جاء قرار مجلس الوزراء رقم 412 الصادر في 29/ 1/ 2013 كوقع الصاعقة على الكثير من الكويتيين الذين ينص القرار على احالتهم للتقاعد متى بلغ عدد سنوات الخدمة لاحدهم 30 سنة، وسبب استياء الكثيرين من ذلك القرار هو:
أولاً: لقد كان الجدل يدور حول الاشخاص الذين يقضون سنوات طويلة في مناصب قيادية ولا يستطيع المسؤولون ابعادهم عن تلك المناصب ما اضطر الحكومة الى اختراع وسيلة لاحالتهم الى التقاعد، ثم تحول الموضوع الى احالة شاملة لكل من قضى 30 عاماً في الخدمة حتى ممن لا يشغلون منصباً قيادياً!
ثانيا: ان هذه الاحالة للتقاعد عشوائية وانتقائية ولن يتم تطبيقها على الجميع بدليل ان هنالك كثيرا من القيادات التي مر عليها اكثر من 40 عاماً ولم يتكلم عنها احد او يجرؤ احد على احالتها للتقاعد فلماذا يأتون على المساكين الذين يؤدون وظائفهم بإخلاص ليجبروهم على التقاعد؟!
ثالثاً: كثير من الموظفين قد بدأ حياته الوظيفية صغيراً (20 سنة على سبيل المثال) لذا فإن احالته الى التقاعد في سن 50 سنة قد يقضي على طموحاته في الانجاز وهو لايزال في قمة عطائه، وقد يكون محتاجاً لفرق الراتب عن المعاش التقاعدي لالتزامات اسرية كثيرة لاسيما وان البنوك «لا تعطي وجه» للمتقاعدين ولا تسهل عليهم الاقتراض!!
رابعاً: لماذا لم نسمع عن تطبيق هذا النظام الغريب في دول العالم التي لديها اكتظاظ في السكان واحوال معيشية صعبة بينما نراه مطبقاً في الكويت التي تعاني من قلة اعداد السكان مقابل دخل مالي متضخم؟! بل لماذا يتم انتقاء فئات من العمالة مثل الاطباء ومدرسو الجامعات لرفع سن التقاعد لديهم الى 75 عاماً بينما مدرسو التعليم العام والوظائف الأخرى التي لا تقل اهمية عن تلك المهن يتم اقتلاعهم رغماً عن انفهم بتلك القرارات الجائرة؟!
خامساً: لماذا يتم تقديم الاغراءات والرواتب التقاعدية والمكافآت لبعض المهن لتشجيعهم على التقاعد بينما يتم اجبار الآخرين على التقاعد رغماً عن انفهم؟! ولماذا تتسابق الكويت على استقدام الملايين من العمال من الخارج للعمل لديها بينما تبادر الى التخلص من ابنائها بحجة تجديد الدماء؟!
وأنقل هنا ما ذكره الخبير الدستوري الدكتور محمد المقاطع في جريدة القبس 19/ 7/ 2013 عن ذلك الموضوع والذي يعتبر بأن تلك الاحالة الى التقاعد من دون موافقة الموظف تعتبر اخلالاً وهدراً لضمانات الموظف الوظيفية ويرى بأن القضاء سيبطل ذلك التوجه اذا ما توجه المتضررون الى رفع القضايا على الحكومة:
«وفي ضوء ذلك فان التوجه الذي تبنته الدولة في شأن احالة الموظفين الذين يكملون ثلاثين سنة في الخدمة الى التقاعد، قبل ان يبلغوا سن التقاعد المقررة بنصوص قانون التأمينات الاجتماعية، قسراً عنهم فان ذلك يعد اهدارا لضمانة حق الموظف في الالتحاق بالعمل واستمراره فيه ما دام يؤدي عمله الوظيفي بصورة صحيحة وملتزمة بكل ما يفرضه عليه القانون في ادائها، وتعد مثل هذه الحالة ضرباً من ضروب الاخلال والاهدار لضمانات الموظف الوظيفية وخروجاً على احكام الدستور، وتحمل في ثناياها عقوبة تأديبية مبطنة للموظف على الرغم من انه لم يفعل شيئاً يستحق معه العقوبة، خصوصاً ان في ذلك اعتداء على دخل الموظف المالي ومعيشته، حيث ان تلك الاحالة تؤدي الى استيلاء قسري من قبل الدولة على الفارق بين مرتبه الشامل ومرتبه التقاعدي الذي اصبح يتقاضاه بقرار من تلك الادارة الحكومية وليس باختياره وهذا فيه اخلال بالمادتين 20 و48 من الدستور، فضلاً عن المادتين 26 و41 اللتين سبقت الاشارة اليهما.
وعليه فان مثل هذا القرار وهذه التصرفات من قبل الدولة تعني الاضرار بالمراكز القانونية الذاتية والمستقرة للموظفين العموميين دون ان يكون ذلك قائماً على سند من القانون او احكامه، حري بأن يتم التعامل معه على انه ضرب من ضروب الخروج على المشروعية القانونية باطارها الدستوري، جدير بالالغاء من قبل القضاء».
د. وائل الحساوي
[email protected]