كمال علي الخرس / كلمة صدق / حُسين الكرامة

1 يناير 1970 06:28 ص
ما أصعب أن يحاول أي كاتب أن يتحدث عن كربلاء وعن الحسين وعن عاشوراء، ارض هي عروس الشهادة، وإمام شهيد تعانق هامته المخضبة السماء، ويوم لا كمثله يوم يفوح بعطر دماء الشهداء.

قوافل الثائرين عبر التاريخ من جميع الملل والنحل لا يختتم احدهم مسيرة حياته الثورية إلا مع كلمات الإشادة والفخر والإعجاب بجوهرة تيجان الثوار عبر الزمان.

الحسين ينبوع ثورات الكرامة وملهم قادتها، فهو الثائر الذي يحمل اخلاقا لا تقبل الانحناء للطغاة والظلمة، اخلاق ثائر لا يقبل حياة الذل والانكسار، اخلاق من يبكي ساعة لبكاء الاطفال وفي ساعة أخرى يكون كالليث الغضبان يخوض الغمار، نعم هو ملهمهم وهم يرون الرحمة والشجاعة والكرامة والنُبل، كل هذه السجايا تتزاحم في شخصية الحسين.

أجواء كربلاء لم تكن اجواء معارضة مترفة، بل كان الجو ارهابيا طاغيا، فكربلاء ثورة ضد بطش سلطات ظالمة، وهي ثورة ضد تزلف ونفاق وعّاظ السلاطين، وهي ثورة ضد اعواد المنابر التي ارادت ان تُضلل الناس وتحرف الخطاب المحمدي عن مقصده.

انهم ارادوا قتل الحسين اكثر من مرة، ارادوا قتله عندما قتلوا فلذة كبده علي الأكبر وقد رآه وهو في ريعان شبابه تمزقه السيوف، علي الأكبر الذي قالوا فيه انه كان الأشبه لجده الرسول الكريم خَلقا وخُلقا ومنطقا.

ارادوا قتل الحسين عندما قطعوا كفي العباس المعروف بقمر العشيرة وأصابوا قربته بالسهام فأهرق الماء منها وأكباد أهل النبوة يحرقها العطش.

ارادوا قتل الحسين وقتل المبادئ الإنسانية معه عندما أنبتوا سهما في عنق طفله الرضيع وهو يستسقي له القوم شربة ماء، فسَقوه بدل الماء الردى.

لكن رغم ذلك عاش الحسين خالدا أبَدَ الدهور متألقا في سماء العلو والرفعة، وقد سطر بدمائه الطاهرة أعظم ملحمة تضحية وفداء وكرامة مرت على الدهر.





كمال علي الخرس

[email protected]