رأى في ندوة «مناقشة الوضع الراهن» أن المجلس يملك صلاحية الحكم على «المساءلة»
المقاطع: إجراء صحيح... التصويت على دستورية محاور الاستجواب
1 يناير 1970
11:49 م
| كتب باسم عبدالرحمن |
طالب الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي بضرورة اعادة النظر في مسألة تصويت الحكومة على تأجيل الاستجوابات والشطب «لأن الحكومة بدورها متضامنة مع وزيرها المستجوب مع ملاحظة ان مبدأ تقليل آثار عضوية الحكومة معترف به في الدستور حيث لا يمكنها عضوية اللجان او رئاسة مكتب المجلس».
وقال الفيلي خلال ندوة «مناقشة الوضع الراهن من الناحية الدستورية والسياسية» التي اقامها الوزير السابق والنائب السابق احمد المليفي في ديوانه بمنطقة مشرف مساء اول من امس «ان التوجس الحكومي تجاه اي استجواب منبعه اما الربط التقليدي بين الاستجواب وطرح الثقة وهو ما نندفع إليه من دون تفكير، لأنه ليس بالضرورة أن يؤدي الاستجواب إلى طرح الثقة، كما ان وجود الصوت الواحد يعني أن الاستجواب المبني على ائتلاف هدفه تحريك المسؤولية السياسية لم يعد ذا اهمية كبيرة، علاوة على انه لا يستقيم اي عمل ديموقراطي من دون وزير يبين ماذا فعلت الحكومة ولماذا فعلت؟».
وأوضح ان «النظام في الكويت برلماني به ادوات رقابية وان كان به نظام خاص للمسؤولية السياسية لرئيس الوزراء ويصعب المسؤولية السياسية للوزراء»ن مضيفا أن «بعض ادوات الرقابة تنقسم الى قسمين الاول مقررة وفق الدستور للنائب كونه عضوا بمجلس الامة وهو السؤال والاستجواب والقسم الثاني مقررة للمجلس كمؤسسة كتشكيل لجان التحقيق، والدستور واللائحة الداخلية يحددان شروط استخدام الادوات الرقابية».
وبين ان «اللائحة لا توجد بها آلية لمراجعة الشروط في الاستجوابات وهو ما يتسبب في ان تظهر الاجتهادات كالذهاب إلى المحكمة الدستورية لطلب التفسير وهو أمر غير مجد بالمرة لأنها محكمة تختص بتفسير الدستور دون اللائحة وينتج عنها قرار تفسير لاحكام تفسير تبنى عليها اثار، او الاحالة للجنة داخل البرلمان اعتبارا من عام 2001 واستعانة اللجنة التشريعية بالمختصين».
ولفت الفيلي الى ان «المجلس صوت على حذف اجزاء من استجواب وزير البلدية السابق فاضل صفر تطور في استجواب النائب رياض العدساني لرئيس الوزراء، ما يبين ان الاجتهادات تحولت الى تطورات مقلقة حيث ان الاداة المقررة للنائب اصبحت تحت رحمة الغالبية وهو ما يؤدي في بعض الاحيان لشطب الاستجواب».
وذكر ان «الامر يحتاج الى اعادة تنظيم بعد ما حدث في استجواب رئيس الوزراء والحل اما بتعديل اللائحة الداخلية لمجلس الامة وفق المادة 117 من الدستور او تقنين فكرة اللجنة المختصة بوضع ضوابط حتى لا تكون الاحالة للمحكمة الدستورية كبوابة للتأجيل إلا بناء على طلب مسبب والا تتكرر الطلبات او ان يتم اعطاء الاختصاص لجهة قضائية وهو امر يجب توخي الحيطة فيه حتى لا يتحول القضاء لورقة في صراع سياسي».
وشدد على ان «السؤال الذي طرح على المحكمة الدستورية بخصوص استجواب رئيس الوزراء في السابق لم يكن كافيا واليوم التصور المطروح لدور رئيس الوزراء في العملية السياسية يتعارض مع مفهوم النظام البرلماني ويسيء له لأنه يحدد وجوده في رئاسة مجلس الوزراء بينما برنامج عمل الحكومة يضع الرئيس شخصية غاية في الاهمية في النظام البرلماني وجوده وجود للوزراء واستقالته استقالة لهم بالرغم من انه احد المفاتيح المهمة في النظام الدستوري».
من جهته، اشار الخبير الدستوري الدكتور محمد المقاطع الى عدم الحاجة إلى أي تعديلات دستورية موضحا أن الإشكالية تكمن في النصوص الدستورية نفسها لاسيما وانه ليس في تعديل الدستور عصا سحرية كما يعتقد البعض لتغير الوضع الذي نعيش فيه»، مؤكدا في الوقت ذاته ان «الدستور الكويتي بنصوصه الحالية يسمح بأن نأخذ بالنظام البرلماني المتكامل».
وأضاف: وفقا للتكوين القائم للدستور ومواده المختلفه يمكن أن يكون رئيس الوزراء من غالبية برلمانية تتفق من خلال ما تراه لرئاسة الوزراء ويترك الأمر في ظل مبدأ المشاورات الذي يشير إليها الدستور بالتوافق مع سمو الأمير».
وزاد: ان هذا الأمر قد زاد النقاش حوله خلال الفترة الماضية وكأن الدستور يمنع ترشيح رئيس الوزراء من الغالبية النيابية، كما أن الدستور الكويتي في تفسيري الشخصي لا يرى أن رئيس الوزراء يجب أن يكون من الأسرة الحاكمة، وبالتالي لسنا بحاجة إلى تعديل الدستور حتى يأتينا رئيس وزراء شعبي».
وقال المقاطع «نحن نحتاج إلى التغيير في الممارسة السياسية القائمة في ظل النظام البرلماني الذي يقوم على فكرة رئيسية وهي فكرة تداول السلطة بالمفهوم البرلماني ورئيس الوزراء وليس في رئيس الدولة، واليوم على سبيل المثال نجد في بريطانيا ان هناك تداولا للسلطة لرئيس الوزراء في حين أن منصب الملك ثابت»، موضحا أنه «يجب طرح هذه الفكرة بصورة هادئة حتى نصل إلى التغيير، ونحن في الكويت لدينا مجموعة من الاشكاليات التي ولدت وضعا غير مستقر، ومنها النظام الانتخابي الذي كرس الانتماءات الفئوية والطائفية والقبلية».
وبين أن الوضع مع الصوت الواحد أصبح تشتتا في الفئة والقبيلة والعائلة الواحدة ومن هذا المنطلق نجد أن النظام البرلماني الفاسد لا يمكن أن ينتج وضعا سياسيا صحيحا، والأخطر هو قضية التجاذب السياسي الذي يقوم بصورة محتدمة بين أبناء الأسرة الحاكمة حيث يسعى البعض إلى إخلاء الساحة من أقرانه حتى يقفز إلى مناصب متقدمة من خلال تجييش أعضاء مجلس الأمة لصالحه ضد الأخرين وهو يمثل الصراع للفوز بالمراكز الأمامية دون وجود حسم لهذا الامر، وفي ظل وجود هذا الصراع فسيستمر التوتر حتى إذا تم تعديل النظام الانتخابي للافضل».
وعن الاستجوابات، قال المقاطع «إنها احتوت على ممارسات خاطئة وأخرى صحيحة، وفي تقديري الشخصي لما حدث من التعامل مع استجواب الوزراء الأخير بأن يتولى مجلس الأمة التصويت على محاور الاستجواب من حيث دستوريتها من عدمه تعاملا دستوريا صحيحا لأن المجلس يملك الصلاحية في الحكم على الاستجواب».
وذكر انه «تجب مناقشة الاستجواب من حيث الدستورية من عدمها قبل صعود الوزير المعني إلى المنصة والدستور يعطي الوزير الحق في مراجعة دستورية السؤال أو الاستجواب المقدم ضده، ويمكن استبعاده إذا تأكدنا من عدم دستوريته، ما يعني أن الممارسة الدستورية في الاستجواب الأخيرة كانت صحيحة».
من جهته، اكد استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور شفيق الغبرا ان الكويت اصبحت في حاجة الى اعادة النظر في مسألة تعديل الدستور الان او اليوم او غدا لحل الاشكال السياسي الدائم، مشيرا إلى ان «البرلمان يجب ان يتشكل من النواب فقط حتى يكون هناك استقلال بين السلطات دون تداخل وعلى الجميع ان يعيد ترتيبه ويجهز نفسه لـ10 سنوات مقبلة من خلال الاحتماء بالشعب والدستور وخلق اجماع وطني وخارطة طريق لبنية دولة بحاجة إلى انطلاقة جديدة تعمل بآلية العصر الحالي لا بعقلية 62 حتى يكون هناك مشروع وطن قادر على استيعاب كل شرائح الشعب وفئاته. وتابع: ان الكويت امام استحقاق إصلاحي وسؤال الاصلاح هو السؤال الرئيسي وهو لا يعني الاصلاح دفعة واحدة في يوم واحد بل يجب ان يتحول الى هم لدى كل فئات المجتمع بكافة انتماءاتهم وتوجهاتهم لأنه بلا اصلاح فهناك مخاطر مستقبلية، لافتا الى ان هناك حاجة الى صيغة اصلاحية تكون مرضية للجميع بما فيها الاسرة الحاكمة». واضاف: ان دستور 62 قدم الكثير من المسائل والقيم والحقوق نسبة لهذا الزمن ولعدة اجيال بعد استقلال الكويت قبل ان تطرأ عليها تغيرات كبيرة في التعليم والتطورات الديموغرافية في المجتمع على مدى 30 او 40 سنة مضت ما يحتاج النظر بعمق لها لاعادة تركيب الحياة السياسية بما يستوعب هذه التغييرات لا تأجيله حتى لا يأتي كالطوفان دفعة واحدة.
واعتبر الغبرا ان الجيل الحالي يمثل نتاجا للتغيرات السابقة يمثل حالة من كسر القيود ويعتبر 70 في المئة من السكان بينما الدولة تستخدم اساليب ربما مناسبة لمرحلة تعود بنا للوراء 40 سنة مضت بدأت تفقد الزخم مع القضايا المستجدة وهو ما يحتاج الى اعادة التفكير في هذه الابعاد.
ولفت الى انه حتى نقوم بتغيير الطريقة في التعامل مع الجيل الجديد لابد من مراجعة الشكل او الصيغة الذي يأتي بمجلس الامة ورئيس الوزراء والوزراء وما اذا كانت مناسبة لعام 2020 من عدمه، محذرا من استخدام الامكانات المالية في تغطية المشكلات بدلا من بناء البلاد وتطويرها لأنه يصرف من استثمارات الاجيال القادمة.
وذكر أن المجلس الذي كان ينتخب بـ4 اصوات ثم بصوت لا يمكن ان يكون مؤثرا على الحكومة وليس له سهم او صوت فيها كما هو المتبع في كثير من انظمة العالم البرلمانية وهو ما لا يجعل رئيس الوزراء قادرا على تغطية نفسه بالغالبية في لحظة تاريخية معينة، حيث يأتي مجلس ثم تنقطع الكهرباء ويأتي مجلس اخر ويحول المجلس الى دور نقدي لا دور مسؤول من خلال صراع حزبي بين برامج سياسية تفرز شخصيات منتخبة قادرة على الاسهام في بناء الدولة. اخيرا، شدد وزير التربية والتعليم النائب السابق أحمد المليفي على اهمية تسليط الضوء على الواقع المؤلم الذي تعيشه الكويت، برغم تغيير النظام الانتخابي والأشخاص لتبقى الازمات مستمرة ومتجددة وهو واقع يحزننا في بلد مثل الكويت التي يمكن أن تعيش بوضع أفضل بكثير مما هي عليه الآن.
وقال المليفي انه يجب أن نحدد المشاكل التي نعيشها حتى نخرج من رحم الأزمات التي نعيشها، إلى رحاب واسع يستطيع أن يعيش فيها الوطن والمواطن برفاهية، فالمشكلة الحالية في البلد في النفوس وليست في النصوص وهذا يلزم الدعوة إلى حوار منطقي حتى يظهر ديموقراطيتنا بوجهها الجميل الذي كنا نراه في السابق. واكد: اننا لسنا بحاجة إلى التغيير بل إلى تمرد على هذا الواقع والفكر الذي يقود مؤسسات الدولة، واليوم نحن بحاجة إلى الجرأة في تغيير التفكير في هذا الواقع الذي لن يكون صالحا لإدارة الدولة وتحقيق مستقبل نطمح من خلاله إلى أن يكون الوطن مساحة واسعة للجميع يعيشون من خلاله برفاهية وعدالة، وهذه الرسالة يجب أن تصل إلى الحكومة والبرلمان والتيارات في البلد.