د. وليد التنيب / قبل الجراحة / من أجل البلد
1 يناير 1970
04:42 م
هل لكثرة الانتقاد فائدة أكثر من التشجيع؟... وإن انتقدت أحداً، فهل من الصحيح أن تقارنه بأحد وتخبره بأن البقية أفضل منه؟!
هل الصحيح أن نكثر ونزيد من ذكر الإيجابيات ونحاول أن نثني عليها ونشجّع على عمل المزيد وعلى إتقان العمل؟!
كان جاسم ابناً لرجل مثقّف، وكان أبو جاسم حاصلاً على شهادة علمية يحسد عليها...
ولكن وضع جاسم وأحواله مع أبيه كانت متوترة ويشوبها التشاحن.
كان جاسم كلما عمل شيئاً - سواء أتقنه أم لم يتقنه... أجاده أم لم يجده - لا يلاقي من أبيه إلا الانتقاد، وفوق ذلك التذكير بأن ابن عمه أفضل منه.
يتذكر جاسم كيف أنه عندما زف لأبيه خبر نجاحه في الثانوية العامة وحصوله على معدل يؤهله لدخول أي كلية يرغب فيها... يتذكر رد فعل أبيه كيف أحبطه و قال له إن ابن عمه حصل على معدل أحسن منه... حاول جاسم أن يذكّر أباه أن باستطاعته الالتحاق بأي جامعة وأي كلية مثل ابن عمه... ولكن أباه رد عليه بصراخ عجيب مفاده أن ابن عمه نسبته أفضل.
يتذكر جاسم عندما تخرّج في كلية الطب... كيف أن أباه ذكّره بأن معدّل ابن عمه أفضل من معدّله... نعم، ذكّره بابن عمه بدلاً من أن يبارك له ويثني عليه.
حصل جاسم على شهادة بتخصص مطلوب جداً في البلد ويخدم البلد... وكان رأي أبيه أن ابن عمه أفضل منه، فقد حصل على تخصص نادر بالطب... رد جاسم على أبيه بأنه تخصص غير مطلوب وليس للبلد حاجة به... أيضاً كان رد أبو جاسم بالصراخ أنه تخصص نادر!
عمل جاسم في مستشفيات الحكومة وأبدع في العمل حتى أصبح الطبيب الأول بتخصصه... ولكن رأي أبيه أن ابن عمه أفضل، فقد عمل في الجامعة.
هنا سأل جاسم أباه «لماذا يا أبي لا ترى الإيجابيات، وتقارنني دائماً بابن عمي؟... إن هذه المقارنة بدأت تهدم عزيمتي وتقلل من جهدي وإبداعي في عملي»...
ضحك أبو جاسم وقال «لأن معظم الكتّاب عندنا ليس لديهم أي موضوع إلا مقارنة البلد بالبلاد المجاورة، وكأن ليس هناك أي شيء جميل في هذا البلد! هل فهمت أم تحتاج لمدرّس خصوصي؟!».