... قبل سنوات مضت ? ذكرت عبر مداخلة على تلفزيون «الراي» بأن الخلل الذي تعاني منه الكويت لا يتعدى محيط الأنفس.... فكل قضية تطرح تتم معالجتها خلال حالة معنوية مضطربة : كيف؟
مضطربة لأنها هجرت محيط الأعراف والقيم الاجتماعية السليمة وتركت ثقافتها مستقاة من العوامل النفسية وهي حالة في غاية الخطورة!
انظروا إلى معالجة القضايا العالقة التي تهم المواطن البسيط؟ تبحروا في جذورها وتمعنوا في تسلسل الأحداث التي تواكب كل قضية على حدة! ستجدون المجريات كما هي مع اختلاف العامل الزمني وثبات القائمين أو اللاعبين الأساسيين في مجمل خيوطها!
يعتقد البعض إنه خالد مخلد... يرسم ما توحي إليه نفسه والنفس أمارة بالسوء، والذي ساعد في تقوقعنا في دائرة الأنفس وإفرازاتها رغم أن النصوص ثابتة إننا أصبنا بحالة العدوى، وشيئا فشيئا أصبحنا متعلقين في خيوطها لا شعوريا، والمشكلة إننا لا نجد من يعيرها الاهتمام الكافي!
قد تعالج الحوكمة ومسطرة القانون بعض الانحرافات النفسية لكنها لا تمنحنا العلاج الناجع... إنها أشبه بالمسكنات التي يتلقاها المريض... إنها لا تداوي العلة الباطنية!
هناك أخطاء نستطيع إلتماس العذر لمرتكبيها لكن في المقابل نجد أخطاء تؤثر على تنمية مواردنا البشرية والمالية وهي «سقطات» تستحق الوقوف على مسبباتها ومحاسبة المتسبب فيها! وتأخر المحاسبة يؤدي إلى وقوف عجلة التنمية بشقيها البشري والمالي.
كنت أظن بأن ثقافتنا قد تطورت مع ازدياد عدد الخريجين إلا أن الواقع أسقطني أرضا وبالضربة القاضية بعد أن أحاطت ممارساتنا السياسية كثرة لاستجوابات وملأ ساحتنا الاجتماعية العديد من التصريحات غير السوية!
إنه فساد نفسي لم يسبقه ولن يتبعه فساد آخر أكثر فتكا منه... فالأنفس عندما تقود المشهد أي كان نوعه لا يمكن كبح جماحها لأنها كما ذكرنا أعلاه أمارة بالسوء ولذلك أعتقد بأن الكويت أحوج إلى معالجة آنية لإفرازات الأنفس ومن يظن أنه خالد مخلد فتستدعي الضرورة إلى إقصائه عن دائرة إتخاذ القرار المؤسسي والاجتماعي!
ما بال شعوب سبقتنا... أين هم الآن؟
لقد انساقوا وراء هوى الأنفس وتركهم التاريخ في خانة الماضي وهم عبرة لمن يعتبر!
حتى في العلم الحديث? ذكر بعض الباحثين فائدة حالة «الفوضى» بمصطلح غربي معروف عنه بـ «Chaos State» وعادة لا تستمر الحالة لأكثر من ستة أشهر على أبعد تقدير وإن تركت إلى أجل غير مسمى فهي تكون عندئذ مدمرة!
وعليه? أرى إن الوقت قد حان لمعالجة الأنفس من خلال مبادرات لرجال دولة عقلاء حكماء يهمهم حاضر ومستقبل البلد وصيانة مكوناته اجتماعيا ? سياسيا? وقياديا! مبادرة الأنفس التقية النزيهة الحريصة على سلامة الوطن وكل أطيافه هي المطلوبة لأن التداعيات تؤكد بما لا يترك لنا مجالاً للشك أن كل ما نعانيه هو محصلة طبيعية لإفرازات الأنفس... والله المستعان؟
د. تركي العازمي
[email protected] Twitter : @Terki_ALazmi