محمد جوهر حيات / سوالف / التبرعات المليارية في وطن الرجعية!

1 يناير 1970 07:19 ص
| محمد جوهر حيات |

لم يسبق انتشار حالة عدم الرضا في المجتمع الكويتي كما هو حاصل ومتوافر الآن، فالكل غير راضٍ عن حال البلاد في كافة المجالات من معارضة وموالاة ومن مواطن منتج ومثمر ومواطن سلبي مُدمر!، الكل ينتقد الكل وسعة الصدر تضيق يوماً بعد الآخر، فقدنا لذة الاختلاف ونعمة التباين وقبول الآخر والتحاور العقلاني القائم على الحكمة والروية في ظل وجود سلطة تنفيذية فقدت نعمة (الإحساس) وسلطة تشريعية قائمة على العاطفة السياسية وليدة الطائفية والعنصرية والقبلية من قبل شعب يقول عكس ما يفعل، مُلطخ بمرض المجاملات على حساب وطنه ومستقبل أبنائه!

سلطة تشريعية ذات ثقافة سطحية جزء منها يكافح من أجل بقاء كُرسي العائلة والمذهب والقبيلة ولا عزاء للمواطنة والوطن، وجزء يستثمر من قبل كُرسي الأمة ليُعمر بيته على حساب تدمير بيوت الآخرين وجزء آخر يُدغدغ مشاعر المواطنين عبر قوانين لا تنموية عاطفية مُخدرة وقتية لا نفعية تساهم على إعادة انتخابهم لتدمير الوطن عاماً بعد عام! والمصيبة أن من يوصل هؤلاء المشرعين هو الشعب الذي يتذمر من سلبياتهم الرقابية والتشريعية، بالفعل دائرة لا دواء لها!

أما السلطة التنفيذية فلا لون ولا طعم ولا رائحة إنجاز لها ما دامت بعيدة عن مقومات الإنجاز والنجاح والفلاح، فأصبحت سلطة لا تهاب مصدرها وهو (الشعب) بفضل الشعب نفسه الذي اختار من يسحق ويقتل الرقابة الشعبية تجاه السلطة التنفيذية التي (يتحلطم) عليها المواطن ليلاً ونهاراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي! حتى وصلت بنا الحال إلى التراجع في كافة الميادين المختلفة في ظل وفرة مالية رُسخت للمنح المليارية عبر القارات!

غريب أمر كويتنا تُريد أن يكون لها دور ريادي إقليمي عبر (الدينار) وهي متراجعة ومتهالكة ومتضعضعة البنية التحتية والخدمات الأولية، ومغلقة اقتصادياً، وغير مستقرة سياسياً، ومنحدرة رياضياً، ومنعدمة ثقافياً ومسرحياً وأدبياً، وغارقة بيروقراطياً!

لسنا ضد المنح المليارية إن كانت تساهم في نهضة السياسة الخارجية والمصلحة الأمنية والاقتصادية للوطن ولكن ليس على حساب تنمية الوطن والمواطن الذي فقد الثقة في سُلطاته بسبب إهمالها وعدم مبالاتها!

كفى تجاهلاً يا سُلطتين وكفى مجاملة يا مواطن وكفى تناقضات وشقلبات يا قوى سياسية ويا ساسة فقد مللنا تغيير وتناقض مواقفكم السياسية التي تتغير مع تغيير مواقعكم من السلطة! كفى تبديداً للمال العام وكفى تبرعات مليارية في ظل هذه الرجعية التي أهلكت وطناً وشوهت وجهه المشرق الذي أشرقهُ الآباء والأجداد بفضل أفعاله المشرقة والمشرفة! متى يُنعم الله على مسؤولي الوطن والشعب نعمة الإحساس فالإحساس نعمة يا بشر!

فلن تنهض الأوطان بالفساد ولن تنُجز السلطات بالتمني والعواطف ولن تتقدم البلدان عبر الشعوب التي تقول ما لا تفعل وتنتقد دون ترجمة نقدها إلى واقع عمل تجاه كل ماهو فاسد ولن تنصلح الحال عبر المؤتمرات والإعلام ولن نُعمر الأوطان الأخرى دون أن نُعمر وطننا وبيتنا أولاً ففاقدُ الشيء لا يُعطيه!



[email protected]

Twitter : @m_joharhayat