اسيل سليمان الظفيري / إنارة / المزعجون

1 يناير 1970 06:58 ص
| أسيل الظفيري |

لكل منا نظرته في تفسير الأمور، ويرجع هذا التفسير إلى الحالة الشعورية وقت الحدث والخلفية المعرفية للشخص، وأكثر ما يزعج المربين داخل بيوتهم عندما يكون مصدر الانزعاج هم الأبناء، والسبب هو عدم ارتقاء الأبناء لطموح الوالدين، فالمربون يطلبون من أبنائهم أن يحققوا لهم أحلامهم التي يحلمونها فيهم، مما يعطي للوالدين رضا عن أدائهم تجاه أبنائهم ويزيدونهم بشعور الزهو والفخر. ولكن تصرفات الابناء المزعجة قد تعطل هذا الشعور، فنحتار نحن معشر المربين في تفسير سبب هذا الإزعاج، وهذه الحيرة تسبب لنا الارتباك بردود الأفعال وطريقة الانفعال، يفسر البعض هذه التصرفات على إنها تحدٍ لسلطة الوالدين، وهذا التفكير ينشأ عند المربي الذي يحط من شأن نفسه لمستوى الابن فيكون نداً له كقول المربي «ولدي يتحداني أو يعاندني»، فيتنازعان على السلطة بينهما، والمنتصر من كانت له الكلمة الأخيرة، أما المربي الواعي ذو القدر العالي الذي يعرف مسؤولياته وصلاحياته، يحسن تفسير تلك التصرفات بما يملكه من علم عن سمات المرحلة التي يتعامل معها، ودراية بأساليب تمكنه من ضبط الموقف لصالح الطرفين.

واجب المربي أن يشبع عند أبنائه في كل مراحلهم الحاجات الأربع، الحاجة للحب والانتماء، ذلك بان يشعر الابن بأنه محبوب دون قيد أو شرط، وإشباع هذه الحاجة يتم إذا أطمأن الابن انه محبوب بكل حالاته أفضلها وأسوأها، والحاجة الثانية هي الحاجة للتقدير، وذلك بالمدح والذكر الحسن له بالمجالس واحترام هواياته التي تمثل بالنسبة له جزءاً من كيانه، وذلك بأن يكنى بصفاته أو بهواياته مثل يا خطاط أو يا راقٍ أو يا نبيه، كما كان يفعل سيد الاخلاق صلى الله عليه وسلم، فنحن نعرف صفات بعض الصحابة حتى قبل أن نقرأ سيرهم، فهذا صديق وهذا فاروق وهذا أمين الأمة تعزيزا لصفاتهم ومدحا لها، أما الحاجة الثالثة فهي الحاجة للحرية، وهذه منطقة شائكة عند كلا الطرفين، هنا يجب ان يعرف المربي أولا ما هي مناطق حرية الابن ويحترمها ولا يتدخل فيها مخافة أن يقع بالخطأ، على أن تضبط الحرية طبعاً بضابط شرعي ومجتمعي، أما الحاجة الرابعة هي الحاجة للترويح، أي الحياة المريحة التي تضمن له مساحة يستطيع أن يمارس من خلالها محبوباته، والسؤال ماذا نتوقع من الابن عندما ينقص عنده إشباع إحدى هذه الحاجات؟ المؤكد أنه سيشعر بالانزعاج، ويبدأ بإشباع حاجاته بأي طريقة كانت، ويتساوى عنده الصواب والخطأ، لأنه يهدف لتحقيق هدف الاشباع الذي حُرم منه بغض النظر عن كل المعايير والضوابط، فيكون التمرد بقدر نقص الحاجة، وإصراره على إزعاجك هو إصرار على إشباع حاجته حتى لو كان الثمن إفساد علاقته بك، اذن هم لا يتحدون أحدا، لكنهم يبحثون عن التوازن، ومن منا لا يريده؟!

أخيرا نقول إن كان هذا المقال أثار في نفسك أسئلة محيرة عن سلوك أبنائك أو طلبتك إن كنت معلما، فأهنئك على هذا، لأن هذه بداية مشوار اكتشاف ما ينتظره أبناؤنا منا، والأمانة التي سيسألنا عليها ربنا يوم العرض الأكبر.



AseelAl-zafiri@