على صدر الصفحة الأولى من جريدة «الراي» عدد الأحد 6 أكتوبر 2013 قرأت ما كشفه النائب الدكتور علي العمير حول وزراء طلبوا اعفاءهم من مناصبهم وفوق التصريح مصادر نيابية «الشمالي قد يكون من الراغبين في ترك العمل الحكومي»، وأسفله النائب النصف «على الوزراء ادراك أن معظم الاستجوابات في مصلحتهم وليس ضدهم»... انتهى المضمون الذي شد انتباهي لكتابة هذا المقال.
كنت قد ذكرت في مقال سابق ان عبارات مصدر نيابي، مصادر موثوقة، ومصدر رفيع المستوى لا ارغب في قراءتها لأنني على المستوى الاحترافي أعتقد بأن العبارات هذه تؤكد غياب الشفافية في تناولنا الرأي والرأي الآخر... فالمسؤول الذي يخشى التعبير صراحة عن رأيه لسبب أو لآخر يجب عليه التزام الصمت أفضل له!
وبالنسبة لوصف النائب النصف الاستجوابات بأنها في مصلحة الوزير المستجوب فهو منطق دستوري لا يختلف عليه اثنان، فالاستجواب أداة دستورية تستغل لكشف الخلل الذي وقع فيه الوزير من خلال ما تعرضه محاور الاستجواب ومن يجزع من الاستجواب لا ينبغي عليه دستوريا القبول بالمنصب الوزاري وان كان البعض ذهب لوصف بعض الاستجوابات السابقة بأنها أخذت الطابع الشخصاني فهذا وان كان كذلك فالنواب والمتابعون من رجال السياسة يستطيعون تأكيده بعد جلسة الاستجواب!
لا يخفى على الجميع طبيعة الوضع السياسي... بين من «يدني القرص صوبه» وبين من «يغسل أو يلحس» رأيه بقناعة منه متذبذبة أو برأي يوحى اليه من بعد... والصراعات بين الأجنحة السياسية لعبت دورا في تشويه الممارسة الديموقراطية!
ان العمل الوزاري والنيابي.. عمل مشترك فيه نصح وتوجيه ومراقبة من كل طرف ينتمي للمجموعة (مجموعة الحكومة وزراء ومجموعة مجلس الأمة الأعضاء)، ولو فرضنا جدلا أن المشاركة معمول بها فسيجد فريقا العمل تجاوزات لا علاقة لهما بها!
هذه التجاوزات فرضتها قاعدة العمل في الجانب الحكومي... فكل وزارة تعمل بمنهجية خاصة وضعها قياديون لا يملكون القدرات القيادية من فكر استراتيجي ورؤية وممارسة مجردة من المصالح الضيقة وكثير منهم متأثر بقوة «الواسطة» و«النفوذ» بأنواعه، ولهذه الأسباب أعتقد بأن نظرية 80-20 قد طبقوها على ادارة شؤون البلد بمعنى أن 80 في المئة من القضايا المتسبب فيها قياديو المؤسسات و20 في المئة منها أو في بعض الأحيان لا تتعدى 10 في المئة يعود سببها للقيادي السياسي (الوزير)!
لذلك، نجد الأمور وان توقعنا لها الحل تعود بنا «حالة التيه القيادي» و «الواسطة» الى المربع الأول وأعتقد بل أجزم بأن غياب «المكاشفة» هو من خلق هذه الحالة التي تميزت بها الكويت عن سواها من البلدان!
المطلوب واضح عنوانه «القضاء على الفساد الاداري وتحقيق التنمية البشرية قبل غيرها»، ونضيع في تطبيقه تحت تأثير ما ذكرناه في الفقرة السابقة، وفي العموم تبقى الأحلام التنموية تعتمد على قدرتنا على القضاء على الواسطة المتسببة في أوجه الفساد بما فيها الفساد المعنوي، اضافة الى وجوب قبولنا بمبدأ المكاشفة لمعرفة مستوى قياديينا، وان لم يتحقق هذان الشرطان فسنظل في محيط المصادر المجهولة نبحث عن مخرج تنموي و... والله المستعان!
د. تركي العازمي
Twitter : @Terki_ALazmi
[email protected]