| د. تركي العازمي |
نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح لا يملك عصا سحرية وليس بوسعه أن يذر الرماد في العيون بإطلاق وعود براقه إنما يسعى إلى تحقيق إصلاح حقيقي عن طريق إخضاع كل ما يثار إلى معايير مهنية وقانونية... هذا موجز ما ذكره في تصريحه لــ «كونا» الخميس الماضي 19 ديسمبر 2013.
أنا على يقين بأن ما ذكر وزير المالية متطابق مع المنهج القيادي السليم الحديث.. منهج يبحث عن الحقيقة حول ما يثار لا سيما وأن الملفات المتعلقة في الجهات التي تقع تحت مسؤوليته كثيرة وحساسة و”فارطة” نوعا ما... قدره أن يتحمل حقيبة مثقلة بتراكمات عدة عقود ويطلب منه حلها... وهنا نتفق معه لأن “ العصا السحرية “ وإن تملكها لا تستطيع فك رموز شفرات سياسات أكل وشرب عليها الدهر... وفوق هذا التصريح الاحترافي وتأكيده تبني النهج الإصلاحي وأن تقارير ديوان المحاسبة هي أحد العناصر المهمة التي يستند إليها من يريدون إستجوابه: عجبي؟
لأول مرة يخرج لنا وزير يتحدث بعقلية محترف... وزير مخضرم “محنك“ بين مبتدئين همهم “ذر الرماد“ ولعب سياسة بعيدا عن النهج الإصلاحي الذي يعد أهم دور للقيادي بمنصب وزير!
الوزير طالب مؤسسة التأمينات الاجتماعية بضرورة تطبيق الحوكمة وأنظمة المخاطر وتعزيز الرقابة الداخلية وقد شكل لجنة تحقيق في ما أثير حول محطة الزور ومكتب الاستثمار بلندن... فماذا نتوقع منه أكثر!
أطالب كل مخلص أن يمنحه الفرصة فهو في تركيبته القيادية وملخص نهجه الإصلاحي يوحي لنا بأنه رجل المهمات الصعبة ويحتاج إلى دعم من أصحاب القرار ويا حبذا لو يأخذ بالنصائح التالية:
ـ القيادي الذي يشرف على مؤسسات “مهترئة“ قياديا بحاجة إلى توفير كادر قيادي بشكل عاجل يعينه على تطبيق النهج الإصلاحي الذي أعلن عنه? وهؤلاء القياديون يفترض أن يكونوا على دراية كاملة بالفكر الاستراتيجي ونمط القيادة التحويلية!
ـ يحتاج الوزير إلى جلب بيوت إستشارية تتصف بالنزاهة والحياد لتقوم بعمل تدقيق خارجي External Auditing كي تبين له وللقياديين التابعين له نقاط الضعف المتسببة في أوجه الفساد الإداري الذي تعاني منه معظم الجهات التابعة للوزير ومن خلالها ترسم إستراتيجية الإصلاح القادم.. إنها تحدد المشاكل والتوصيات المؤدية لحلها!
ـ عامل الوقت مهم وعلى أصحاب القرار فهم حساسية عامل الوقت لأن استمرار «المعششين» في مناصبهم القيادية سيؤدي إلى عرقلة مساعي الوزير الإصلاحية.
ـ الحوكمة بحاجة إلى توفير مكاتب إستراتيجية في كل منشأة تقع تحت مسؤوليته وتتبع إداريا للمكتب الاستراتيجي التابع لوزير المالية!
ـ المكاتب الاستراتيجية توفر الجهد وتحقق الإصلاح قبل أن تكتبه تقارير ديوان المحاسبة... بمعنى إنها تحقق الإصلاح في حينه ولن تحتاج إلى تشكيل لجان لأن مكاتب التدقيق الخارجي هي الجناح الثاني لطائر الإصلاح.
ـ يعلم الوزير ونعلم بأن ثقافة العمل في المؤسسات التابعة له ما زالت تعيش مرحلة «كتابنا وكتابكم» ومبدعة في تطبيق مفهوم «كل شيء تمام يا فندم».
أعتقد بأن «أبو فهد» وزير المالية أمام تحد كبير، فقد شاءت الأقدار بأن يتحمل مسؤولية جهات ثقافتها لا تقبل بالمفهوم الإصلاحي وكل قيادي فيها يبحث عن مخرج لبقائه في المنصب بغض النظر عن الإنتاجية المطلوبة في عصر تختصر فيه التكنولوجيا الحديثة المسافة والزمن في اتخاذ القرار المناسب.
مما تقدم? نحن وضعنا تصورنا والحديث عن المؤسسات التي تتبع وزير المالية تحتاج كل واحدة منها إلى مقالات عدة لكن حساسيتها غير قابلة للنشر فهي معنية بشؤون البلد والعباد لكن ندعو المولى عز شأنه أن يعينه على تحمل المسؤولية وإن يجد الدعم الكافي فرفض الوزيرلــ «ذر الرماد» بحد ذاته يعد مفهوما قلما تم تطبيقه من قبل قياديي زمننا الحاضر... والله المستعان!
[email protected]Twitter : @Terki_ALazmi