انوار مرزوق الجويسري / فواصل فكرية / كيف نرى الشِعر؟

1 يناير 1970 07:16 ص
| أنوار مرزوق الجويسري |

«أيها العابس لن تُعطى على التقطيب أُجره»، هكذا قالها إيليا أبو ماضي وأعطانا النتيجة النهائية للعبوس والتقطيب حيث الفائدة معدومة، وهكذا يتحدث الشعراء فيمنحوننا تلخيصاً للحياة أحياناً وتلخيصاً للأحداث أحياناً أخرى، أما في التعريف عن الأسباب والنتائج فهم الأمهر والأكثر براعة، ما جعلنا نحن المستمعين للشعر ننجذب له دون أن نشعر، ونتطلع دوماً للشاعر الذي يعبر عما لم نستطع التعبير عنه لعجزنا اللغوي ولقلة مهارتنا في الصياغة، فيأتي الشعر كنوع من أنواع البوح وإن لم يكن منسوباً لنا إلا أنه في الغالب منسوباً لإنسانيتنا.

نتساءل أحياناً كيف يتوغّل الشاعر في أعماق الحياة وتفاصيلها؟، وكيف يُعبّر عن شعور الفرد وعن مشاعر الشعوب؟، كيف يُخلّد الشعر الانتصارات والهزائم؟ ويخلّد معها مشاعر آنية ولحظية؟، وكيف يستطيع حمل التاريخ بين راحتيه؟، فقد قيل بأن لا حضارة بلا ثقافة والشعر أصل من أصول الثقافة التي تستمر بها حضارة الأمم، فلا نستغرب أن يلجأ الثائرون والغازون والمحاربون للشعر إما تعبيراً عن مكنونات الجماعة وإما إرهاباً للعدو، فهو عاملٌ مؤثرٌ في الحب والحرب معاً.

حينما واجهت الكويت أوقاتاً صعبة في الغزو الغاشم هبّ الشعراء للبوح عن مكنونات تلك الأرض الطيبة، وعندما اشتعل الغضب في ما سُمي بـ «مسيرة كرامة وطن» ظهر الشعراء المؤيدون تعبيراً عن غضب الآلاف، ولما انطلق شعر حسان بن ثابت دفاعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرضه أصبح دليلاً تاريخياً في الرد على من يطعن في عرضه صلى الله عليه وسلم، ولمّا أُنزلت سورة باسم «الشعراء» كانت تعالج ثقافة شعريةً خاطئة، فتبيّن بذلك صحيح الشعر عن سقيمه.

إن نفسية الشاعر وشخصيته يؤثران أيما تأثير على شعره، وقد تتعارض شخصياتنا بشخصيات كثير من الشعراء، وقد يكون الشعر زيادة في الهم أو تنغيصاً للفرح أحياناً، لذلك كان علينا أن نعرف شخصياتنا ونتعرف على الشعر الذي يناسبنا والشاعر الذي يعبّر عن أحلامنا وآلامنا دون أن يُؤذي نفوسنا.



@anwar1992m

[email protected]