«الراي» عاينت عدداً من المخيمات «تحت الثلج»

النازحون السوريون بلبنان في «عيْن العاصفة»: خيم «تهرب» مع الرياح وإشعال أحذية لتدفئة الرضّع

1 يناير 1970 10:52 ص
عين على العاصفة «ألكسا» التي تحكم «قبضتها» على لبنان ثلوجاً وأمطاراً، وعين أخرى على امكانات «صمود» النازحين السوريين امام «المشهد الجليدي» الذي بدأت ترسمه ابتداء من ارتفاع 500 متر.

فاللبنانيون كانت «عيونهم» امس على طرقاتهم التي تتحوّل مع كل عاصفة «سجناً» يغرقون فيه نتيجة «تمدُّد الانهر» وانسداد مجاري المياه، فيما كانت «قلوبهم» على أكثر من نصف مليون سوري وُضعوا في «عين العاصفة»، يقارعونها بـ«اللحم الحي» وفي ما يشبه «العراء»، نتيجة واقعهم المأسوي المتأتي من سوء ادارة لبنان الرسمي لملفّهم الذي بات يفوق طاقته على التحمّل وبفعل تلكؤ المجتمع الدولي في الوفاء بالتزاماته تجاههم.

صُوَر «البساط الابيض» يكلل المرتفعات وأسطح المنازل «الدافئة»، مشت «جنباً الى جنب»، على مواقع التواصل الاجتماعي وفي نشرات الأخبار، مع صور الثلج «يدهم» خيم النازحين التي أطاحت السيول قسماً منها في أكثر من منطقة، لتضيف الى «كوابيس» اللاجئين عامل خطر جديداً حاولت بيروت جاهدة الحدّ من تداعياته على الاطفال الذين يموت بعضهم... من البرد.

فلبنان الذي يعلن انه يستقبل نحو 1.3 مليون نازح بينهم نحو 900 الف مسجلين رسمياً لدى المفوضية العليا للاجئين، تضاعفت همومه مع حلول «ألكسا»، وهي اول عاصفة في شتاء 2013 - 2014، التي ألقت الضوء على واقع اكثر من نصف مليون نازح يعيشون في خيم عشوائية غير مجهزة بأبسط مقومات الحياة ولا سيما في البقاع والشمال ونصفهم من الأطفال.

وحاول لبنان الرسمي مواكبة العاصفة بإجراءات على طريقة «جود من الموجود»، حيث باشرت وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع الجيش وفرق مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين توزيع وتوفير المساعدات اللازمة على 24 مخيماً عشوائيا للنازحين السوريين غالبيتها في البقاع، وهي الاكثر عرضة للمخاطر في هذه العاصفة. وشملت المساعدات المواد اللازمة لتحصين الخيم ضد الامطار ومياه السيول، بالاضافة الى نفقات شهرية لتأمين مواد التدفئة.

الا ان هذا الامر لم يخفف من وطأة المشهد في مخيمات النازحين ولا سيما في البقاعين الغربي والاوسط والتي عاينتها «الراي» امس.

«ابو سعيد»، اللاجئ من حلب منذ سنة ونصف، هو وافراد عائلته المكونة من 9 اشخاص، يقيمون في مخيم عنجر، يحمّل الهيئات الاغاثية والدولية مسؤولية امكان تعرض اطفاله للمرض او الموت جراء الصقيع وتسرب المياه الى خيمته المصنوعة من النايلون والخيش والخشب.

ويقول: «انا واولادي تناوبنا بالليل خوفاً من اقتلاع الرياح للخيمة وتسرب المياه اليها»، ليترك الامل الى ربه، بعدما فقد الامل من الجمعيات الاغاثية في ان تساعده في خيمة «لا تهرب مع الريح».

اما في مخيم الدلهمية، فيبتسم اسماعيل، ويشيح بيديه الى الاطفال الحفاة وشبه العراة تحت الثلج، ليضيف: «لم يبقَ أحد، من جمعيات ووزراء خارجية دول اوروبية وعربية، الا وحضروا الى المخيم ورأوا بامّ العين كيف نعيش، وللأسف لم نرَ منهم حتى اللحظة شيئاً».

وفي الطرف الشمالي من المخيم تحاول «عائدة» ابنة حمص، تدعيم خيمتها بالاحجار والقساطل الحديدية عند الاطراف، بعدما فعلت فيها الزوابع ما فعلته، فالخيمة ليست مقدمة من اي هيئة اغاثية، وتقول ان «بدل ايجار مكان نصب الخيمة 60 الف ليرة (40 دولاراً) في الشهر، وكل الليل نعيش على اعصابنا، ولا يكفينا اننا نقوم بإشعال احذية وبلاستيك كي لا نموت من البرد، لنشعر بان الخيمة اوشكت ان تطير».

ولا تخاف «عذاب» من الرياح على اقتلاع خيمتها، بقدر خوفها على ابنها الرضيع من البرد. تدعو ربها ان لا يطيل العاصفة اكثر من يوم، فكل ما استطاعت تأمينه لمواجهتها هو ربطتا خبز، وغالون 10 ليتر من المازوت. وتقول: «زوجي ما ملاقي شغل، وكل اللي كنا محوشينوا صرفناه بهالاربعة اشهر».

كثر من هم مثل «عذاب» الذين يعذبهم التشرد ويهدد حياتهم البرد والجوع، في ظل غياب ادنى مقومات العيش في ظروف طارئة. وباتصال أجرته «الراي» مع مسؤول الاغاثة في دار الفتوى في البقاع، ايمن شرقية، لفت الى ان «المأساة تكبر مع اي طارئ، ولا سيما في ظل تدني درجات الحرارة، والصقيع»، محذراً من أنه «بحال استمر هذا التقاعس من الجميع، سنواجه كوارث انسانية، أكبر مما نشاهده اليوم، خاصة ان هذه الازمة ارخت بظلالها على المواطن اللبناني مما جعله يتساوى مع النازح السوري في المأساة».

وأكد أن «تقديمات الدول المانحة الى الجمعيات والهئيات الاغاثية تدنت مقابل ارتفاع اعداد النازحين»، مشيراً الى «اننا لمسنا هذا التراجع في التقديمات مع تزايد اعداد النازحين الذين بلغ عددهم في البقاعين الغربي والاوسط نحو 40 الف عائلة بحاجة الى مساعدات بشكل دوري».