تحدثت للمرة الأولى بعد مصرعه طعناً بالسكاكين

دارين حمزة لـ «الراي»: لم ندفن والدي سراً... ولولا إيماني لكنتُ جُننت

1 يناير 1970 01:57 م
• والدي مات مظلوماً
وليس ظالماً
وهو يُحتسب شهيداً عند الله

• رجال الأمن يقولون إن وراء الجريمة إما السرقة وإما أن القتَلة كانوا يريدون السيارة لتفخيخها وتفجيرها

• لهذا لم يخبرني أهلي باختفاء والدي

• والدي لم يتوقف عن العمل طوال الحرب الأهلية
ولم يمت
من قذيفة طائشة رغم أنه كان ينزل يومياً إلى المطار

• كل الزملاء الممثلين قدموا التعزية وعدد كبير من الصحافيين

• كلّنا معرضون للقتل...
«ما في خيمة زرقاء فوق رأس حدا»

• على قبر والدي طلبتُ منه
ألا يسامح القتلة ولن ينجوا
من حساب الله

• هل كان مطلوباً مني المتاجرة بوالدي وأن أطل و«أصرّخ» على محطات التلفزة؟

• مقتل والدي شكّل صدمة لنا جميعاً... نحن في زمن «وحوش فلتانة ونحن كالغنم»

• والدي رجل مسالم جداً والكل
لم يصدق
ما حصل له «ختيار ومتقاعد ويسير الحيط الحيط»
تعيش الفنانة اللبنانية دارين حمزة فترة عصيبة بعد جريمة قتل والدها (إبراهيم) طعناً بالسكاكين، وسط تقديرات أمنية تضع سياق الجريمة بين احتمالين: السرقة أو سلب السيارة لتفخيخها وتفجيرها على أيدي إرهابيين.

دارين، وفي أول حديث صحافي لها بعدما فُجعت وعائلتها بمقتل والدها (مطلع ديسمبر)، نفت عبر «الراي» ما تردّد عن أن انشغالها بتصوير مسلسل «لو» كان السبب في عدم اطلاعها على اختفاء والدها في اليوم نفسه، فأكدت أنها كانت موجودة في البيت، ولكن أهلها لم يرغبوا في إيقاظها بعد ليلة تصوير طويلة مع الإعلامية رابعة الزيات (ضمن برنامج «بعدنا مع رابعة») لأنهم اعتبروا أنهم لا بد أن يعثروا عليه عاجلاً أم أجلاً ولم يتخيلوا أن القتل سيكون نصيبه.

من ناحية أخرى، لم تُخْف دارين استياءها من الكلام «الكاذب» الذي نُشر عن «دفن والدها سراً»، موضحة «أن كل الأهل والأقارب وأهل القرية حضروا الدفن»، ومشيرة إلى أن من كتب هذا الكلام كان يبحث عن السبق الصحافي، وخصوصاً أن والدها لا ينتمي إلى أي جهة حزبية أو سياسية، ونافية أي خلفيات عائلية للجريمة أو وجود خلافات إرث في العائلة.

• كيف تتعايش عائلتك وخصوصاً والدتك مع فاجعة مقتل والدك؟

- «ماشي حالها»! أحياناً تستكين وأحياناً أخرى تنهار بين أيدينا، لأنها لم تستوعب حتى الآن أن والدي قتل. ما حصل كان صعباً جداً والمصيبة كبيرة ولا يمكن تقبّلها بسهولة، ولا شك أن والدتي تحتاج إلى الكثير من الوقت كي تتقبل الواقع. موت والدي شكّل صدمة لنا جميعاً، لأن الواحد منا يخاف على الشباب ولا يتوقع أن يحصل كل الذي حصل مع رجل كبير في مثل سن والدي.

• هل عرفتم الدوافع التي أدت إلى قتل والدك؟

- رجال الأمن يقولون إن هناك احتمالين يقفان وراء جريمة القتل، الأول هو السرقة وربما الذين قتلوا والدي يتعاطون المخدرات ويبدو أن والدي قاومهم ولم يسلمهم السيارة بل بقي في داخلها فقتلوه. والثاني أن القتلة كانوا يريدون السيارة لتفخيخها وتفجيرها. كل الاحتمالات واردة، ولكن الشيء الوحيد الذي يريحنا هو أن والدي مات شهيداً ومثواه الجنة «والله كبير»، ولا بد وأن يستردّ له حقه من القتلة المجرمين. لم يعد هناك أمان ووصلنا إلى وقت أصبحنا نتوسل إلى الله كي نعود إلى بيوتنا سالمين، من دون أن يعترض طريقنا «أولاد حرام». يبدو أننا أصبحنا نعيش في آخر زمن.

• هل صحيح أنك لم تعرفي باختفائه إلا في اليوم التالي وأن أهلك أخفوا عنك الأمر بسبب انشغالك بتصوير مسلسل «لو»؟

- كلا. في الحقيقة لم أكن منشغلة بتصوير مسلسل «لو»، وأهلي لم يخبروني باختفائه لأنهم اعتقدوا أنهم ربما يجدونه في احد المستشفيات أو ربما أغمي عليه أو تعرض لحادث ما وأنه لا بد أن يعثروا عليه في مكان ما، وعندما يجدونه يخبرونني بالأمر لأنهم يعرفون أن أعصابي لا تتحمل الأخبار السيئة.

• وأين كنتِ يومها؟

- كنت في البيت، ولكن في الليلة التي سبقت الحادثة كنت أصوّر حلقة من برنامج «بعدنا مع رابعة» وتأخرنا في التصوير، فغرقت في النوم في اليوم التالي. لا أحد منا يعرف ماذا يخبّئ له القدَر. تخيلي أن والدي لم يتوقف عن العمل طوال الحرب الأهلية، ولم يمت من قذيفة طائشة رغم أنه كان ينزل يومياً إلى المطار لأنه كان موظفاً في شركة «الميدل إيست».

• اليوم، وبعد مرور نحو أسبوعين على الجريمة، كيف تتعاملين مع الأمر؟

- «ساعة هيك وساعة هيك». حتى الآن لا أصدق الذي حصل. والدي كان في الـ 77 من عمره.

• هل ساوره إحساس ما أو قال شيئاً ما قبل وفاته؟

- كلا. هو لم يقل شيئاً على الإطلاق. والدي رجل مسالم جداً ولا يتعاطى مع أحد، والكل لم يصدق ما حصل له «ختيار ومتقاعد ويسير الحيط الحيط». كان يقول لنا دائماً «لماذا تخافون من الناس؟ الدنيا لا تزال بخير». كان طيب القلب أكثر مما تتصورين، ولذلك كان موته بمثل تلك الطريقة أكبر صدمة لنا. ولكن يبدو أننا أصبحنا في زمن الاستقواء على الأطفال والنساء والكبار في السن. «وحوش وفلتانة ونحن كالغنم».

• هل باشرت بمزاولة نشاطك الفني أم أنك لا تزالين متوقفة عن العمل؟

- سأبدأ الشهر المقبل بتصوير مسلسل «لو». الحياة يجب أن تستمر وليس بمقدورنا أن نفعل شيئاً. وجعنا كبير جداً، وما يدفعنا إلى الاستمرار هو أن والدي مات في شهر محرم مظلوماً وليس ظالماً وهو يُحتسب شهيداً عند الله. يجب التفكير بشكل إيجابي حيال موت والدي، والحمد لله أننا تمكنا من غسله وتكفينه ودفنه، وهذا الأمر يعزينا، ولكن التفكير بطريقة سلبية لن يجدي سوى اللوعة والأسى. بالأمس كان عيد ميلاده الـ 77. لماذا يعيش الكفار المجرمون أحلى حياة، والمعتّر والمنيح والجيّد يُقتل بمثل تلك الطريقة؟ لا يجوز لنا التفكير كذلك، بل يجب أن نقوّي إيماننا وأن نفكر بأن كل الأشخاص الجيدين يُقتلون ويستشهدون ويُظلمون وأن العدالة في السماء وليست على الأرض، وبأن القتلة سيكون حسابهم كبيراً عند الله ولن يكون في انتظارهم سوى جهنم وبئس المصير، بينما والدي سيكون مثواه الجنة. هذا هو الأمر الوحيد الذي يعزّينا. إذا لم تكن هناك عدالة على الأرض، ففي السماء لا يوجد سوى العدل والعدل الوفير.

أنا أتسلّح بالإيمان كي أستوعب ما حصل لوالدي، ولولا إيماني لكنت جُننت. ما يحصل في الواقع في هذا الزمن يشبه ما نشاهده في الأفلام السينمائية، وأنا لم أصدق ما حصل مع والدي ولكن يبدو أن المستحيل الذي نتصور أنه لا يمكن أن يحصل قد حصل فعلاً، ونحن علينا أن نواجه قدَرنا وأن نصبّر أنفسنا بأن هناك عدالة الهية وهي التي ستقتص من المجرمين. والذين قتلوا والدي ليسوا سوى مجرمين وقتلة وسيكون حسابهم عند الله عسيراً ولن يدخلوا الجنة مهما فعلوا. عندما كنت على قبر والدي طلبت منه ألا يسامحهم، لأنني أعرف أنه طيب القلب، بل حتى لو سامحهم فلن ينجوا من حساب الله. ربما في هذه الأيام علينا أن نتوسّل إلى الله كي نجد من يغسلنا ويكفننا ويدفننا بعد موتنا، خصوصاً وأن هناك أشخاصاً يرمونهم في البحر بعد موتهم ولا يعثرون على جثثهم، وآخرون يلملمونهم أشلاء بسبب الانفجارات. «الله يستر... لا أحد يعرف شو مخبّيلو الزمن، وإن شاء الله يكون بيي راح فداء عن كل العالم».

• لماذا حرصتم على أن يكون الدفن سرياً وبعيداً عن العيون، كما ذكرت بعض وسائل الإعلام؟

- هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، ونحن لم ندفن والدي سراً ومَن كتبه كاذب وأراد أن يحقق سبقاً صحافياً على حساب والدي. لو حصل ما جرى معي مع شخص آخر، هل كانت مصيبته تسمح له بالاتصال بالصحافة وتبليغها؟ كل أهلي وأقاربي وأهل القرية حضروا مراسم الدفن، كما أننا تقبلنا العزاء في القرية ثم في بيروت في مقر «الجمعية الإسلامية». هل كان مطلوباً مني المتاجرة بوالدي وأن أطل و«أصرّخ» على محطات التلفزة؟ لست من هذا النوع. وما الذي يمكن أن أجنيه من وراء ذلك ما دام «الغالي راح»؟ لا أنكر أنني انزعجتُ كثيراً لأنهم كتبوا أننا دفناه على «السكت»، وهل كان قصدهم أن «أفتعل شوشرة إعلامية»؟ الكل عزّانا، الذي يعرفنا والذي لا يعرفنا، لأن والدي «ختيار وآدمي» ولم يصدق أحد أن «أبو مجد» يمكن أن يُقتل. الكل قالوا «أبو مجد ختيار شو بدن في»؟ «الله يساعد رجال الأمن... المجرمون مثل الصراصير وموجودان في كل مكان».

• كم يبلغ عدد أشقائك وشقيقاتك؟

- نحن خمسة أولاد. 3 شبان وفتاتان... «الله لا يجربها مع حدا». بعد الذي حصل مع والدي أصبحت أقول إننا كلنا معرضين للقتل ولا توجد خيمة زرقاء فوق رأس أحد. الظلم أصبح متفشياً وعلينا أن نتوقع كل شيء. والدي كان يحب لبنان كثيراً، وعندما كنا نفكر في السفر كان يقول لنا «ابقوا هنا، لبنان أفضل بلد في العالم».

• هل قام الفنانون بقديم واجب العزاء لك؟

- كل الزملاء الممثلين قاموا بواجب العزاء، وكذلك رابعة الزيات وزوجها زاهي وهبي، بالإضافة إلى عدد كبير من الصحافيين. الكل أصيب بالذهول وباسم مغنية كان يمضي وقته في بيتنا لأننا كنا زملاء في الجامعة ويعرف أهلي جيداً. كل مَن يعرف والدي أصيب بالصدمة وقال «مش لألو هيدي الموتة». نحنا نعيش زمن الذئاب والنعاج، ولكن الحياة الحقيقية هي في السماء ونحن أتينا إلى الأرض زيارة وليس أكثر، ويقال إن كل ساعة على الأرض تعادل 100 سنة في السماء.

• وهل تلقيت التعازي من المغنين؟

- المغنون ليسوا أصدقاء لي ولا أعرفهم.