إيران والعرب... جيرة أملاها القدر الحلقة الأخيرة

1 يناير 1970 07:12 ص
| القاهرة - «الراي» |

عبارة قالها أحد الخبراء في الشأن الإيراني، خصوصاً في ما يتعلق بالعلاقات الإيرانية - العربية، وتحديداً الإيرانية - الخليجية، تدعو أن يستوقف المرء عندها، حينما قال: «إيران دولة شقيقة... أو جارة... أو صديقة... أو حتى أخ شريك، ولكنها في النهاية قدر».

وقدر العرب هنا، أو تحديداً دول مجلس التعاون الخليجي، أن يكونوا جيراناً لدولة إيران، وهي قبل أي شيء، وبعيداً عن لعبة السياسة تربطها بالعرب جميعاً علاقات متشابكة، حتى لو كانت «شائكة»، كما تربطها بالعالم «غالباً»... علاقات متوترة.

وقد تكون هذه العلاقات مع العرب «الشائكة» لها أسبابها، خصوصاً في الأرض والجزر والثروة، وأمور دينية وعقائدية، ومحاولات تدخل، وفرض سيطرة.

وهي «متوترة» مع العالم ولعل الأسباب هنا تتعلق بمناطق النفوذ والسيطرة، وملف الأسلحة النووية، وحتماً أمور عقائدية.

وتبقى إيران وسط هذا وذاك محط أنظار الدراسات والفحوصات وأوراق العمل والإصدارات الحديثة، وهذا ما يجعلنا نقترب من هذا، ونتعرف على الجديد، خصوصاً مع صدور التقرير الاستراتيجي الإيراني السنوي الذي يحرره ويصدره أستاذ مساعد الدراسات الإيرانية المعاصرة بكلية الآداب في جامعة طنطا في مصر الدكتور مدحت أحمد حماد.


خبراء سياسيون واستراتيجيون مصريون لـ «الراي»: القطيعة بين إيران والعرب ليست في صالح الطرفين


|   القاهرة - من حنان عبد الهادي   |


رغم من الاختلافات في الرؤى والاتجاهات، إلا أنه ثمة اتفاق على أهمية تكامل الأمن القومي العربي - الإيراني، ورغم الاعتراضات الكثيرة على تحركات إيرانية بعينها في المنطقة، وخارجها، إلا أن مجموعة من الديبلوماسيين والخبراء في الشؤون الاستراتيجية، رفضوا أن تكون هناك قضية بين العرب وإيران.

وزير الخارجية المصري السابق أحمد ماهر ذكر أن إيران في عهد الشاه كانت لها مطامع في الدول المجاورة، مشيراً إلى احتلالها الجزر الإماراتية الثلاث في ذلك العهد.

وأضاف ماهر، في مؤتمر نظمه «المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية» بالقاهرة أخيراً لمناقشة «التقرير الاستراتيجي الإيراني»:

 «من المهم أن يكون هناك حوار مستمر بين العرب وإيران، وحذر من أن القطيعة بين الجانبين ليست في مصلحتهما معا.» وأشار إلى أن السياسات والمواقف الأميركية الخرقاء في أفغانستان والعراق كانت في صـــالح إيــــران بالقضــــاء علــــى أعدائـــها سواء حــــركة «طــــالبان» الأفغــــانية، أو نظام صدام حسين العراقي.

وقال مدير «المركز الدولي للدراســـات المستــــقبلية والاســـــتراتيجية» اللــــواء أحمـــــد فخـــــر: «أن إيران أصبحت ظاهرة لا يــــحمل مشــــروعها الشفـــــافية المناسبة للتعامل معها، وتضاربت المواقف والتحــــــليلات ما بين داعم ومنتقد ومتشكك ما لا يتيـــح الضـــــوء الكـــــــافي لرســـم خطوات التعامل معها.»

وأضاف: «ان هناك تضاربا في الآراء بين الباحثين حول إيران فهناك من يقول ان إيران معجزة، وآخرون يتحدثون بأن إيران آيلة للسقوط.

ومن هنا كانت أهمية وجود تقرير استراتيجي حول إيران للعام 2007 والذي تم إعداده بواسطة فريق عمل متكامل ومتخصص في الدراسات الإيرانية».

وقال رئيس وحدة دراسات الأمن الإقليمي وثقافة السلام بـ «مركز الدراسات السياسية» بالأهرام الدكتور محمد عبد السلام: «إن حكومة إيران الحالية تفكر في أمن الخارج أكثر من الداخل» .

وأشــــار إلى أن هناك انتقادات وجهت إلى الرئــــــيس الإيــــراني أحـــــمدي نجاد بهذا الشأن، فهو يبدو في أزمة الملف النووي الإيـــــرانـــــي وكأنه يخوض معركة عالمية، فالخطاب الإيراني يركز على أن هناك مشكلة مع الغرب، لكن نمط التصويت في «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» وفي مجلس الأمن يشير إلى غير ذلك، حتى ان روسيا والصين لديهما تحفظات على استمرار إيران في تخـصيب اليورانيـــوم، والدول العربية المجاورة لديها التحفظات نفسها.

وأوضح عبد السلام أن إيران ترى أن مسؤولية أمن الخليج يجب أن تكون خليجية، وما تعرضه هو أن يتم إبعاد القوى الدولية الأجنبية الموجودة عسكريا في المنطقة، على أن يتم التفاهم حول توقيع اتفاقيات لعدم الاعتداء بين إيران ودول الخليج العربية، ويتم دفع تلك الدول للتفكير في هذه التصورات عبر زيارات واتصالات وتهديدات مستمرة.

وأضاف: «ان هذا الأسلوب أثار حالة من الشك في النوايا الإيرانية التي يبدو أنها تتعلق بطموحات هيمنة وليس تطمينات أمنية، فقد سبق لصدام حسين أن عرض عقد اتفاق عدم اعتداء مع إحدى الدول الخليجية قبل أن يجتاح الكويت».

وأشار إلى أن الأكاديميين في الخليج يرون أن ما تطرحه إيران لا يمت لفكرة ترتيبات الأمن الإقليمي بصلة، فأفكار إيران ليست تعاونية وإنما دفاعية، وكأنها تريد أن تستبدل التحالفات الدفاعية الدولية بتحالف دفاعي إقليمي، يعني حده الأدنى أنها توجه رسالة لدول الخليج مفادها إننا لن نعتدي على الضفة الأخرى في الخليج إذا تم إخراج هؤلاء من المنطقة. أما التحالف فيعني في حده الأقصى، كما يقول الدكتور عبد السلام، اننا يجب أن نشكل حلفاً دفاعياً أو أمنياً خليجياً ضد الغرب، وتابع: «وهي مسألة غير مقبولة من جانب دول الخليج».

وفي ما يتعلق بنتائج انتخابات مجلس الخبراء في إيران ودلالاتها قال أستاذ الدراسات الإيرانية بجامعة عين شمس الدكتور محمد السعيد عبد المؤمن إن الانتخابات الإيرانية سواء في مجلس الخبراء، أو المجالس المحلية لا تؤثر على مسيرة النظام الثوري الحاكم، ولن تؤدي إلى أي تغيير في إيران.

وأضاف: «إن نجاح هاشمي رفسنجاني في انتخابات مجلس الخبراء ليس مؤشرا ولا اختبارا

لشعبية رئيس الجمهورية أحمدي نجاد لمجرد أن رفسنجاني كان ينافسه في انتخابات الرئاسة، فليست هناك علاقة مباشرة تربط الوظيفتين، فرفسنجاني لم يهزم أحمدي نجاد، لأنه احتل المركز الأول، واحتل مصباح يزدي أستاذ أحمدي نجاد المركز السادس، وقد اختاره الشعب في صدارة مجلس الخبراء تعبيراً عن أن المنافسة لا تعني الطرد والإبعاد، وأنه يمكن الاستفادة بخبرات المتنافسين معا».

وأوضح أن نتائج الانتخابات أسفرت عن استمرار وجوه الثورة من الحرس القديم للنظام في مجلس الخبراء، مع دخول عناصر جديدة إلى هذا المجلس.

وقال: «لا شك أن سيطرة الوجوه القديمة على مجلس الخبراء إشارة إلى أن الضغوط الداخلية والخارجية تجعل الشعب الإيراني يلتمس الملاذ في الوجوه التي ألفها وتعامل معها أكثر من الاعتماد على الوجوه الجديدة التي لم يختبرها بعد، خاصة في مجلس يقرر مصير النظام».

وعن انعكاسات الملف النووي الإيراني على الأمن القومي في إيران، قال خبير الطاقة النووية المصري الدكتور محمود بركات: «إن وراء الدوافع الإيرانية لامتلاك المعرفة النووية المتكاملة، وعلى رأسها تكنولوجيا التخصيب، رغبتها في حماية فعالية برنامجها النووي، بعد استكماله وإخراجه من دائرة المحتكرين ومحترفي الضغط السياسي والاقتصادي على الشعوب».

وأشار إلى أن الأنشطة الإيرانية حتى الآن تجري في المجال السلمي بشكل جيد ولا أدلة موثقة على سعي طهران إلى امتلاك السلاح النووي.

وطالب إيران بوصفها دولة شرق أوسطية أن تواصل إجراءات بناء الثقة مع دول المنطقة بترسيخ الطابع السلمي لبرنامجها النووي، وفتح جسور الحوار مع الدول العربية المجاورة لها لأنها هي التي تتوجس من تعرضها لاحتمالات التلوث الإشعاعي الإيراني.

وقال بركات: «إلى أن تظهر دلائل صادقة محددة وثابتة ومقنعة عن أي توجهات سلبية للمشروع النووي الإيراني، يجب احترام أماني ورغبات الشعوب وتوجهاتها طالما تبحث عن الرقي والتقدم الاقتصادي والسلام الاجتماعي في إطار من التعاون الإقليمي».

وأوضح بركات أن هناك بعض الدول من خارج المنطقة تعمل على تضخيم مخاطر النظام الإيراني واستعداء الدول عليه، خصوصاً الدول العربية لتحقيق الظروف الملائمة لكي تتمكن تلك الدول من توجيه ضربة عسكرية لإيران، لإجهاض دورها في المنطقة الموجه ضد تسلط إسرائيل ورائدتها الولايات المتحدة.

ويرى الدكتور بركات أن الأمن القومي العربي يكتمل بالأمن القومي الإيراني، مطالبا بالتغلب على المصاعب التي تجتاح العلاقات العربية - الإيرانية.