عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / «التربية» و«الصحة»

1 يناير 1970 01:29 م
| عبدالعزيز صباح الفضلي |

من أهم الوزارات التي ينبغي للدولة أن تولي لها اهتماما خاصا هي وزارتا التربية والصحة، فالأولى عنايتها بالعقول والثانية بأرواح الناس. وكل من يتابع أوضاع هاتين الوزارتين يعتصره الألم ويصاب بالإحباط وتتملكه الحسرة.

وسنضرب مثالين للدلالة على ما نقول، ففي وزارة التربية هل يمكن لعاقل أن يتخيل أنه وبعد مرور أكثر من شهرين على بداية العام الدراسي وإلى الآن لم يتم الاعتماد النهائي لوثيقة المرحلة الثانوية والابتدائية. إلى ساعة كتابة المقال والمدارس في حيرة من أمرها ومعهم التواجيه الفنية للمواد، ففي المرحلة الثانوية هناك تفاوت بين المدارس في إجراء الاختبارات القصيرة للفترة الأولى، فالبعض أجراها وآخرون لم يفعلوا على اعتبار أن الوثيقة لم تعتمد رسميا، في مادة القرآن الكريم على سبيل المثال وربما في مواد أخرى هناك حيرة هل تكون درجة اختبار الفترة الأولى من أربعة درجات كما هي عليه العام الماضي أم من عشرين درجة بحسب التعديل الجديد الذي لم يتم اعتماده إلى الآن بصورة رسمية!

للأسف أنه غالبا ومع كل وزير تربية يتولى إدارتها نجد تجارب جديدة وعلى حساب التلاميذ والعملية التعليمية، ولعلنا نتذكر تجربة الوزير السابق وموضوع الفلاش ميموري والخسائر المالية التي تكبدتها الدولة على تجربة أثبتت فشلها، وقد رحل ولم يحاسبه أحد.

وهكذا يتعرض الطلاب لتجارب بحسب فكر كل وزير وسياسته، مع أنه في الدول التي تحترم نفسها وتؤمن بأهمية التعليم فإنها تضع مجلسا أعلى للتعليم يضع سياسات وأهداف هذه الوزارة، ويأتي الوزير ليطبقها ويُترك له هامش من الحرية في اختيار الآليات المناسبة، لكن واقعنا يشهد على نقيض ذلك، وفي اعتقادي أنه لن ينصلح حال الوزارة إلا مع وجود ذلك المجلس، على أن يتم اختيار أعضائه على أساس الكفاءة والخبرة لا الواسطة والمحاباة.

المثال الآخر وهو ما جرى في وزارة الصحة، عندما قام الوزير بنقل رئيسة قسم العناية المركزة الدكتورة كفاية عبدالملك من مركزها في مستشفى الأميري إلى مستشفى الأمراض السارية، على خلفية قرار فني رأت الدكتورة المصلحة في اتخاذه.

هذا الموضوع فجّر مشكلة حقيقية تعانيها وزارة الصحة وهي لا تقل عن بقية المآسي التي تعانيها الوزارة والتي بالفعل تعجز ليس البعارين عن حملها بل حتى ناقلات النفط وحاملات الطائرات.

من يزر معظم المستشفيات يرَ الأوضاع التعيسة من حيث الأخطاء الطبية وإهمال المرضى والتسيب عند الموظفين والتدخين في الممرات وفي العيادات وعند الأجنحة، ولو تزور وحدة العناية المركزة في مستشفى العدان على سبيل المثال لترى العجائب، فالدخول للمريض يتم بكل سهولة، دون إجراءات تعقيمية تُذكر، وكم انتقلت العدوى للمرضى بعد العمليات بسبب هذا الإهمال الواضح، وقس على ذلك بقية المستشفيات. مشكلة قرار الوزير بنقل الدكتورة الفاضلة أخذ حجما أكبر ليس لأن هناك طرفا طائفيا في الموضوع كما يريد البعض تصويره، وإنما لأن الحق فيه واضح والجرم كبير لما يحويه من تحطيم لكفاءات متميزة، ومحاولة لإرضاءات سياسية على حساب قيادات ناجحة، تحرص على خدمة الوطن وبكل إخلاص وبشهادة أهل الميدان، ولعل الوقفة التضامنية التي قام بها زملاؤها الأطباء وبقية الكادر الطبي في المستشفى الأميري مع زميلتهم هو خير شاهد على ذلك.

أقولها وبكل صراحة ما لم يتم اختيار وزراء ومسؤولين على درجة كبيرة من الكفاءة والخبرة، فإن الحال لن ينصلح ليس في وزارة الصحة فقط بل في عموم الوزارات، وما دام الاختيار يتم بناء على الولاءات وعلى حسابات سياسية، فلا طبنا ولا غدا الشر.

 

twitter :@abdulaziz2002