| منى فهد عبدالرزاق الوهيب |
إن بحث الإنسان الدائم عن كل ما هو أفضل، وسعيه للارتقاء بنفسه ومجتمعه للحصول على مزيد من المنافع أمر فطري، لكن لطالما واجه العوائق والعقبات النابعة من القصور الذاتي ومن انحطاط الثقافة الاجتماعية السائدة ومن فشل الحكومات في القيام بواجباتها، بالتأكيد سيحطم السدود والحواجز التي تعوق تقدمه.
ومن الأشياء التي يبحث عنها الإنسان لترتقي وتنتعش روحه العمل التطوعي، لأن حب الخير والسعي فيه من أهم ما يميز المجتمعات الحديثة اليوم، وهذا شيء يكمن في طبقة عميقة في عقيدة المسلم حيث إنه يوفر مورداً كبيراً للمثوبة والأجر، وحب المسلمين للخير ومساعدة الآخرين أمر خارج النقاش. لا يخفى على أحد أن مجتمعاتنا الإسلامية تشهد الكثير من التحولات العميقة الإيجابية والسلبية في العمل التطوعي وذلك بسبب التقدم المذهل في عالم البث والاتصال وانتشار الإعلام على نحو مؤثر جداً في بنية التفكير وفي بنية المجتمع، ومن هذه الأعمال التطوعية الجليلة العمل الحقوقي الذي يمتلك تراثاً ضخماً وتاريخاً عريقاً ومديداً وفق منظومة فقهية تتطلب منا فهم حيثيات وملابسات ذلك العمل العظيم، لنوجد ونختلق العلاجات التي تمدنا بالتحديات والإمكانات والتي تعرفنا على جذور العمل الحقوقي.
إننا في حاجة ماسة للعمل التطوعي الحقوقي من أجل القيام بأمر الله تعالى ومن أجل مواكبة العالم، ولهذه الخصائص والميزات التي قلما تجدها في مؤسسة مجتمع مدني وقع الاختيار على جمعية مقومات حقوق الإنسان ليكون العمل التطوعي الحقوقي جزءاً من حياتنا اليومية أو الأسبوعية، ولتكون «الجمعية الكويتية للمقومات الأساسية لحقوق الإنسان» لنا ولغيرنا صرحاً يعزز الثقة بالعمل الحقوقي، ويرسخ في المجتمع مبدأ الحقوق الإنسانية من أصولها الشرعية، فضلا عن أنه يزكي نفوس العاملين بالعمل الحقوقي لتتجاوز الحد في كثير من النواحي الأخلاقية والفكرية الإنسانية، ويخرجها من دائرة الشح والأنانية والدوران في فلك الذات، كما أن العمل الحقوقي مصدر مهم من مصادر الشعور بالتأنق الداخلي والرفاهية الشخصية، اللذين يساعدان المرء على تجاوز ما هو ضروري إلى ما هو واجب، ولا ننسى أو نتناسى في هذا السياق المردود الاجتماعي الهائل الذي يعود على المجتمع، إذ إن النسيج الاجتماعي يظل محتاجاً باستمرار للدعم والمساندة، وإن فعل الخير وقضاء حاجات الناس بالدفاع عن حقوقهم الإنسانية أيا كان عرقهم أو جنسهم أو مذهبهم خير وسيلة لتوعية وتنمية ثقافة حقوق الإنسان في المجتمعات الإسلامية.
إن وجود مؤسسات المجتمع المدني عامة والحقوقية منها خاصة، تشعر أفراد المجتمع بتقدمه وتحضره وخروجه من دائرة التخلف الحقوقي لطالما هناك فريق متطوع يبحث عن هموم الناس وحاجاتهم لإشباعها بوسيلة شرعية حقوقية إنسانية، وهم من يعملون أمام وخلف الكواليس لتحرير الناس من الكبت وتقييد الحريات، طريقنا بالعمل الحقوقي طويل وعقباته كثيرة، ولكن تظل جمعية مقومات تسلحنا بصبر لا يعرف النفاد وعزيمة لا تعرف الملل ولا الكلل، وإن أردنا الإجابة عن سؤال عنوان مقالنا «لماذا المقومات؟!» سنجيب بكل وضوح وشفافية لكل ما سبق.
[email protected]
twitter: @mona_alwohaib