د. وليد التنيب / قبل الجراحة / الوقوف بالدور
1 يناير 1970
04:51 م
| بقلم الدكتور وليد التنيب |
هل أنت من عشاق احترام النظام وتتمنى معاقبة كل من يخالف النظام؟
أم أنك تحبّ تطبيق النظام، ولكن إن تجاوز أحدهم النظام فهذا أمر لا يعنيك و لا يؤثر بك؟!
أم أنت لا تحب تجاوز النظام، ولكن إن تطلّب الأمر أن تتجاوز النظام فلا بأس عندك... حتى إذا تكرر تجاوزك للقانون فهذا شيء عادي عندك؟!
أم أن تجاوز القانون هو الأساس عندك وغير ذلك نوع من العبط و الترف الأخلاقي الذي لا وجود له في قاموسك؟!
أم أنك من المتناقضين الذين يتجاوزون القانون وإن تخطى غيرهم القانون كانوا أول المنادين لعقابه و محاسبته؟!
أم أنك تتجاوز القانون إذا لاحظت عدم وجود حزم في تطبيقه وأن ليس هناك عقاب... وإذا لاحظت أن من يطبق القانون حازم، فإنك من أول الناس الذين يطبّقون القانون!
كان جاسم من المحبين لتطبيق القانون ومن أشد المنادين بمحاسبة كل من يتجاوز القانون... كان جاسم دائماً ما يردد أنه يتمنى لو أن باستطاعته معاقبة من يتجاوز القانون بيده... لكي يعاقب كل من تجاوز القانون وإن كان هو نفسه فليس لديه أي مانع أن يتحمل عقاب ما قام به.
لاحظ جاسم أن تجاوز الدور عند محاسب جمعية المنطقة التي يسكن فيها أصبح من الأمور المتكررة... وإن كان يعتقد أن من يقوم بهذا التجاوز من الناس المتكبرين ودائماً ما يكون الضحية لهذا المتكبر من الطبقة الكادحة من العمال أو الخدم... وإن هذا الشخص الذي يتجاوز القانون يبتعد عن الدور الذي به أشخاص من أهل البلد.
ملاحظة لاحظها جاسم ولم يستطع أن يجد لها تفسيراً غير الكبر (أو شايف نفسه عليهم)...
في يوم كان جاسم ذاهباً إلى إحدى المزارع الحدودية... واحتاج أن يشتري أغراضاً من الجمعية الموجودة هناك.
لاحظ جاسم أن كل من في الجمعية هم من الطبقة الكادحة من عمال المزارع أو عمال البناء.
بعد أن قام بشراء ما يريد، اتجه إلى المحاسب... وصدم من الواقع الذي لاحظه... لاحظ أن لا أحد يلتزم بالدور، والكل يتخطى الكل بكل عصبية وإن العمال الذين كان يتعاطف معهم في منطقته هم من يتجاوزون الدور، وأن المحاسب لا يملك أي سلطة لترتيب الدور، والكل بمعنى الكل غير ملتزم بالدور... وخُيّل له أنه لو التزم بالدور أو حاول أن يلتزم فإنه قد لا ينتهي.
فكّر جاسم بأن يترك الأغراض التي يرغب في شرائها ويخرج... ولكنه قرر أن يلتزم بالدور ويجعل الكل يشاهده وهو ملتزم ولا يتخطى أحداً...
بالفعل التزم بالدور... في البداية لاحظ المحاسب التزام جاسم، فطلب منه التقدم لكي يخلصه قبل الآخرين... لكن جاسم طلب منه بلطف أن يلتزم بالدور.
فعلاً لاحظ الجميع ما قام به جاسم فالتزموا بالدور... نعم، التزم الجميع بالدور وكانت علامات الرضى واضحة على وجوههم.
«لا تقول ماكو فايدة»... ابدأ أنت وستلاحظ أن الجميع سيتبعك... وثق تماماً أن الغالبية ترغب في تطبيق القانون وتحتاج إلى من يشجعها... فكن أنت هذا الشخص.