عائلة القتيل لم تدفنه وحال التوتر... على حالها
مخيم عين الحلوة «يعاند» الانفجار بعد اغتيال «فتحاوي»
| بيروت - من محمد دهشة |
1 يناير 1970
09:24 ص
يترنح مخيم عين الحلوة الفلسطيني، القريب من صيدا، في سباق محموم بين مساعي «التهدئة» السياسية و«الانفجار» الأمني في اعقاب اغتيال العنصر في حركة «فتح» محمد عبدالقادر عبدالحميد الملقب
بـ «محمد السعدي»، اذ جاء هذا الحادث الذي يُعتبر الاخطر بعد اغتيال العنصر في القوة الامنية الفلسطينية مسعد حجير قبل شهر ونيف، في توقيت «قاتل»، طارحاً في السر والعلن تساؤلات كبيرة عن توقيته الان، وما اذا كان من رابط بين تحمية الوضع في
عين الحلوة وما يجري من اشتباكات في طرابلس اضافة إلى الأحداث الأمنية المتنقلة في لبنان.
القراءة الفلسطينية، تستبعد ان يكون هناك رابط مباشر بأحداث طرابلس، ولكنها لا تستبعد في الوقت نفسه ان يكون هناك استغلال لجهة توقيته لتمرير تصفية حسابات «سياسية وثأرية»، بعد ايام غير قليلة على التفجير الانتحاري المزدوج امام السفارة الايرانية في بيروت وتوجيه
اصابع الاتهام إلى «كتائب عبد الله عزام»، ومحاولة ايقاع الفتنة والشر المستطير بين حركة «فتح» من بوابة عائلة ال السعدي وبين الاسلاميين من بواية الناشط بلال
بدر على خلفية الاشكالات والاشتباكات السابقة بينهما، رغم إجماع القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية على ضرورة تجنيب كبرى مخيمات لبنان (عين الحلوة) لهيب الخلافات السياسية والامنية اللبنانية والسورية.
الواضح، ان عين الحلوة اشبه بـ «الجمر تحت الرماد» ويميل نحو «الانفجار» في اي وقت، رغم المساعي الحميدة التي
تبذلها القوى الفلسطينية وتتركز
على تمرير هذه المرحلة الصعبة بأقل
الخسائر الممكنة، والتي لم تستكمل كل خطواتها العملية لتحصين أمن المخيم
«الهش» عمليا، فمعادلة «الامن بالتراضي» و«المربعات الامنية» و«عدم رفع الغطاء السياسي عن
اي مخل بالامن» ما زالت عوائق اساسية
امام تحقيق هذا الهدف المنشود، رغم نجاحها في تشكيل لجنة قيادية تعتبر مرجعية سياسية وامنية (القيادة السياسية للفصائل والقوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية في لبنان) ونجاحها ايضا في تشكيل قوة امنية مشتركة تنتشر للمرة الاولى في المخيم بتوافق ومشاركة الجميع.
هذا المناخ تزامن مع سيطرة حالة التوتر والاستنفار على المخيم بعد اغتيال السعدي، فيما اصيب بالعملية نفسها العنصر في «الجبهة الشعبية» عبد اليوسف بجروح في قدمه، واصيب الحاج ابراهيم عبد الغني بعد تجدد اطلاق النار بجروح خطرة، وقد اجريت له عملية في الرأس في مستشفى صيدا الحكومي وهو في غرفة العناية المركزة بين الحياة والموت بعدما اصيب بتكسر في الجمجمة.
وأكدت مصادر مسؤولة في القوى الفلسطينية لـ «الراي» انها تمكنت من
معرفة هوية مطلق النار على الحاج
عبدالغني ويدعى (محمد.ش) وهو احد عناصر «فتح» وقد فر إلى قريبه الناشط الاسلامي في جند الشام سابقا (هيثم.ش) في حي الطوارىء ولكنه لم يستقبله فعاد ادراجه لتوقفه حركة فتح بغية محاسبته وتسليمهم إلى القضاء اللبناني.
ووفق معلومات «الراي» فقد أظهر شريط تسجيل لاحدى كاميرات المراقبة في مسرح عملية الاغتيال، احد الاشخاص يقود دراجة نارية ثم يترجل منها، ويهم مسرعاً بالدخول إلى محل اليوسف المعد لبيع الادوات الكهربائية على مقربة من مستشفى «النداء» الانساني في الشارع الفوقاني، قبل ان يطلق النار مباشرة
على السعدي وعلى مسافة قريبة، ما ادى
إلى مقتله، اضافة إلى اصابة اليوسف،
وهذا يعني انه كان مراقباً، وقد غادر المحل مسرعاً باتجاه احد الازقة القريبة، فيما كان تحتشد مجموعة من الشباب في المكان قبل ان يدركوا عملية الاغتيال ويسارعوا إلى اسعافه».
واكدت المعلومات، ان القاتل لم يعد ليستخدم دراجته النارية، وقد فقدت من المكان، ما يعني ان هناك اشخاصاً اخرين شاركوا في عملية الاغتيال وان التخطيط كان جيدا وموزعا بين اكثر من فرد بين التنفيذ والمراقبة واخفاء ادارة الجريمة، وهذا ما تعمل على محاولة كشفه لجنة التحقيق.
وعلى وقع التحقيقات، بدت الحركة
في المخيم معدومة، تزامنا مع اطلاق نار متقطع بين الحين والاخر، فيما عقدت القيادة السياسية للفصائل والقوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية و» لجنة المتابعة الفلسطينية» اجتماعا طارئا في مقرها
بحثت فيه تفاصيل الحادث الامني، قبل ان يتوجه المشاركون إلى منزل فادي السعدي ويعقدوا لقاء مع العائلة لم يخل من حدة في الخطاب، اصرت فيه العائلة على
كشف ملابسات الاغتيال باعتباره
الثالث الذي يستهدف هذه العائلة بعد اغتيال ابو ماهر السعدي وعماد السعدي الذي صودف اغتياله في التاريخ ذاته من العام الماضي اي في الاول من ديسمبر 2012، مصرين على كشف الجناة ومحاسبتهم حتى لا
يبقى افراد العائلة عرضة للاغتيال دون محاسبة. وعلم انه لم يتم التوافق على دفن المغدور ولا على اعادة فتح الطريق، ما يعني ان الوضع في المخيم بقي مفتوحا على كل احتمالات التوتير.
وابلغ امين سر حركة «فتح» وفصائل «منظمة التحرير الفلسطينية» العميد ماهر شبايطة إلى «الراي»، ان الوضع الامني متوتر جدا في المخيم ولكنه ممسوك إلى الان، والمساعي تنصب على كشف الفاعلين حتى لا يبقى المخيم رهينة بيد «مجموعة مرتزقة» تحترف القتل».