بعد عمر طويل في خدمة القرآن الكريم وطلبته وإقراء القراءات

صاحب أعلى الأسانيد بالقراءات العشر... يتوقف الشيخ محمد عبدالحميد الإسكندراني في ذمة الله

1 يناير 1970 11:00 ص
نعت هيئة القرآن الكريم والسنة النبوية وعلومهما شيخ قراء الاسكندرية وأعلى الأسانيد بقراءة القرآن الكريم ورواياته المتواترة فضيلة الشيخ محمد عبدالحميد عبدالله، وقال مدير عام الهيئة العامة للعناية بطباعة ونشر القرآن الكريم والسنة النبوية وعلومهما د. ياسر ابراهيم المزروعي ننعي للأمة الاسلامية ولقراء القرآن الكريم وقراءاته المتواترة العلامة الشيخ محمد عبدالحميد الاسكندراني صاحب أعلى الأسانيد بالقراءات العشر الكبرى ومن تربع على علو الاسناد مع أقرانه أكثر من ثلاثين سنة، وتفرد بالعلو بعد وفاة جميع أقرانه أكثر من عشر سنوات، رحمه الله تعالى، وبوفاته ينزل سند القراءات العشر من العلو الذي كان الى تلامذته ومن أخذوا عن أقرانه اذ يتراوح سنده الى النبي - - بست وعشرين واسطة بينما غيره بثلاثين واسطة الى النبي - -، وبوفاته يستوي علو القراءات العشر الكبرى بين المصريين والشوام، اذ أن علو القراءات العشر الكبرى مذ كان مازال المشايخ المصريون متصدرون له وبعد وفات آخرهم وهو العلامة الشيخ محمد عبدالحميد استوى الشوام والمصريين بسند القراءات العشر الكبرى فرحم الله الشيخ محمد عبدالحميد، وهذه لمحة من حياته رحمه الله.

هو محمد بن عبدالحميد بن عبدالله بن خليل المقرئ المجود شيخ الاسكندرية والمتفرد بعلو السند في القراءات العشر الكبرى بها وأحد القلائل الذين تدور عليهم أعلى أسانيد القرآن المتصلة بالنبي على وجه الأرض، فبينهما وبين الشيخ ابراهيم العبيدي - مجمع أسانيد مصر والشام - أربعة شيوخ بالاسناد المتصل.

ولد الشيخ في يوم الأربعاء 22 شوال 1344 هـ الموافق 5 مايو 1926 م بقرية النِّقِيْدِي مركز كوم حمادة بمديرية البحيرة بمصر، وكف بصره بعد مولده بسنتين، أكرمه الله بحفظ القرآن الكريم فأتمه وسنه عشر سنين، وعاونه في ذلك أبوه وعمه رحمهما الله، تزوج الشيخ عام 1955.

ولما بلغ عشرين عاما انتقل الى الاسكندرية وبدأ القراءة من عام 1947 م على شيخة الاسكندرية الشيخة نفيسة بنت أبي العلا بن أحمد بن محمد ضيف، فختم عليها القرآن أربع مرات بقراءة حفص عن عاصم، وقامت بتلقينه متون التجويد كتحفة الأطفال والمقدمة الجزرية ومتون القراءات كالشاطبية والدرة والطيبة فحفظها على يديها.

فقرأ عليها القراءات السبع من طريق الشاطبية افرادا، ثم شرع في ختمة ثانية للسبعة بالجمع فأتمها وأجازته الشيخة نفيسة بالسبع في 11 جمادى الثانية 1370 هـ وشهد على الاجازة شيخ الاسكندرية الشيخ محمد بن عبدالرحمن الخليجي العباسي في 11 رجب 1371 هـ، وقرأ على الشيخة نفيسة القراءات الثلاث المتممة للسبع من طريق الدرة وأتمها وأجازته في العشر الصغرى في يوم الخميس 25 جمادى الأولى 1372 هـ، وشهد عليها أيضا الشيخ الخليجي.

ثم شرع في قراءة العشر الكبرى بمضمن الطيبة فقرأ لنافع وابن كثير وأبي عمرو افرادا، وتوفيت الشيخة نفيسة عام 1954 م قبل أن يتم الطيبة عليها، فشرع في القراءة على شيخ الاسكندرية الشيخ / محمد بن عبدالرحمن بن محمد بن عمر بن سليمان الخليجي العباسي المقرئ الحنفي صاحب المؤلفات في القراءات نظما ونثرا، فجمع عليه للعشرة من طريق الطيبة وأتمها وكتب له اجازة بخطه في القراءات العشر الكبرى في يوم الأربعاء 28 ذو الحجة 1374 هـ الموافق 17 أغسطس 1955م.

وقرأ أيضا زيادة في التثبت والاتقان والتحرير على الشيخ محمد السيد علي شيخ مقرأة أبي العباس وأحد أقدم تلامذة شيخيه الخليجي ونفيسة.

وكان يتَّجِر بالدقيق وله دكان مشهور بغيط العنب بالاسكندرية، فقرأ عليه ختمة بالعشر الكبرى وتوفي عام 1974 م قبل أن يجيزه.

ولما افتتح معهد القراءات بالاسكندرية التحق به الشيخ عام 1981 م ونال اجازة حفص بعد عام واحد 1982 م ثم نال عالية القراءات عام 1984 م، ولم يكن قد افتتح بالمعهد قسم تخصص القراءات في ذلك الوقت.

عين عام 1952 م قبل الثورة بقليل مؤذنا بمسجد رمضان يوسف وبقي فيه تسعة عشر عاما، ثم نقل مؤذنا بمسجد سيدي جابر الشيخ عام 1971م، ثم عين قارئا للسورة به ثم مقيما للشعائر ثم شيخا لمقرأة سيدي جابر ثم شيخا لمقرأة أبي العباس المرسي.

تقدم لامتحان اذاعة الاسكندرية وعقدت لجنة الامتحان بالقاهرة وتقدم 48 قارئا نجح منهم اثنا عشر ثم صُفُّوا الى خمسة وكان الشيخ ترتيبه الأول.

في عام 1962 م أعلنت وزارة الأوقاف عن مسابقة لتسجيل القرآن الكريم برواية ورش عن نافع لدول المغرب العربي فتقدم الشيخ للاختبار، ونجح ستة قراء كان أولهم الشيخ، ولم يتم التسجيل لظروف حالت دون ذلك.

عام 1966م دخل اذاعة القاهرة وسجل فيها بعض التسجيلات وأذيعت كما أذاعت له أيضا اذاعة القرآن الكريم.

سافر الى الكويت عام 1963م، وسافر الى غزة عام 1964 م، 1966م، سافر عام 1420 هـ وفي عام 1421 لغاية 1424هـ الى الرياض بالسعودية، وقد التقيت به هناك وقرات عليه وحصلت لي منه الاجازة، ونفع الله به أهلها وأجاز بها نحو مائتي اجازة بعضها في العشر الكبرى والحمد لله على توفيقه. وقد تتلمذ عليه أناس لا يحصون كثرة من جميع البلدان بالقراءات السبع والعشر الصغرى والكبرى، وغيرها من الروايات والمفردات يأتونه بمكانه بالاسكندرية أو في الدول التي سافر اليها.

وفاته:

وبعد عمر طويل في طاعة الله وخدمة القرآن الكريم وطلبته واقراء القراءات المتواترة توفي يوم الأحد الأول من ذي الحجة 1434هـ رحمه الله رحمة واسعة.