بروفايل / أول من طوّر الأغنية السعودية بنمط «الكوبليهات»

طلال مداح... قيثارة الشرق ورائد الحداثة

1 يناير 1970 07:03 ص
| إعداد - حسين خليل |

حفل الزمان الجميل بإبداعات عمالقة الفن والغناء في عالمنا العربي الى جانب نجوم العالم الغربي فقدموا الكثير خلال مسيرتهم التي كانت في بعض الأحيان مليئة بالمطبات والعثرات. منهم من رحل عن هذه الدنيا مخلفاً وراءه فنّه فقط، وآخرون ما زالوا ينبضون عطاء الى يومنا الحالي.

البعض من جيل اليوم نسي ابداعات هؤلاء العمالقة وتجاهلوا مسيرة حافلة من أعمال تركتها بصمة قوية، وفي المقابل يستذكر آخرون عطاءات نجوم الأمس من خلال الاستمتاع بأعمالهم الغنائية أو التمثيلية، وقراءة كل ما يخصّ حياتهم الفنية أو الشخصية.

وفي زاوية «بروفايل» نبحر في بحار هؤلاء النجوم ونتوقف معهم ابتداء من بداياتهم الى آخر مرحلة وصلوا اليها، متدرجين في أهم ما قدّموه من أعمال مازالت راسخة في مسيرة الفن... وفي بروفايل اليوم نستذكر أهم محطات الفنان الراحل طلال مداح:



• أدى اللهجات السورية واليمنية والسودانية والتونسية والمغربية والمصرية

• غنّى من ألحانه وردة وعبد الكريم عبد القادر والرويشد وعبادي الجوهر



المطرب والملحن الراحل طلال مداح... صاحب صوت مفعم بالدفء ليصل القلب سريعاً، ونبرات صوته في القرار جميلة، أطربته موسيقى بيتهوفن وأعجبته قصائد القصيبي وهو صاحب موهبة فذة، تميز بألحانه الأصيلة فلم يكن فناناً محلياً فقط، بل غنّى للعرب باللهجات اليمنية والسودانية والتونسية والمغربية والمصرية.

عرف طلال مداح بألقاب عديدة منها «الحنجرة الذهبية» و«قيثارة الشرق» و«صوت الأرض» و«زرياب» (أطلقه عليه الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب) و«أستاذ الجميع» أطلقه عليه فنان العرب محمد عبده. له تأثير هائل على الثقافة العربية في القرن الـ 20 وهو رائد الحداثة في الأغنية السعودية.

السيرة الذاتية

اسمه الحقيقي طلال بن عبد الشيخ بن أحمد بن جعفر الجابري، ولد في مكة بتاريخ 5 أغسطس 1940 تولى تربيته منذ ولادته زوج خالته علي مداح فسماه طلال مداح وسجل في حفيظة نفوسه وجواز سفره باسم طلال علي مداح. كان له صديق تربى معه منذ الصغر هو محمد رجب من هواة ترديد الأغاني المشهورة للموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب، فبدأ يلقن طلال تلك الأغاني المشهورة ليشاركه في ترديدها معه.

نقلة نوعية

كانت فترة الستينات مهمة في حياة طلال مداح، فغنّى خلالها أعمالاً من تلحين ملحنين كبار مثل الموسيقار طارق عبد الحكيم، والموسيقار غازي علي، والموسيقار سراج عمر، والموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب في أغنية «ماذا اقول»، وشكلت السبعينات فترة إشهار طلال مداح فنياً بتكوين الرباعي طلال مداح، بدر بن عبد المحسن، محمد العبد الله الفيصل، سراج عمر، وقام طلال مداح بالتلحين تارة وتارة سراج عمر، واما الغناء فكان لطلال فأدى العديد من النصوص التي كتبها الأمير بدر بن عبد المحسن والأمير محمد العبدالله الفيصل.

الأغاني القصيرة

في بداية الثمانينات اتجه طلال مداح لطرح الأغاني القصيرة مثل «أحبك كثر خطوات الثواني» و«زلزيني» و«بسكات» وغيرها، ولكن هذا لم يستمر طويلاً فقد ابتعد طلال مداح عن الساحة الفنية موقتاً وانتقل للعيش في مدينة «لندن» وكان يتنقل بينها وبين المغرب لمدة 4 سنوات، ولكنه عاد ليشدو منتصف الثمانينات وتحديدا في العام 1985 إلى المكان الذي شهد بزوغه الفني «مدينة الطائف» في افتتاح البطولة العربية وأطرب الحضور بمواله الرائع «زارنا في الظلام... يطلب سترا» وألهب الساحة بأغان رائعة مثل أغنية «العشق» من الحان رفيق دربه سراج عمر، كما قام بتقديم بعض من روائع الأغاني في تاريخ السعودية مثل «خلصت القصة» و«احرجتني»، ليحصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الثانية والذي منحه إياه الملك الراحل فهد بن عبد العزيز.

تجديد

تعد فترة التسعينات رحلة تجديد أغانيه القديمة في الستينات والسبعينات بتسجيل وتوزيع جديدين أو غنائها على آلة العود كجلسات مثل «بعد إيه ترسل كتاب، ظالم ولكن، الله يرد خطاك، ماعننا وعنك، لسه برضو«، كما قام بإصدار بعض الألبومات الجديدة مثل «أنا راجع أشوفك» و«ذهب» و«العطر» الذي عاد فيه للتعاون مع رفيق دربه القديم «سراج عمر»، كما رجع تعاون طلال مداح مع بعض الملحنين المصريين مثل الدكتور إبراهيم رأفت كان ذلك في البوم «لم يعنون»، كما أصدر ألبوما للعزف على العود بشكل منفرد وهو يعد أول فنان سعودي يخوض مثل هذا المجال.

«وردك يازارع الورد»

قدم طلال أغنية «وردك يازارع الورد» بأسلوب «الأغنية المكبلهة»، فقد جرت العادة قبلها عند المطربين السعوديين أن يلحنوا أي عمل بأسلوب ما يسمى بأغنية اللحن الواحد، ثم لحّن وغنّى طلال مداح الكثير من الأعمال المكبلهة منها «يالي الليالي مشوقة»، و«مجروح وان»، و«هو حبك»، و«غريبة»، و«مكتوب ومقدر (أسمر من البر)» وغيرها. كذلك خاض تجربة الأغنية الطويلة فغنّى بعض الأعمال منها رائعة «يا حبيب العمر» واغنية «تعالي» التي غناها في التسعينيات واغنية «خلصت القصة»، واغنية «أحرجتني»، و«أنا العاشق».

مع الموسيقار محمد عبد الوهاب

ومن أبرز الملحنين الكبار الذين تعاون معهم طلال مداح هو الراحل محمد عبد الوهاب وكان التعاون قد بدأ بأغنية «ماذا أقول؟» وكان هنالك عمل آخر هو «منك يا هاجر دائي» وهو العمل الذي لم يطرح رسميا حتى وفاة طلال مداح مع انه طرح في السوق مسجلاً بآلة العود في اواخر الثمانينات. كما تعاون طلال مداح مع الملحن محمد الموجي في أغنيتين وهما «لي طلب» و«ضايع في المحبة» وتعاون أيضا مع الملحن العبقري بليغ حمدي في أغنية «يا قمرنا» ومع الملحن الكبير إبراهيم رأفت في أغنيتي «غلاب يا هوى» و«عز اغترابي» ومع الملحن جمال سلامة في أغنية «يا حبيب العمر» والتي لم تطرح رسميا إلا بعد وفاة طلال.

تعاونات سعودية

تعاون طلال مداح مع العديد من الملحنين السعوديين مثل الفنان طارق عبد الحكيم في مجموعة من الأعمال من أهمها أغنية «عاش من شافك»، و«عند النقاء ويلاه» و«لمين ابشكي غرامك»، و«فات الأوان»، وأوبريت وطني بعنوان «أفديك يا وطني»، وأغنية «حايل بعد حيي». وكذلك تعاون مع الفنان الراحل عبد الله محمد في أعمال كثيرة منها على سبيل المثال «يا صاحبي» و«سويعات الأصيل». والفنان الراحل «فوزي محسون» في أعمال متعددة مثل «يالي جمالك جعلني باكي متالم» و«يا حبيبي.. يا حياتي» و«مين فتن بيني وبينك»، واغنية «كلام البارحة تغير»، والفنان عبادي الجوهر في اعمال قليلة مثل «طويلة يا دروب العاشقين» و«عضة الإبهام» ومع الدكتور عبد الرب إدريس في الأغنية الرائعة «أحرجتني» ومع العملاق أبو بكر سالم بلفقيه في مناسبات قليلة منها أغنية «ده اللي حصل من بعد» وهي من كلمات وألحان أبو بكر سالم. كما تعاون مع الملحن سامي إحسان في عدة أعمال من أبرزها «تكفيني انت» و«مرّت»، ومع الملحن محمد شفيق في أعمال عدة من أهمها «فاتر اللحظ» ومع طلال باغر في «أنا العاشق» وصالح الشهري في الأغنية الجميلة «ما أوعدك» وغيرهم كثير. وقبل ذلك بكثير مع سراج عمر وقد سبق الكلام عنه عند الكلام على طلال مداح في السبعينات.

أشهر الشعراء

غنّى طلال مداح من كلمات العديد من الشعراء، ومن أشهرهم عبد الله الفيصل 10 أغنيات، بدر بن عبد المحسن 64 أغنية، محمد العبد الله الفيصل 56 أغنية، خالد الفيصل 15 أغنية، إبراهيم خفاجي 8 أغنيات، عبد الرحمن بن سعود كشاعر 6 أغنيات، لطفي زيني كشاعر 8 أغنيات، فوزي محسون كشاعر 4 أغنيات، أبو بكر سالم كشاعر 4 أغنيات، فائق عبد الجليل 6 أغنية، خالد زارع 43 أغنية، فيصل الفقية 139 أغنية، ساري 10 أغنية، سعود شربتلي 6 إعمال، الدكتور سعود بن عبد الله 34 أغنية، عبد الكريم خزام السليماني 22 أغنية، اسعد عبد الكريم ومحمد احمد محمد عصابي في أغنية واحدة.

ألحان العرب

وغنّى من ألحان طلال مداح أيضا العديد من المطربين العرب: وردة الجزائرية، فايزة أحمد، هيام يونس، هالة هادي، سميرة سعيد، رجاء بلمليح، عبد الكريم عبد القادر، عبادي الجوهر، عادل مأمون، عتاب، رباب، راشد الماجد، عبد الله الرويشد، محمد المسباح وذكرى.

وفاته

في سنواته الأخيرة عانى طلال مداح من مشاكل في القلب وانسداد في صمامات القلب، وأجرى عملية قسطرة للقلب ونصحه الأطباء بالراحة المطلقة والابتعاد التام عن التدخين، ولكنه استمر في أداء الحفلات والغناء حتى توفي في 11 أغسطس العام 2000، إثر تعرضه لأزمة قلبية وهو على مسرح المفتاحة كان للتو بدأ يؤدي وصلته الغنائية بعد موجة تصفيق كبيرة استمرت خمس دقائق وكان قد سقط من على الكرسي وهو يتهيأ لأداء اغنية «الله يرد خطاك»، الذي كان يجلس عليه وتم نقله سريعا إلى المستشفى قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، وقد نقل جثمانه للصلاة عليه في المسجد الحرام بمكة المكرمة ودفن بمقابر المعلاة بمكة المكرمة وقد شيّعه أكثر من 100 ألف من محبيه ومعجبيه، كما حضر مراسم العزاء بمدينة جدة عدد كبير من رجالات الدولة وعدد كبير من الفنانين والصحافيين.