محمد الوشيحي / آمال / تأثير الثواني الأربع

1 يناير 1970 12:27 م

كتبت سابقا عن عدم ثقة نواب الكتلة الإسلامية بعضهم ببعض. وأنهم يجلسون على طاولة الاجتماع ويد كلّ منهم على مسدسه (باستثناء النائبين فيصل المسلم وعادل الصرعاوي)! ميزة هذه الكتلة أنها انشطارية. أعضاؤها مكشوفون على بعض. وإن كان بعضهم ضحك على الناس فلا يمكن أن يضحك على «بقية السقايين»! آخر شظية كانت الكتلة الإسلامية المستقلة التي اكتشفت بأن للنائب أحمد باقر تأثير الجاثوم. الخالق الناطق... فانشقت عنه.

طبعا النائب ضيف الله بو رمية هو أحد أعضاء الكتلة المستقلة، وهذا ما يفسر سباق المئة متر حواجز الذي تم أمس، الاثنين، وانتهى بفوزه هو وتقديم استجوابه للحميضي بفارق أربع ثوان، قبل أن يقدم النائبان الطبطبائي والعمير (بالنيابة عن النائب أحمد باقر) استجوابهما للمعتوق.

ويكشف هذان الاستجوابان بشكل واضح مدى شراسة الصراع داخل الكتلة الإسلامية نفسها، وفقدان الثقة المتبادل بين مجاميعها. وقد يقلل البعض من قيمة الأربع ثوان تلك، لكنها في عيون خبراء السياسة كانت ضربة معلم للنائب بو رمية الذي سيُعرض استجوابه على المجلس أولا، وسيكون بإمكانه مساومة باقر (باقر هو صاحب الاستجواب الفعلي للمعتوق، بينما العمير والطبطبائي هما الواجهة التجارية له): تؤيد استجوابي أؤيد أنا استجوابك. هات وخذ. لا مجال للوعود ثم النكوص عنها. وهذا ما سيثير حنق باقر على زميله الطبطبائي الذي لم يستعن على قضاء حوائجه بالكتمان، بل أيقظت تصريحاته بو رميه من نومه، ففوجئوا به وهم في طريقهم لتقديم الاستجواب يخرج لهم من بين السيارات. ولو أجلوا استجوابهم سنة لأجله هو أيضا سنة. سياسة سيب وأنا سيب.

وبالتأكيد ستفشل المساومة، وسيسقط الاستجوابان سقوطا مدويا. إذ لن يقبل باقر بهذا العرض، وبدوره، سينتقم بو رمية منه في استجوابه للمعتوق. بالإضافة إلى أن «ربع» بو رمية في كتلته نفسها لم يستقروا على رأي نهائي حول استجواب صاحبهم، كما صرّح خالد العدوة، فما بالك باستجواب الآخرين... ومن جهتها، ستعارض حدس – كما يقول المنطق - الاستجوابين.

وطبعا، كلّ من يعمل في السياسة، أو له قريب يعمل في السياسة، يدرك بأن مقدمي الاستجوابين، بو رمية وباقر، يريدان الحصول على المنصب الوزاري. وهذا هو السبب الرئيس الذي منع أحمد باقر من الظهور في الصورة. ولو عرض سمو رئيس الحكومة على كلّ منهما وزارة، فسيسحبا استجوابيهما سحبا جما، كما أظن... لكن هذا لا يبرئ ساحة الوزيرين الحميضي والمعتوق ما لم يُظهرا براءتهما بالأدلة للناس.


محمد الوشيحي

 [email protected]