها وكله يصب في خانة حبه للكويت وحرصه على الحفاظ على مخزونها التاريخي الذي من دونه لا مستقبل وكان الراحل المبدع ايوب حسين لم يكتف بالرسم او بالشعر بل عمل مربيا للاجيال الصاعدة ينقل لهم شغفه بوطنه وايمانه بشبابه، وكم نحن بحاجة الى امثال ايوب حسين بيننا في مرحلة مفصلية من عمر الكويت حيث نحن آتون باذن الله على استقرار وازدهار وبحاجة الى مساهمة كل الكويتيين وهمتهم وعزيمتهم وتضحياتهم لترسيخ الديموقراطية والمحاسبة والرخاء».

واوضح رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية الاستاذ الدكتور عبدالله الغنيم في كلمته ان الراحل قدم بريشته وقلمه موسوعة حية عن الكويت وقدم خمسمئة لوحة كانت حصيلة 50 عاما من العمل المتواصل صدرت العام 2002 في كتاب واحد عنوانه «التراث الكويتي في لوحات ايوب حسين» صدر عن مركز البحوث والدراسات الكويتية وقال: «سيرة فناننا الحافلة بالعطاء جعلته جديرا بالحصول على جائزة الدولة التشجيعية عن اعماله التصويرية العام 1997، وجائزة الدولة التقديرية في مجال الفنون التشكيلية العام 2001 وان مؤلفاته ومعارضه الفنية في الكويت وخارجها في الكثير من البلدان العربية والاجنبية بالاضافة الى اسهاماته المتواصلة في كثير من الانشطة الفنية تحتاج من المختصين الى دراسة مستقلة تعطي لهذا الفنان حقه.

رحم الله الاستاذ ايوب حسين وتغمده بواسع رحمته وجزاه الله خير الجزاء عما قدمه لوطنه فقد اعطى بلده الكثير معلما وناظرا وفنانا مرموقا وكاتبا مميزا».

وألقى الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة والفنون في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الدكتور بدر الدويش كلمة قال فيها: «ايوب حسين... غاب عنا وهذه مشيئة الله في خلقه، لكن اعماله الفنية وسيرته موجودة وتدل على ابداعه، وكأني في جولة مع اعماله رأيت من خلالها اسواق الكويت مرورا بباب السور وبوابة الشامية وبيوت الكويت القديمة في حي القناعات بمنطقة شرق الذي ولد فيه، واطلعت على غرفة النوم والضيافة وادوات الطعام والاضاءة، وجلست في الحوش وصعدت السلم المتعرج لسطح البيت، وذهبت مشيا على الاقدام الى شاطئ الخليج وجلست على الجال، وخلته يقول لي هل وصلك لحني، هل جلست على الجال وناديت القمر وهو يسري، هل حدثك الليل عن حلمي ام غفوت حتى مطلع الفجر، هل عرفت سر بناء السفن ورحلات الصيد وقوافل الغوص وجلب الماء من شط العرب ومعاناة اهل الكويت والقناعة والرضا وروح الاسرة الواحدة التي كانت تميزهم، وصف بدقة جميلة حياة الاجداد وشغف العيش والعادات الاجتماعية في المناسبات المختلفة وازياء المرأة ورجال الغوص والرقصات الشعبية، واللهجة الكويتية ومفرداتها وما طرأ عليها وبر الكويت واشعة الشمس مع امتداد الصحراء وليالي السمر وبيوت الشعر في البادية وحكمة الشروق والغروب».

وألقى حسين الأيوب كلمة مؤثرة نيابة عن ابناء الراحل قال فيها: «لقد حفظ الوالد الاستاذ ايوب حسين الايوب التراث الكويتي بأشكاله وألوانه، بأدواته وألعابه، بأهازيجه ومفرداته، قد حباه الله ذاكرة قوية، صادقة نقية، افرغ محتواها على اوراق حتى اضحت كتبه مرجعا تراثيا لأهل الكويت كافة، وعلى ألواح جسد فيها البيئة الكويتية بعمومها حتى صارت لوحاته التي تعدت السبعمئة لوحة، صورا من الماضي تكاد تنطق بكل التراث الكويتي الاصيل».

وتحدث رئيس جمعية المعلمين الكويتية متعب العتيبي في كلمته عن اعمال وسجايا الفقيد الراحل من خلال ما قدمه من اعمال وعطاءات من خلال دوره التربوي النقابي الواسع وفي المجال الفني وتوثيق التراث الشعبي وفي مجال اصدار مجلة «المعلم» ليقول: «ما قدمه الفقيد الراحل العم (ابو حسين) في المجال التربوي ومجال التراث والتوثيق الشعبي الكويتي سيبقى محفوظا وراسخا ومحل كل تقدير واعتزاز وعرفان وستبقى ذكراه راسخة باقية من خلال الكم الهائل من العطايا والسجايا التي قدمها ومن خلال الموسوعة التربوية الوثائقية الشعبية الفنية الشاملة والواسعة التي وثق فيها كما هائلا من العادات والتقاليد الكويتية وجسد بلوحاته المميزة صورا واقعية عن ماضي الكويت وتراثها التليد».

وكشفت دانة الله - حفيدة الفنان الراحل - في كلمتها التي وصفتها بأنها خرجت من قلبها الصغير عن حبها الصادق لجدها لتقول:

لقد علمتنا ونصحتنا

دعوت لنا فوفقنا الله

تعلمنا منك الكثير والنافع

كما ألقى عبدالعزيز عبداللطيف المطوع كلمة ناشد فيها الدولة - من اجل تخليد ذكراه بتسمية مدرسة باسمه واقامة قرية تراثية باسمه، وانشاء مكتبة الكترونية تجمع كتبه واقامة مركز لصقل المواهب ورعاية مسابقة تحمل اسمه وغيرها. وقال: «كان رحمه الله مكرسا حياته وذاكرته الجميلة لحفظ تراثنا من الضياع فكانت ريشته بمثابة العدسة التي حكت وصورت لنا قصصا مليئة بالمعاني والقيم لحياة تتسم بالتواضع والالفة والمحبة فقد خط بيده رسومات تصور حقبة من الزمن فكان المؤرخ الذي سطر بولحاته الموسوعة التاريخية الشاملة فوثق في صفحاتها النظام المعماري والاقتصادي والتعليمي والترفيهي الكويتي وجسد لنا روح كويت الماضي».

وقالت الدكتورة كافية رمضان في كلمتها: «اننا في مكتبة الكويت الوطنية وبإصرار ودعم الشيخ سلمان الحمود الصباح نسعى الى انجاز مشروع ذاكرة الوطن الذي يؤرخ لحضارة دولة الكويت ويخلد اسماء المميزين فيها، لكي لا تفعل فعلها الايام فتغيب عن ذاكرة جيل جديد من حقه علينا ان نوفر له المعلومة كما نوفر له القدوة طالما امكن ذلك.

ان هذا المشروع يحرص على توفير البيانات والصور لكل ذاكرة الوطن ولعل الفنان والمبدع ايوب حسين اول من رسمت له صورة زيتية حديثة من قائمة الفنانين وهي ستحتل موقعها المميز في اروقة مكتبة الكويت الوطنية كما ستحتضن بحب كتبه وبعض لوحاته وصورا لكل ما يمكن ان تصل اليه ايدينا ليبقى اثره الطيب في متناول الاجيال.

رحم الله جلت قدرته الفنان والمربي ايوب حسين وألهم اهله ومحبيه الكثر جميل الصبر».

وتحدث الدكتور عبدالله الحداد نيابة عن الفنانين الكويتيين عن الكثير من المحطات في حياة الفنان الراحل ايوب حسين بداية من ولادته في حي القناعات وصولا الى ابداعاته التي حفظت تراث الكويت ليقول: «نحن كممارسين للفن التشكيلي وكهواة فقد زامل الراحل جميع الفنانين التشكيليين على الساحة التشكيلية الكويتية من دون استثناء وكان حاضرا في جميع المعارض التي تقام سواء كانت لكبار الفنانين او صغارهم وكان دائم الابتسام والتشجيع للجميع ومحفزا على العطاء بكلمات مؤيدة مهما كان المستوى ليعطي الفنانين الشباب دفعة معنوية للاستمرار والابداع وعدم التوقف فقد كان بحق معلما بشخصيته وفنانا برسوماته ومربيا بنصائحه».

وألقى الشاعر فيصل المسلم قصيدة «هامة التاريخ» اهداها للفنان الراحل ايوب حسين الى جانب عرض فيلم وثائقي عن الراحل وتكريم عائلة الفنان.

هامة التاريخ



بالأمس تصغي ان حكيت مسامع

واليوم تبكي اذ رحلت مدامع

يا هامة التاريخ منك ولوجه

قد اقفل الباب وجف المنبع

يا حافظ الماضي وجامع ارثه

يبكي التراث بيتمه من يجمع

يا مرجع الاثار يا عنوانه

اركانه انت وانت المرجع

في لوحة جسدت فيها مسجدا

قد ابدعته انامل واصابع

او في كتاب او قصيد صغته

في كل ما خطت يمينك مبدع

ان كان للتيجان رأس تعتلي

من فوق هامات عليها توضع

يختاركم تاج الاصالة نقشه

امي الكويت تزينه وترصع

والموت حق لا سبيل لرده

ان جاء زائره فمن يتمنع

تدعو لكم قبل اللسان قلوبنا

واكفنا مرفوعة تتضرع

ان يجعل الفردوس دار خلودكم

فيها مقام المؤمنين الارفع

ايوب ان ترحل فذكرك بيننا

يعلو بأبناء يعز ويرفع

هذي الكويت نجومها لا تنطفي

تبقى وان غابت تشع وتلمع

ارض يطيب الزرع في احشائها

بوركت يا ارض وبورك زارع

هاماتنا شجر تعانق جذرها

اغصاننا نحو السما تتفرع

دامت كويت العز في حكامها

ما اشرقت شمس الصباح وتسطع

فيصل المسلم