وثيقة وتاريخ
وثيقة نادرة في الخيل الصقلاوية قبيلة شمر.... تاريخها في الفروسية لا يقلّ عن الكرم
1 يناير 1970
06:01 م
قبيلة شمر هي إحدى القبائل الرئيسة في مكونات المجتمع الكويتي في حاضرته وباديته، ولهم مواقف مشهودة تدل على قدم سكناهم الكويت، وعلى البذل والتضحية والانتماء إلى الكويت وحبها أسوة بسائر أسر الكويت وقبائلها.
أول فدائي في تاريخ الكويت
وكان لقبيلة شمر مواقف مشهودة في تاريخ الكويت، ومنها مشاركتهم في معركة الجهراء والتي كان لمرشد الطوالة دور كببير فيها، إذ كان أول فدائي في تاريخ الكويت، لما خرج هو ومرزوق متعب الشمري لطلب الإغاثة من الكويت بعد محاصرة القصر الأحمر في معركة الجهراء سنة 1920. وكان لقبيلة شمر أيضاً دور في معركة حمض سنة 1920 في شمال القرية العليا.
ونظراً لعناية قبيلة شمر القديمة بالخيل وتربيتها، عرفوا بذلك بين قبائل الجزيرة العربية، فأحب إيراد وثيقة تاريخية نادرة سبقني إلى نشرها علامة الجزيرة حمد الجاسر – رحمه الله - وحصلت على صوررة منها من ذرية صاحبها الأول، فأورد نص الوثيقة، ثم أورد التعليق.
• نص الوثيقة
عندما وُجد عُوَيّد بن خليل وأبو مصيخ بمجلس الشيوخ بحايل سُئلاَ عن الصَّقلاويَّة غيَّة مُصيخ الواردة مع عيادة بن رخيص. (1)
أفاد المذكور: أن شياعتها للجلاس، ودرجت من الجالاس إلي ثويني شيخ المنتفق طلبة (2) أيام مسيرة إلي نجد بالمدافع (3) على وقت عبد العزيز بن سعود، واندرجت من ثويني إلي ابن عجرف من الأسلم من شمر الجزيرة سنة أخذت عنزة مركب الجربا (4)، وهي برأسها قلاعة، وجاءت عن ابن عجرف بخيل، واندرجت هي براسها علينا من ابن عجرف دب لفرس سرقها الأسلم من مصيخ ولدي، وأخذناها غصبا منهم، وهي صَّقلاويَّة، ولا ندري أي نوع من الصَّقلاويَّة، ولا عصقلوية ندي علم لمن شيعتها من الجلاس، وهي بنت (عُيَبّان شَرَّاك) [129] من خيل ابن زبدان من الصقور، وأبو أمها (صَقْلاويُّ العَيُوفُ) حصان صفوق الجربا (5) وأبو جدتها دهيمان حصان طحيمر ابن معجل لاأشقر، وجدتها من الجلاس، وشبوناها عندنا من (الرِبْشَانَ شرعبي ) من خيل بني وهب حصان الغوادي من شمر الجزيرة، وجاءت بفرس صفراء الآن خماس، وشبوناها ثانية من (حمداني سمر ) من خيل ابن غراب بشمر الجزيرة، وجاءت بمهرة صفراء جذعة موجودة عندنا، وبعد لأثنتين المذكورتين لم تنجب شيئا واندرجت للمربط العالي، ويجد منها خيل عند ابن عجرف، ويسأل عن شياعتها الأصلي من الجلاس.
وأخبر عيادة بن رخيص أن الفرس المذكورة أمها صَّقلاوِيَّة جَدْرَانيةُ غِيَّةُ محدا بن غبين من الفدعان، أبوها من خيل الفدعان.
(1) من قبيلة شمر.
(2) طلبة: أي أنه طلبها من أهلها.
(3) المعروف أن ثويني المذكور قاد حملة على نجد وصلت إلى بريدة سنة 1201 هـ، وأخرى سنة 1211 هـ، ووصل فيها إلى الإحساء، وقتل في تلك الغزوة.
(4) مطلق الجرباء شيخ شمر.
(5) هو: صفوق بن فارس الجرباء من مشاهير شيوخ شمر العراق.
• دراسة الوثيقة :
كان للخلفاء والملوك والسلاطين عبر التاريخ عناية بالخيل، فكانوا يبذلون لها الأموال الطائلة، ويرسلون وكلاءهم، وأهل المعرفة لشراء الخيول من أهل البادية في الجزيرة العربية وغيرها ممن كانت لهم مرابط مشهورة.
وهذه الوثيقة تذكر انتقال ملكية الخيل الصقلاوية إلى رجل من فرسان شمر، وهذه الوثيقة المذكورة في مخطوطة عباس باشا دليل تاريخي قيم ونادر على ذلك.
شمر قبيلة عريقة في مرابط الخيول
العِجرِف كقومهم الأسلم من شمر وكحال غيرهم من العرب من بيوت وقبائل البادية وأسرها المتحضرة في عنايتهم بالخيل، فالخيل أنفس أموالهم، وأكرم مدخراتهم، كما قال العزاوي: «كان العرب ولا يزالون في حب شديد لخيولهم، وتعد من أنفس ثرواتهم، يتغالون بها ويعنون بأنسابها وأرسانها، ويلحظون شياتها وعيوبها، وما يجب أن يراعى في تربيتها، واستيلادها، وذكر الوقائع العظيمة التي جرت على يدها، وهي عندهم كالأهل والولد، وربما كانت أعز، وأحق بالعناية والرعاية، عليها المعول في حياة المرء، وغنمه وربحه، وعزه ومكانته، أو تكون سبب هلاكه، أو خسرانه». «عشائر العراق» 1 / 370.
ومن تلك الخيول التي تعد من أنفس الخيول وأشهرها عند العرب الخيل الصقلاوية، والتي عرفت بها بعض بيوت العرب، ومنهم العِجرِف من الأسلم من شمر.
وقد ظلت عناية العجرف بالخيل الصقلاوية حتى جرى على خيلهم ما جرى على خيل غيرهم من فناء شبه عام منذ خمسينات القرن الماضي.
ذهب بن عِجرِف – رحمه الله - فارس من فرسان من شمر وعنايته بالصقلاوية، وهو من الشكر من اللحالحة من النبيجان من ضنا قدير من ضنا وهب من الأسلم من شمر، كان كبير قومه اللحالحة، وعاش في أواخر القرن الثاني عشر الهجري إلى ما بعد منتصف القرن الثالث عشر، وكان يلقب براعي الصقلاوية، ولقب أيضاً أبو فروة لأنه كان ذا حمية لقومه ومن حوله من عربه لا يتخلى عنهم، وكان يعتزي بناقته الحرشا.
عرف بالشجاعه والفروسية وسداد الرأي وشهد الكثير من الوقائع والأحداث المهمة التي جرت لقومه.
العم فارس بن عايد الشمري سليل الطيب والكرم
وقد حصلت على مصورة هذه الوثيقة من كبير العِجرف اليوم العم الفاضل المحلى بالمكرمات والفضائل سليل الكرم والأدب، والبالغ فيهما أسمى الرتب العم أبو لافي فارس عايد الشمري المولود في بادية الكويت، وبيته لا يغلق له من الجود باب، ولا يحجب عن صاحب المسألة بحجاب، وقد قال الشاعر علي المبرد الشمري يمدح مواقفه الكريمة:
الله يجازي فارس العجرف بخير **** رجال حافل بالمفاخر مسيره
يحب كل الطيبين المناعير **** ويحرص على جمع الوجيه السفيره
ماكان همه يكتنز للدنانير **** كفه على بذل العطايا خفيره
ضاري على كسب الفخر بالمخاسير **** لادس راسه بالمواجيب غيره
يا كثر يفرح في قدوم المسايير **** كثرة هلا تعلا حجاجه كثيره
شوف الدلال مسطرات مباهير **** ومفطحاتٍ بالصياني يديره
طيبه اجبله بالصخى يبهر الغير **** وده يحط اللي يجيه بنظيره
يفعل بزود ويشعر إنه بتقصير **** تلقاه لرضات الخلايق بحيره
وإليا سرح فكره بعض التفاكير **** يذكر يتيم وينشغل في مصيره
همه يفرح للقلوب المكاسير **** لاشاف محتاجٍ يحطه خشيره
مانام وبربعه بليله معاسير **** لينه يجيهم بالفزع والبشيره
لا هد هداته مثل هدة الطير **** جاب السعد ولا تخيب عشيره
لا زام زومات الطنا بالمشاوير **** داس الصعايب بالدروب الخطيره
من واجبي لا قلت فيه التعابير **** بين الرجال المبصره والخبيره
من ربعي وربعي سيوف مشاهير **** لا صارت القاله سيوف شطيرة
ربعي سنادي عزوتي من ضنا قدير **** أفعالهم بالطيب في كل ديره
لاصار للتاريخ سيرة وتذكير **** نقرا لأبولافي من الفعل سيره