د. وائل الحساوي / نسمات / أيهما أفضل... الحج أم الصدقة؟!

1 يناير 1970 01:32 ص
كلما اقترب موعد الحج إلى بيت الله تعالى ورأينا ملايين البشر تشد الرحال لتصل إلى بيت الله الحرام وهي تلبس ملابس الإحرام وتلبي بالحج، تفطرت قلوبنا شوقاً إلى الوصول إلى تلك البقعة المباركة لاسيما مع عظيم الأجر المترتب على أداء فريضة الحج وسهولة الوصول إلى مكة المكرمة وأداء تلك المناسك.

وفي كل عام يكثر النقاش حول الأفضلية لمن حج الفرض، هل يكرر الحج مرة أخرى أم يكتفي بحجة ويتبرع بنقود الحج للمشاريع الخيرية؟!

ولو رجعت إلى رأي غالبية أهل العلم لوجدت بأنهم يرون الأفضل في الاقتصار على الفرض وبذل مال الحج في الإنفاق على الأبواب المهمة كالجهاد في سبيل الله والصدقات وغيرها، وهو ما أفتت به اللجنة الدائمة للعلماء في السعودية برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - والبعض يرى أن يكتفي الإنسان بالحج التطوعي كل خمس سنوات مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن عبداً أصححت له جسمه، ووسعت عليه في المعيشة، يمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إلي، لمحروم».

لكن ينبري فريق آخر ليرد على هذا الكلام بالاستدلال على أنه لن يزيد ذهابه إلى الحج من المشقة على الناس لأنه لايزاحمهم أصلاً، وأنه بحاجة إلى المغفرة الكبيرة المترتبة على الحج كما هم محتاجون لذلك.

كما يستدل هؤلاء بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة».

كم نحن محظوظون في الكويت، إذ لا يتطلب منا الحج أكثر من عزم ولو في آخر الأيام، والتسجيل في حملة دون الحاجة إلى فيزا أو موافقة السلطات، ولكني أشعر ببعض تأنيب الضمير عندما أرى تلك التحذيرات المتكررة للحكومة السعودية ومطالبتها للناس بتأخير الحج أو عدم تكراره في هذا العام، ثم أرى ساحة الحرم الشريف وقد اكتظت بمئات الآلاف من البشر الذين جاؤوا من كل حدب وصوب لأداء مناسك الحج، وقد يكون أكثرهم لم يحصل على هذه الفرصة إلا هذا العام، ثم نقوم بمزاحمتهم مهما كانت التبريرات!!

وإذا كان حج التطوع مرغّباً فيه لكن مجال عمل الخيرات في الإسلام كبير جداً، حتى ولو تبرعنا بنقود الحج لآخرين لم يحجوا وأناس لا يمكنهم الوصول إلى بيت الله الحرام بسبب الفقر والحاجة!!

وقد ذكرت لكم سابقاً قصة قصها عليّ أحد الاخوة العاملين في مجال الدعوة الإسلامية بأنه شاهد في الحج رجلاً عجوزاً قد اهترى جسده من مرور السنين، رآه يبذل جهداً غير عادي لأداء المناسك ويبكي بمرارة، فسأله عن سبب حماسه غير الطبيعي، فأجاب بأنه من الهند، وأنه قد كان يسأل الله تعالى منذ الصغر أن ييسر له حج بيته الحرام لكن الفقر والفاقة منعاه من ذلك، ويقول: «عندما وصلت إلى أرذل العمر واستيأست من إمكانية الحصول على وسيلة لأداء مناسك الحج، اتفقت مع زوجتي على أن نبيع بيتنا الوحيد بمبلغ زهيد لكي أتمكن من الحج، ثم جئت إلى هذه البقاع وأنا في قمة الشوق لتأدية هذا النسك».

يقول هذا الداعي إلى الله بأنه قد أخرج من جيبه المبلغ الذي باع به ذلك الحاج بيته وطلب منه إكمال حجه ثم العودة لشراء بيت جديد.

ألا يدلنا ذلك على أهمية الحج لدى غالبية المسلمين وأن نحمد الله تعالى أن يسر لنا أداء ذلك المنسك العظيم بسهولة ويسر؟!





د. وائل الحساوي

[email protected]