| سعد خالد الرشيدي |
عندما تعتبر بعثة الصندوق الدولي تعافي أداء القطاعات غير النفطية في الكويت خلال عام 2012 جاء مدفوعا بنمو الاستهلاك، فإن الامر برأيي يبعث بالعديد من المخاوف التي يتعين على صانع القرار الوقوف امامها مليا، خصوصا مع مواصلة زيادة الرواتب والأجور من دون ان يكون في المقابل هناك قدرة حقيقية على تحسين بيئة الاعمال التي تكفل تغطية هذا الانفاق المتجذر.
بالطبع يعد الاتفاق على وضع الخطة الانمائية خطوة على الطريق الصحيح والعمل على تحسين بيئة الاعمال والمناخ الاستثماري وتعزيز النمو في القطاعات غير النفطية تعتبر أمورا حيوية مثلما اشار الصندوق، الا ان في الخلفية هناك الكثير من الخيارات العلاجية التي طرحت، ولكن ليس هناك اي شيء مؤكد حول إمكانية تنفيذها حتى الآن.
اعتقد ان ازمة الميزانية الأميركية التي رفعت معها عدد الاميركيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على اعانة البطالة الحكومية الاسبوع الماضي يدفعنا ولو من باب الفرضية إلى التفكير الجاد في تحسين هيكل الميزانية الكويتية، حتى لا نتعرض إلى ازمة اميركا مع فارق الشبه الكلي والجزئي، وبما يقود الكويت للعودة الى التنافسية والاستقرار المالي، وهذا بالطبع لا يتحقق الا بزيادة الانفاق الرأسمالي الفعلي دون مستوى اعتمادات الموازنة مع تنفيذ المشاريع الاستثمارية نتيجة حالة عدم اليقين السياسي.
أعتقد ان ما توقعه بيان بعثة الصندوق بأن يكون معدل التضخم المحلي مستقرا ليصل الى نحو 3 و3.5 في المئة خلال 2013 و2014 على الترتيب وتأكيد بيان البعثة استمرار الكويت في تحقيق فوائض مالية كبيرة بالموازنة العامة والحساب الجاري لتصل نسبتهما الى نحو 27 و39 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي على الترتيب، يتطلب منا تسريع اجراءات الاصلاح، وتحديدا في الجزء الذي يتعلق بزيادة وتيرة الانفاق الرأسمالي مايعزز القدرة على التعامل مع المخاطر النظامية التي يمكن ان تحدث في حال تضخم ميزانية المصروفات على حساب نوعية الدخل القومي.
وباعتبار انه لا يمكن التعامل مع الأمور بظاهرها يتعين ان تكون المناقشات حول المعالجات المطلوبة لتحسين بيئة الاعمال ومناخ التنافسية قائمة على مجموعة خطوات تضمن في البداية تحديد اولويات العلاج، لجهة القرارات الاولية اللازمة لدعم المنظومة الاقتصادية وتحويلها من مجرد منظومة ريعية إلى منظومة غنية بمعطيات مستمرة في العطاء.
وفي النهاية خلق موارد اضافية لأي اقتصاد من شأنه ان يمثل دعامة حقيقية في مواجهة الأزمات اما اقتصار الدخل على مورد وحيد فإن ذلك لا يؤدي الا إلى زيادة احتمالات تعرض الاقتصاد إلى مخاطر نظامية غير متوقعة لا سيما مع المشاكل الهيكلية التي تميز ميزانية الدولة.
ولذا من الضروري ونحن نبحث عن مشاكل المواطـــــنين وسبل حلحلتها الا ينسى صاحب القرار ان يضع على عاتقه مهمة تقوية الميزانية بالقدر التي تقدر على الاستمرار في دعم خــــطط تحقيق احلام تنمية المواطنين، لأنه من دون ضمانات استمرار وجود الفائض المكون على اسس مـــــالية ســـــليمة يصعب التكهن بمقدرة الدولة على الاستمرار في تنفيذ خطــــطها الرئـــيسية.
[email protected]