بعدما أجهض نصرالله محاولة مماثلة قام بها بري لتشجيع تفاهم بين طهران والرياض
«14 آذار» تتجه لحوار مع إيران «الروحانية»
| بيروت – « الراي» |
1 يناير 1970
10:52 ص
يتحكم الهاجس الأمني بمجمل الوضع الداخلي في لبنان في الأيام الاخيرة الفاصلة عن نهاية السنة الحالية بما يغيّب تماما عن المشهد العام بعض المعطيات التي تشير الى بوادر تحركات او جهود داخلية وخارجية للالتفات الى الأزمة السياسية الخانقة التي يعيشها لبنان منذ استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قبل اكثر من تسعة اشهر.
وبرزت في اليومين الاخيرين ملامح تصاعد المخاوف من ان يكون لبنان ساحة رديفة ملازمة تماماً للتطورات الميدانية السورية في الفترة الفاصلة عن انعقاد مؤتمر «جنيف - 2»، بما يعرّضه تالياً لمعادلة وضْعه على صفيح ساخن في حاليْ الاحتمال الضئيل لنجاح المؤتمر او الاحتمال الأكبر لإخفاق هذا المؤتمر. وهي معادلة يقول عنها بعض المصادر الواسعة الاطلاع لـ« الراي» انها قد تشكل التطور الأشدّ خطورة الذي سيستقبل عبره لبنان السنة 2014 في حال عدم التمكن من اقامة هامش ولو نسبي في عزْل أوضاعه عن الأزمة السورية، الأمر الذي يحتاج بالدرجة الاولى الى دفْع دولي واقليمي استثنائي يضغط على الافرقاء اللبنانيين لحملهم على تسهيل تشكيل حكومة انتقالية في الشهرين الاولين من السنة المقبلة تنحصر مهمتها بمواكبة اجراء الانتخابات الرئاسية، وفي حال العجز عن ذلك تتولى صلاحيات رئاسة الجمهورية اذا تمدد الفراغ الى سدة الرئاسة في 25 مايو المقبل موعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان.
وفي هذا السياق، بدت هذه المصادر وكأنها تسخر من الحملات المتجددة التي تتركز على اتهام سليمان بالسعي الى تمديد ولايته والتي تدرجها في اطار انكشاف المخاوف التي تنتاب جهات معروفة في فريق 8 آذار من عدم سقوط احتمال التمديد وخدمة طموحات احد المرشحين البارزين للرئاسة أكثر من اي عامل آخر.
وتعتقد هذه المصادر ان مطلع السنة المقبلة سيكون بمثابة إشارة الانطلاق لمناخ محتدم سياسياً على خلفية الاقتراب من الاستحقاق الرئاسي في وقت سيكتشف معه المراهنون على محاولة توفير ظروف لايصال مرشحين او مرشح معين عقم اي محاولة داخلية لحملة التسويق هذه ما لم ينفتح الاهتمام الدولي والاقليمي بالواقع اللبناني الذي يبدو في مرتبة الصفر الآن خارجياً.
وتشير الى انه في اللقاءات والمداولات التي تعقد مع السفراء الغربيين في لبنان يظهر تماماً ان الاهتمام الخارجي بلبنان لا يزال قابعاً عند نقطتين حصريتين هما الوضع الأمني والخشية المتنامية من زعزعة الاستقرار الداخلي ومسألة النازحين السوريين ولا شيء غيرهما. وتبعاً لذلك بدا لافتاً ما حملته الساعات الاخيرة من معطيات عن بداية توجه لدى فريق 14 آذار الى فتح قنوات التواصل مع دول غربية ومع ايران تحديداً لشرْح مواقف هذا الفريق من مجمل التحديات اللبنانية والاقليمية، اذ انها المرة الاولى منذ انفجار أزمة تورُّط «حزب الله» في الصراع السوري يحكى فيها عن انفتاح خصومه على طهران. واذا كانت الاوساط المعنية في 14 آذار تجنبت امس إعطاء انطباعات من شأنها «تكبير» هذا التطور وتصويره بمثابة امر استثنائي، فان المعلومات الجدية تشير الى ان هذا الفريق قرر القيام بحملة تحرك واسعة تشمل التوجه الى الرئيس الايراني حسن روحاني حصراً بالاضافة الى دول غربية مؤثرة لشرح موقفها مباشرة من تداعيات تورط «حزب الله» في سورية وانعكاسات الاتفاق الغربي الايراني على لبنان.
واذا كانت هذه الخطوة تحمل دلالات مهمة من حيث توجه فريق 14 اذار، المعروف بعلاقته الوثيقة بالسعودية، الى الانفتاح على ايران وتحديداً الرئيس روحاني، فان الأمر أثار مجموعة تساؤلات في الساعات الأخيرة من أبرزها عما اذا كانت الخطوة اتُخذت بقرار محض داخلي بين القوى الرئيسية في 14 آذار ام انها تحمل دلالات اوسع تصل الى حدود التنسيق مع السعودية عبر تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري؟ ثم ماذا سيكون عليه الموقف الايراني من رغبة خصوم حليفه القوي (اي «حزب الله») في الانفتاح على طهران وهل تستجيب طهران لذلك الانفتاح ام تتجاهله تجنباً لإحراج نفسها في إلزامات ترتدّ على حليفها؟
في اي حال لا تعتقد المصادر الواسعة الاطلاع ان ثمة فرصاً كبيرة أمام هذه المحاولة او اي محاولات اخرى مماثلة لكسر واقع ارتباط الأزمة اللبنانية بالأزمة السورية، أقلّه في المدى المنظور، رغم ان ذلك لا يقلل اهمية الانطباعات والنتائج التي قد تفضي اليها ملامح انفتاح 14 آذار على ايران - روحاني تحديداً.
وتشير هذه الاوســـــاط الى ان لبـــنان سيقبل في شهريْ يناير وفبراير على اختبار يقرر في شكل حاسم الوجهة التي قد يسلكها في شأن أزمته السياسية والأمنية واستحقاقه الرئاسي لان مجمل هذه الملفات المتداخلة والمتشابكة باتت تخضع خضوعاً قسرياً للانزلاق التصاعدي الذي يشهده بوتيرة مقلقة في انتقال الكثير من عوامل الصراع السوري مباشرة الى أرضه ومناطقه.
وكانت الساعات الأخيرة حملت اشارات عدة الى ان قوى 14 آذار فعّلت تحركاتها داخلياً في اطار مواكبة الاتجاه الى إطلاق حِراك في اتجاه الخارج وهو ما تجلى في الآتي:
• الكشف عن رسالتيْن وجّههما رئيس «كتلة المستقبل» فؤاد السنيورة الى روحاني، الاولى للتهنئة بانتخابه رئيساً وتضمنت أفكاراً سياسية حول عناوين محددة، والثانية بعد توقيع طهران الاتفاق النووي مع الدول الغربية وتضمنت شرحاً لموقف «المستقبل» من الاتفاق ورؤيته لأفق العلاقات العربية - الايرانية، وما هو منتظر من ايران حيال لبنان على قاعدة الاحترام المتبادل بين البلدين والعلاقات الندية، وخطورة استمرار انخراط «حزب الله» بالقتال في سورية.
• اللقاء الذي عقده السنيورة مساء الثلاثاء في بيت الوسط مع رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل الذي كان التقى السفير الايراني غضنفر ركن ابادي اخيراً في السفارة الايرانية. ثم انتقال رئيس «كتلة المستقبل» الى معراب حيث اجتمع طويلاً مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وهما اللقاءان اللذان وُضعا في سياق المشاورات حول ملف رئاسة الجمهورية والحكومة وايضاً حول مقاربة جديدة للمعطيات في لبنان والمنطقة تتيح فهماً واضحاً للعلاقات الايرانية - الغربية والايرانية - العربية وآفاقها.
• الانطباع عن ملاقاة «ضمنية» من 14 آذار في حوارها المحتمل مع ايران لرئيس البرلمان نبيه بري الذي كان زار طهران ودعا قيادتها الجديدة الى محاولة التفاهم مع الرياض حول شبكة امان للبنان، قبل ان يجهض الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله محاولة بري عبر هجومه الصاعق وغير المسبوق على السعودية واتهامها بتفجير السفارة الايرانية في بيروت.